البرتغاليان فيتينيا وجواو نيفيز والإسباني فابيان رويس… جدد هذا الثلاثي الساحر لباريس سان جيرمان الفرنسي بطل أوروبا سيطرته على خط الوسط، مع انطلاقة كأس العالم للأندية في كرة القدم المقامة حاليا في الولايات المتحدة، بعد أيام معدودة من إخضاع أوروبا.
لسوء حظه، كان أتلتيكو مدريد الإسباني أول من أمسك كرة النار، في ظل درجة حرارة بلغت 40 درجة مئوية تحت أشعة الشمس عند ظهيرة الأحد بتوقيت لوس أنجلوس، فسحقه سان جيرمان برباعية نظيفة أظهرت بشكل يوضح الفجوة الفنية الكبيرة بين الفريقين.
وهذا ما دفع بمدرب “روخيبلانكوس” الأرجنتيني دييغو سيميوني للتحسّر بعد المباراة قائلا إن بمقدور سان جيرمان إبرام صفقات كبيرة متى يشاء، بالدلالة على الجورجي خفيتشا كفاراتسيخيليا القادم خلال الميركاتو الشتوي مقابل 70 مليون يورو.
لكن الأهم من ذلك هو الدور المحوري الذي أداه لاعبو الوسط الثلاثة. حتى أن فيتينيا ألمح مازحا “أعتقد أن الأمر كان أصعب قليلا على أتلتيكو، لأنهم لا يمتلكون الكرة، وكان صعبا عليهم الركض خلفها” في ظل درجة الحرارة العالية.
هيمن فريق العاصمة الفرنسية على الكرة بنسبة لامست الـ 75 في المئة من الوقت. وفي ظل استراتيجية أتلتيكو الدفاعية بشكل شبه دائم، سيطر فيتينيا ورويس ونيفيز على الملعب بفضل مهاراتهم الفنية (بلغت نسبة دقة تمريراتهم الـ 95% أو أكثر لكل منهم) ورؤيتهم الثاقبة، وضغطهم لاستعادة الكرة عند الحاجة. كما سجل رويس وفيتينيا هدفا لكل منهما.
سح ها المزيج من الصفات للثلاثي بالسيطرة على الوسط في جميع مباريات فريق العاصمة تقريبا هذا الموسم، بما فيها المباريات الكبيرة التي خاضها على مستوى قارة أوروبا، من ليفربول الانكليزي إلى مواطنه أرسنال مرورا بإنتر الايطالي الذي ألحق به هزيمة ساحقة في نهائي دوري أبطال أوروبا بخماسية نظيفة.
– الإيقاع –
في تشرين الثاني/نوفمبر، وقبل المباراة التي يمكن وصفها بنقطة التحول ضد مانشستر سيتي الانكليزي في كانون الثاني/يناير (4-2)، أوضح مدرب سان جيرمان الإسباني لويس إنريكي “يتميز خط الوسط بجودة عالية، ومن الصعب جدا أن تكون لاعبا أساسيا بلا منافس في باريس سان جيرمان”.
في الواقع، أظهر هؤلاء الثلاثة أنهم لا يُستبدلون أو يُعوضون، مظهرين تفوقا كبيرا عن البدلاء وارن زائير-إيمري وسيني مايولو وحتى الكوري الجنوبي كانغ-إن لي.
تابع إنريكي الذي يعتمد على الاستحواذ والضغط من أجل استعادة الكرة “يبدو هذا الأمر أكثر وضوحا في خط الوسط منه في الهجوم والدفاع. لاعبو خط الوسط هم من يسمحون لي بتطوير خطتي”.
طلب المدرب الإسباني من لاعبي الوسط السيطرة المطلقة، لكن أيضا بتسجيل أهداف أكثر من الموسم الماضي.
عند وصول مدرب برشلونة الإسباني السابق في صيف عام 2023، بنى إنريكي خط وسطه حول فيتينيا. نقل البرتغالي الدولي قصير القامة (1.72 م)، والمعتاد على اللعب كلاعب ارتكاز، إلى مركز الوسط المتقدم، حيث يلعب يُناط به أدوارا دفاعية أقل (الدفاع ليس من أهم مهاراته)، بل بات مايسترو الهجوم حيث يوزع الكرة يمينا ويسارا سواء بوتيرة بطيئة أو سريعة، كل ذلك حسب مقتضيات المباراة.
وهذه القدرة على الاحتفاظ بالكرة تحت الضغط تمكنه من الاختراق أو كسب الوقت. كانت تمريراته للمهاجمين أقل وضوحا في البداية مقارنة بتمريرات لاعب سان جيرمان السابق الايطالي ماركو فيراتي، لكنه سجل تحسنا كبيرا، كما يتضح جليا من خلال تمريرته الرائعة إلى ديزيريه دوي في 31 أيار/مايو في ميونيخ والتي أدت إلى الهدف الافتتاحي ضد إنتر.
أشاد به إنريكي قائلا “فيتينيا من أفضل لاعبي العالم في مركزه، بلا شك، لا أرى لاعبين أفضل منه في مركزه”.
– الهدوء –
كان انضمام نيفيز الصيف الماضي أساسيا وراء تألق فيتينيا. في الواقع، يُعدّ مواطنه الشاب (20 عاما) لاعبا بارعا في استعادة الكرة، بالإضافة إلى مهاراته الفنية. يقول القائد البرازيلي ماركينيوس “إنه لاعب خارق”.
يمكن تشبيه دور نيفيز بـ “سكين الجيش السويسري”، تعبيرا عن دوره المزدوج والمتعدد في خط الوسط، لذا فإن التكامل بين الرجلين واضح.
لكنّ التغيير الأبرز في هذا المجال مقارنة بالموسم الماضي هو فابيان رويس. واجه الدولي الإسباني صعوبة في ترسيخ مكانه منذ وصوله قادما من نابولي الايطالي قبل ثلاث سنوات. لكن فوزه بكأس أوروبا 2024 مع منتخب بلاده منحه ثقة متجددة، وهو الآن، في الـ29 من عمره، يُنافس على مستوى عالٍ جدا.
يتمتع أيضا بخلفية فنية وهدوء يسمح له بتمرير الكرة للأمام دون عوائق. وقد تجلى تميزه أيضا في التسجيل من خلال هدفه المهم جدا ضد أرسنال على ملعب بارك دي برانس (2-1) في نصف النهائي، إضافة الى هدف آخر سجله الاحد ضد أتلتيكو.
لخص إنريكي الأمر قائلا “الثلاثي يقدم كل منهم شيئا مختلفا ويسمح لنا بالهجوم والدفاع معا”.