تعتبر الدوافع بمثابة العامل الرئيس الذي يحرك أي شخص نحو تحقيق النجاح في مختلف المجالات، خصوصًا بعد فترة من الفشل المستمر، الأمر الذي ينطبق على النصر السعودي، حيث يبحث “العالمي” عن الثأر من غريمه الهلال مدفوعًا بشراكة برتغالية بين قائده كريستيانو رونالدو، ومدربه الجديد جورجي جيسوس.
وعانى النصر كثيرا طوال السنوات الماضية من الإخفاقات المستمرة في مختلف البطولات المحلية والقارية، ما تسبب في حالة من الإحباط لدى جماهيره.
ورغم التغييرات في الأجهزة الفنية والإدارية واللاعبين الأجانب والمحليين طوال السنوات الماضية، إلا أن معاناة النصر لا تزال مستمرة، فيما يخص الابتعاد عن منصات التتويج، إذ تعود آخر مرة توج فيها بالدوري السعودي إلى 2018-2019، أي قبل قدوم الدون.
وبالتالي، فإن “العالمي” يمتلك العديد من الدوافع خلال الموسم الجديد والتي يأتي على رأسها العودة إلى منصات التتويج من أجل مصالحة جماهيره.
تصحيح المسار
تسبب فشل النصر الذريع خلال الموسم الماضي إلى تغييرات بالجملة في الهيكل الإداري خلال الأيام الماضية، حيث قرر إقالة رئيسه التنفيذي ماجد الجمعان، والمدير التنفيذي رائد إسماعيل.
إضافة إلى ذلك، قرر النادي التخلص من الإسباني فرناندو هييرو المدير الرياضي، بسبب فشله في مساعدة العالمي على تحقيق النجاح خلال الفترة الماضية، فضلا عن عدم القدرة على التفاوض مع أسماء عالمية لدعم الفريق.
كذلك، قرر النادي فسخ عقد المدرب الإيطالي ستيفانو بيولي، بعدما احتل المركز الثالث في دوري روشن، وودع ثمن نهائي كأس الملك، بالإضافة للخروج من المربع الذهبي لدوري أبطال آسيا للنخبة.
وكان رونالدو قد رهن تجديد عقده بالتخلص من بعض الكوادر الإدارية مع رحيل بيولي، وهو ما تحقق خلال الأسابيع الماضية، ليقرر الاستمرار مع “العالمي” حتى 2027.
ولم يتوقف النادي عند هذا الحد، حيث أعلن أمس الإثنين، تعيين جيسوس مدربا للفريق، بناء على رغبة رونالدو، وذلك قبل معسكر الإعداد للموسم الجديد بأيام قليلة.
عقلية برتغالية
يعود السبب الأول في تعيين جيسوس، المدرب الذي حقق نجاحات كبيرة مع الهلال، إلى توافق عقليته مع رونالدو، ورغبة كل منهما في تصحيح المسار وإعادة الفريق لمنصات التتويج.
ويتمتع جيسوس بعقلية هجومية مذهلة، بجانب أسلوبه الصارم في التدريبات ومنح التعليمات داخل وخارج الملعب، وهو ما تحدث عنه العديد من نجوم الهلال والذين أكدوا أن “العجوز البرتغالي” لا يتوقف عن العمل والتوجيهات.
وبفضل هذا الأسلوب الرائع، تمكن جيسوس من السيطرة على جميع الألقاب المحلية خلال موسم 2023-2024، بالإضافة لعدم التعرض لأي خسارة محلية.
إضافة إلى تحقيق أكبر عدد من الانتصارات المتتالية في مختلف المسابقات، بواقع 34 فوزا، وهو إنجاز غير مسبوق في تاريخ الأندية حول العالم.
تلك النجاحات، دفعت رونالدو للتواصل مع جيسوس من أجل المجيء إلى السعودية مرة أخرى، بحسب تصريحات المدرب البرتغالي الذي أعرب عن حماسه الشديد للعمل مع الهداف التاريخي لكرة القدم.
وكان العمل مع رونالدو بمثابة الحلم الذي كان يراود جيسوس، حيث سبق وأن أشاد بعقلية “الدون” الاحترافية، حيث قال: “أتمنى العمل معه وأرغب في وصول إلى 1000 هدف، فهو قدوة لجميع اللاعبين”.
المدرب الخامس
سيكون جيسوس خامس المدربين الذين تولوا مهمة تدريب رونالدو مع النصر، حيث بدأ “الدون” رحلته في الأشهر الأولى تحت قيادة الفرنسي رودي جارسيا، ولكنه خسر معه جميع الألقاب، مسجلا 11 هدفا وصنع هدفين في 14 مباراة.
والمدرب الثاني، هو الكرواتي دينكو يليتشيتش حيث قاد رونالدو في 7 مباريات، وتمكن الدون من تسجيل 3 أهداف في فترة مؤقتة بنهاية موسم 2022-2023، عقب رحيل جارسيا.
ومع بداية موسم 2023-2024، قرر النصر تعيين البرتغالي لويس كاسترو والذي ساهم في تحقيق لقب رونالدو الوحيد مع النصر (البطولة العربية)، حيث تمكن “الدون” من تقديم مستويات فردية مذهلة تحت قيادته مسجلا 53 هدفا وصنع 16 في 54 مباراة بمختلف البطولات.
لكن فشل كاسترو في معالجة الأخطاء الدفاعية والسقوط المتكرر ضد الهلال في جميع المسابقات، تسبب في رحيله بعد جولات بسيطة من بداية الموسم الماضي.
وقرر “العالمي” تعيين بيولي، ونجح في تصحيح بعض الأمور، ولكنه تعرض لانهيار تام في نهاية الموسم بخسارة جميع الألقاب، مع أخطاء دفاعية فادحة مع غياب العمل الهجومي.
وتسبب بيولي في غضب رونالدو، بسبب استبداله في عدة مناسبات، حيث وصل الأمر لمغادرة “الدون” لملعب الأول بارك في إحدى المباريات، ليقرر النصر التخلص منه في نهاية المطاف.
ومع قدوم جيسوس، فمن المتوقع أن يشعر رونالدو بأريحية كبرى، نظرا للطريقة الهجومية التي ينتهجها المدرب البرتغالي ورغبته الدائمة في تسجيل أكبر عدد ممكن من الأهداف.
مهمة ثأرية
رحل جيسوس عن الهلال بصورة لا تليق بتاريخه الحافل مع النادي، حيث تم فسخ عقده في مايو/أيار الماضي، وتعيين الإيطالي سيموني إنزاجي قبل أيام من كأس العالم للأندية 2025، وهي البطولة التي صرح البرتغالي برغبته في المشاركة فيها، وقد رفض من أجلها عرضًا لتدريب منتخب البرازيل، قبل أن تضيع عليه لاحقًا فرصة قيادة السيليساو لصالح كارلو أنشيلوتي.
وبعد شهرين تقريبا، قرر جيسوس توقيع عقود تدريب الجار اللدود في مفاجأة مدوية للجميع، حيث سيكون هدفه الأول هو رد اعتباره أمام الهلال، بسبب الطريقة التي رحل بها.
وفي الوقت ذاته، يتطلع النجم البرتغالي لرد اعتباره بتحقيق أول ألقابه مع النصر سواء على المستوى المحلي أو القاري، حيث اكتفى بحصد البطولة العربية فقط خلال موسمين ونصف بالملاعب السعودية.
وقال جيسوس لوسائل الإعلام في لشبونة بعد تعيينه مديرا فنيا للنصر: “أتطلع لمساعدة النصر على تحقيق الألقاب، بالإضافة لدعم رونالدو الذي يحلم بحصد البطولات كما فعل مع جميع الأندية التي لعب لها”.
تصريحات جيسوس تؤكد أنه جاء في مهمة ثأرية، ويمتلك جميع الدوافع لمساعدة رونالدو والانتقام من الهلال في الوقت ذاته.
تحديات عديدة
سيبدأ النصر أولى صراعات الموسم، عندما ينافس على لقب السوبر المحلي بمواجهة اتحاد جدة في الدور نصف النهائي، يوم 18 أغسطس/آب المقبل.
وسيخوض بعدها مشواره في بطولة الدوري، حيث يعود آخر لقب حققه إلى موسم 2018-2019، لذا فإن الصعود لمنصات التتويج، يعتبر أمر غير قابل للنقاش، ومن أجل العودة للمشاركة في نخبة آسيا.
كذلك، سيكون العالمي مطالبا بتحقيق دوري أبطال آسيا 2، نظرا لسهولتها مقارنة بالنخبة، بجانب صراع كأس خادم الحرمين الشريفين.
وبالتالي، فإن جماهير “العالمي” تحلم بالعودة لمنصات التتويج بوجود جيسوس مع رونالدو خلال الموسم الجديد، مع إبرام صفقات أجنبية ومحلية جديدة.