البعوضة تدمي مقلة الأسد ..!…محمد العولقي | الرياضة نت
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On YoutubeCheck Our Feed

البعوضة تدمي مقلة الأسد ..!…محمد العولقي

يعجبك المنتخب اليمني للكبار في أنه دائما عند مواقفه الهادفة إلى وأد الفرحة.. وكأن بينه وبين الجمهور اليمني ثأر صعيدي يذكرك بذلك الرجل الذي طلعت روحه، ثم خبطتها طيارة بصورة لم تقنع أحدهم أنه مات، على رأي الصعايدة الذين وصلوا، يعجبك في منتخب الكبار أنه منتخب عنيد( أحمر عين)، ويهوى مخالفة التوقعات مهما كان مصدرها أو حجمها، فهو عندما نشف دماغه وخسر أمام منتخب سنغافورة المغمور بصورة توجع القلب وتدمي العيون التي في طرفها حور، كان في الواقع يخرج لسانه لي ولأمثالي من الذين راهنوا على أن اليمن لن تهزم حتى لو تعاقد ذوو العيون الضيقة مع الحظ والكوابيس ووساويس إبليس ..

لا أدري لماذا يعكنن المنتخب الأول على مزاج الجمهور اليمني، كلما رسم الصغار ابتسامة على الوجوه البائسة الحائرة، دخل الكبار على الخط فأفسدوا الفرحة ولياليها الملاح، وكأنهم مستكثرون دخول الفرحة إلى قلب جمهور غلبان بات الفرح عنده من رابع المستحيلات بعد الغول والعنقاء والخل الوفي ..

هزيمة منتخب اليمن أمام سنغافورة في البحرين يستعصي علي هضمها، بحثت عن كباش فداء نقدمهم للمحرقة قبل أيام على انطلاق الحدث الخليجي الكبير، فاكتشفت أن الكباش على قفا من يشيل، دخل منتخب اليمن المباراة منتشيا بالأبواق الإعلامية التي صورت له أن مواجهته مع سنغافورة في الجيب وأن المنتخب الذي هزم فلسطين يستطيع انتزاع النقاط الثلاث وهو يضع رأسه على النمارق المصفوفة، حتى المدرب الوطني سامي نعاش سار هو الآخر خلف تلك الأبواق، خدعته طبول التهليل ولم يلتفت لخطورة أن تلعب وأنت غير مستفز، تجاهل الإعداد النفسي، ثم ترك الغرور والثقة العمياء تسري في عروق لاعبيه، فكان من الصعب إعادتهم إلى الواقع إلا بانتكاسة مروعة لا تخطر على بال إبليس نفسه ..

تساهل لاعبو اليمن في خضم الإشادات الملونة والوعود المدونة بمنتخب سنغافورة، استصغروه، ربما أيضا احتقروه، نسي اللاعبون حكاية البعوضة التي أدمت مقلة الأسد، كانت النتيجة أن البعوضة لقنت الأسد درسا في التفاني وفي اللعب على نرجسية لاعبيه، معذرة كابتن سامي لأول مرة أرى المنتخب تحت قيادتك فاقدا للشهية، ضائعا على موائد اللئام، لم أفهم خطتك، ولم أستطع فك رموزها، لأن كل ما فيها مجرد ركض وهرولة إلى المجهول دون وعي أو هدف محدد، لا أدري في أي منفى يعيش المهاجم الفولكلوري محسن قراوي، الوحيد الذي تسكن بوصلة المرمى قدميه، كثرت عنه الشائعات الطائرة والزاحفة، هناك من يقول إن جهات عليا في اتحاد الكرة تخلت عن خدماته لأسباب تتعلق بالميول السياسية، وهناك من يقول إن الغيرة العمياء تسببت في تجميد عضوية قراوي إلى أجل غير مسمى، على خلفية مكافأة خاصة نالها بعد هدفه السينمائي في مرمى المنتخب السعودي، رفض توزيعها أو مقاسمتها مع أسماك القرش في المنتخب ..

كلام كثير حول اختفاء محسن قراوي، الهداف الأول للمنتخب، لم تفرملها حكاية الإصابة الشماعة التي تخفي عيوبنا دائما، والتي باتت موضة قديمة في زمن وسائل التواصل الاجتماعي، الأصل يا سامي أن المنتخب بدون المهاجم محسن قراوي مثل الأعمى الذي يبحث عن خرم إبرة المرمى في كومة من القش، كابتن سامي، شاهد الهدف الأول في مرمى سالم عوض، انظر في تموضعات لاعبيك الخاطئة، وفي شرودهم الذهني، ثم دقق في المشهد التالي الذي يؤكد أن الفوضى والارتجال سيدا الموقف أمام سنغافورة : ركلة ركنية لسنغافورة، المدافع أحمد الصادق يصرخ للاعب بعيد عنه بلا مناسبة وكأنه في فرزة سيارات، لم يكن تركيزه على اللاعب السنغافوري، وصلته الكرة (بارد مبرد) فأسكنها فسيح شباك سالم عوض، والصادق لازال مشغولا بالحديث مع زميل بينه وبينه كيلو.

تصور الكابتن سامي نعاش أن لاعبه أحمد السروري مثل ليونيل ميسي، يمكنه أن يؤدي دور السوبر مان في كل مركز، وعلى هذا المبدأ تم إشراك السروري مهاجما (رأس حربة في المصطلح القديم )، فلم نشاهده البتة، وبدلا عنه شاهدنا مدافعي سنغافورة يلعبون بكل أريحية، لا ضغط ولا هم يحزنون ..

لماذا لم يشرك عماد منصور مهاجما بدلا من الابتكار بعيدا عن الجودة ..؟

وأتساءل .. هل فعلا أحمد السروري لاعب محترف في أوروبا أم أنه مجرد مغترب على باب الله ..؟، ستوب من فضلكم، لا تفهموني غلط، إنه مجرد تساؤل عادي من وحي أن هذا اللاعب نسخة طبق الأصل من اللاعب الذي كان يركض في ملاعب اليمن قبل الحرب، أي أننا لم نشاهد طفرة جديدة أو تطورا تقنيا يدعم عقلية الاحتراف ..

سامي النعاش

بالطبع يا كابتن سامي، اللاعب الشاب أحمد السروري ليس (كيمو) الجاهز، ولا يمكنه أن يكون حلالا لعقدة الهجوم لمجرد أنه يلعب في دوري الدرجة الثالثة بجمهورية التشيك ( هذا إذا كان يلعب والله أعلم بحاله)، نظرية حقل التجارب فاشلة دائما، ليست فلسفة، ليست نظاما طارئاؤ لهذا كان التعالي على المنافس المحدود القدرات فنيا تكتيكيا خطأ فادحا، بالتأكيد يسأل عنه المدرب والإداري المناوب والفنيون الذين نراهم عند الانتصار مثل زبد البحر، وعند الفشل يسلكون سلوك الملح الذي ذاب..

نظرة سطحية لمنتخب اليمن أمام سنغافورة نستخلص ما يلي :

– لاعبون في واد.. وتوجيهات المدرب في واد آخر

– فوضى فردية عارمة، ولا أثر للعب الجماعي المتوازن .

– خط دفاع مفكك يسهل اختراقه من العمق ومن الرواقين

– خط وسط ضائع تائه، يلعب لعبا عشوائيا دون أية بادرة للانضباط.

– هجوم انفعالي عقيم للغاية، والسبب أن النعاش تخلى عن الخلطة التي كانت تنقذ المنتخب في الأزمات.

– حيرة واضحة في خط الهجوم، مرة عبدالواسع المطري مهاجم في العمق، ومرة على الرواق الأيمن، ومرة أحمد السروري مهاجم، ومرة على الرواق الأيسر.

– عمر الداحي هو الآخر، مرة في اليمين ومرة في العمق.

– تجسيدا للفوضى غير الخلاقة، شاهدنا قلب الدفاع أحمد الصادق مهاجما معظم فترات الشوط الثاني، في لقطة تؤكد أن الارتجال كان الطاغي على حساب التوازن.

– حتى خط الوسط ظل طوال المباراة يركض بلا وعي، كان ناصر محمدوه نسبيا أفضل حالا من الآخرين.

– أحمد ماهر، لاعب يمكن أن يكون إضافة منعشة لخط الوسط الهجومي، شريطة أن يكون محميا بجدار عازل من محوري الارتكاز..

– لعب منتخب سنغافورة على نفسيات لاعبي اليمن المتعالية، ثم حرك آلياته على أخطاء الوسط والدفاع، سجل هدفين، وكادت الغلة تتضاعف أكثر من مرة.

– كانت عقول لاعبي اليمن مشغولة بالمكافآت وخلافه، وهنا يتحمل المسؤولية كاملة ذلك المسؤول السمين الذي زار اللاعبين وزغلل عيونهم بالدولار الأخضر.

– دخل منتخب اليمن بعقلية هجومية ولم يراع النعاش التوازن في الخطوط.

– اللعب الارتجالي البعيد تماما عن الانضباط خلق فوضى فردية، وهذه الفوضى تحولت بعد الهدف الأول إلى تسرع و تشنج، لكم أن تراقبوا انفعال الحارس سالم عوض على الحكم بعد نهاية المباراة، حتى أنه رفض أية تهدئة من مدربه ( لقطة تؤكد أن الإعداد النفسي للاعبين كان غائبا).

طوى منتخب اليمن ملف مباراته مع سنغافورة بكل مرارتها وآثارها المزعجة، وعلى سامي نعاش مذاكرة الدرس جيدا قبل الدخول إلى قاعة امتحان خليجي 24 بالدوحة..

لاشك أن منتخب اليمن اختار السيناريو الأسوأ أمام سنغافورة، فهو يرحل إلى الدوحة محملا بشك كبير في مقدرة اللاعبين على الصمود في بطولة هم الحلقة الأضعف فيها، ولا أمل لهذا المنتخب كي يتجنب الكارثة الخليجية سوى سرعة إعادة التوازن النفسي من جديد، ثم اللجوء إلى أنشودة والله زمان يا سلاحي، أقصد الحماس والقتال داخل الملعب في محاولة للحفاظ على لقب منتخب أبو نقطة،

على منتخب اليمن ضرورة الثبات في وجوه قطر والإمارات والعراق، لأن النتائج الكارثية قد تصيب الجمهور اليمني بالصلع قبل نهاية خليجي 24، وكل خليجي وشعرك أيها المشجع اليمني الغيور على سمعة البلاد والعباد على خير ما يرام ..!

 

التصنيفات: ميادين