السيناريوهات القاتلة ليست بالضرورة أن تكون على هيئة أهداف، تأتي في الدقائق الأخيرة، فيمكن القول إن خسارة الألقاب في الرمق الأخير بعد سلسلة من المحاولات والأحلام، تعتبر من ضمنها أيضا.
النصر الذي يضم بين صفوفه، نخبة من ألمع النجوم، وعلى رأسهم الأسطورة البرتغالي كريستيانو رونالدو، يعيش واحدة من أتعس اللحظات، وذلك بعد سلسلة من النتائج المخيبة التي حققها خلال الموسم الجاري.
أحلام وردية
بدأ النصر موسمه بصورة سيئة، بعد خسارة لقب السوبر المحلي على يد الهلال في النهائي (1-4)، ومن ثم التعادل في 3 مباريات، بواقع جولتين من دوري روشن، ومباراة ضد الشرطة العراقي في مستهل مشوار نخبة آسيا.
وتسبب ذلك في إقالة المدرب البرتغالي لويس كاسترو، وتعيين الإيطالي ستيفانو بيولي، الذي ظهر بصورة مثالية في بداية المهمة، لدرجة أن الجماهير بدأت ترسم طموحات وأحلام وردية.
بيولي استطاع تحسين الجانب الدفاعي الذي كان يعاني منه النصر مع كاسترو، بسد الفراغات وتقارب جميع الخطوط، بالإضافة للخروج بهجمات مرتدة، فضلا عن تحسين مستوى السنغالي ساديو ماني وتطوير وسط الملعب مع واجبات جديدة لرونالدو.
ومع تحسن النتائج آسيويا ومحليا، تعاقد النصر في الميركاتو الشتوي الماضي، مع المهاجم الكولومبي جون دوران، الذي ظهر في بداية الأمر، بصورة مثالية، وسجل ثنائية في شباك أهلي جدة، رفعته على الأعناق.
كل هذه الأمور، جعلت الجماهير تتوقع بأن النصر يمكنه تحقيق لقب واحد على الأقل، وإن كانت هناك بعض الأصوات التي انتقدت أسلوب لعب الفريق.
واقع أليم
تذبذب المستوى خلال النصف الثاني من الموسم، وعادت الأخطاء الدفاعية للظهور من جديد، مع تراجع مردود بعض اللاعبين، وخاصة الثنائي الدفاعي إيميريك لابورت ومحمد سيماكان.
فضلا عن هبوط غريب في مستوى جون دوران، الذي أهدر العديد من الفرص المحققة، بالغياب عن التسجيل في آخر 5 مباريات على التوالي بدوري روشن.
دوران ليس الوحيد الذي أهدر مجموعة فرص محققة، فكان لرونالدو، بعض المشاهد الكارثية وآخرها في مباراة كاواساكي الياباني بنصف النهائي الآسيوي، وهو نفس الحال لدى ساديو ماني.
وكان من المتوقع أن يظهر النصر بشراسة كبيرة في جميع المسابقات التي يخوضها، إلا أن المردود البدني بدأ في الانخفاض مع قلة التركيز والرغبة في تحقيق الانتصارات، لتصطدم الجماهير بواقع أليم.
سيناريوهات قاتلة
يعتبر ما حدث للنصر خلال الموسم الجاري، بمثابة السيناريوهات التي قتلت جماهيره، بعد سلسلة من الأحلام والمحاولات التي اتسمت بالقوة في بداية الأمر، ولكنها تراجعت في الجزء الأهم من الرحلة.
وبالنظر لنتائج النصر، نجد أنه تعرض للعديد من الهزائم والتعادلات الصادمة، والتي بدأت بالسقوط في فخ الخلود بالجولة الثامنة (3-3)، ثم توديع ثمن النهائي الكأس بعدها مباشرة، بالخسارة ضد التعاون (0-1)، مع إهدار رونالدو لركلة جزاء بالوقت القاتل.
وفي الجولة التاسعة، واجه النصر، جاره الهلال، وكان متسيدا للمباراة طولا وعرضا، حيث تقدم بهدف، ولكنه سقط في فخ التعادل (1-1)، بعدما سجل الصربي سيرجي ميلينكوفيتش سافيتش، هدفا قبل 13 دقيقة من النهاية.
وبدأ النصر، ديسمبر/كانون أول الماضي، بهزيمتين قاتلتين، حيث سقط على أرضه امام السد القطري (1-2) بالدقيقة التاسعة من الوقت بدل الضائع في النخبة، قبل أن يتكرر السيناريو أمام اتحاد جدة بالجولة 13 من الدوري.
وسقط “العالمي” أمام الاتفاق (2-3) في الجولة 21، بسيناريو غريب الأطوار، حيث تسبب مدافعه محمد آل فتيل، في هدف بالإضافة لهز شباك فريقه بهدف عكسي، ثم سجل الهولندي جورجينو فينالدوم هدف الفوز بالدقيقة 89.
وفي الجولة 28، تأخر النصر أمام القادسية، بهدف نظيف، سجل ماني التعادل بالدقيقة 84، ولكن الصدمة هو تقدم الخصم بعد 3 دقائق فقط عن طريق الجابوبي بيير أوباميانج، ليخسر 3 نقاط جديدة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث تلقى صدمة الخروج الآسيوي، رغم التوقعات التي كانت تشير لتأهله إلى النهائي، ولكنه خسر أمام كاواساكي (2-3)، ليتبخر الحلم القاري.
واكتملت السيناريوهات الصادمة، بخسارة غريبة ضد الاتحاد، أمس الأربعاء، بالجولة 30، حيث تقدم بهدفين في الشوط الأول، ولكنه استقبل ثنائية سريعة بعد مرور 7 دقائق فقط من النصف الثاني، قبل أن يتمكن الجزائري حسام عوار من تسجيل هدف فوز العميد في الدقيقة (90+7).
مهب الريح
كل هذه السيناريوهات وهبوط مستوى اللاعبين، مع عودة الأخطاء الدفاعية، فإن النصر أصبح في مهب الريح، فمن المتوقع أن تشهد الأيام القليلة المقبلة، صدور عدة قرارات إدارية.
البداية ستكون إقالة بيولي بنسبة كبيرة، بعد فشله في التعامل مع بعض النجوم، وآخرهم لابورت، الذي لا يحظى بعلاقة جيدة معه، وترتب على ذلك، ابتعاده عن المباريات.
فضلا عن إقالة الإسباني فرناندو هييرو المدير الرياضي، مع إمكانية رحيل بعض النجوم، بسبب الفشل في حصد الألقاب للموسم الثاني تواليا.
الأزمة الكبرى تكمن في إمكانية رحيل رونالدو، رغم التقارير التي أشارت إلى توصل الطرفين لاتفاق حول التجديد، حيث أن الصدمات التي تعرض لها النادي، لا تتناسب مع طموحات النجم البرتغالي.
وعلى المستوى الفردي، نجح رونالدو في تقديم مستويات مثيرة، إذ توج هدافا للدوري السعودي بالنسخة الماضية (35)، ويتصدر الترتيب حاليا برصيد 23 هدفا، لذا فإن الأزمة ليست في “الدون” بل في العقلية وشخصية الفريق نفسها.
وبالتالي، فإن الفريق النصراوي دخل في نفق مظلم، حيث بات من الصعب تحقيق لقب الدوري، بعد اتساع الفارق مع الاتحاد المتصدر إلى 11 نقطة، فضلا عن إمكانية خسارة مقعده الآسيوي بالموسم المقبل، بعد التراجع للمركز الرابع.