أبرم بايرن ميونخ واحدة من أبرز الصفقات في الميركاتو الصيفي الجاري، بضم لويس دياز من صفوف ليفربول مقابل ما يقارب من 75 مليون يورو.
ومباشرة عند إتمام الصفقة تبادر إلى الأذهان الصفقة الكبرى التي سبق وأن أبرمها بايرن ميونخ من صفوف ليفربول، بضم السنغالي ساديو ماني في صيف 2022 مقابل ما يقارب من 32 مليون يورو، في صفقة كانت من بين الأسوأ للعملاق البافاري في العقد الأخير، رغم القيمة الكبيرة للنجم السنغالي.
وأتى رحيل ماني عن ليفربول بعد رفضه تجديد عقده، مفضلًا حينها خوض تحدٍ جديد قي قلعة أليانز أرينا بعد 6 مواسم ناجحة في أنفيلد سجل خلالها 120 هدفًا في 269 مباراة، وتوج بلقبي البريميرليج ودوري أبطال أوروبا.
خلال موسمه الأول في ألمانيا، سجل ماني 7 أهداف وقدم 5 تمريرات حاسمة في 25 مباراة بالدوري، ورغم أن هذه الأرقام قد تبدو متواضعة، إلا أن مشاركاته كانت محدودة بسبب الإصابات والجلوس على دكة البدلاء في 8 مباريات، إضافة إلى غيابه عن 8 مباريات أخرى للإصابة أو الإيقاف.
ولكن عند احتساب معدل المساهمة التهديفية لكل 90 دقيقة، نجد أن ماني حقق معدلًا يبلغ 0.75 هدف أو تمريرة حاسمة في المباراة الواحدة، وهو أعلى من معدله في آخر مواسمه مع ليفربول في الدوري الإنجليزي (0.64)، بل ويتفوق على أربعة من آخر خمسة مواسم له مع الفريق الإنجليزي.
صفقة بلا هدف
كانت المشكلة الأساسية تكمن في “التصور العام”، فمع مغادرة روبرت ليفاندوفسكي إلى برشلونة في نفس الصيف، تم الترويج لتعاقد ماني على أنه البديل المباشر للنجم البولندي، رغم أن جماهير ليفربول تعلم جيدًا أن ماني ليس مهاجمًا صريحًا من النمط التقليدي (رقم 9).
هذا التقدير الخاطئ لأدواره خلق صدامًا مع لاعبين بارزين في مراكز مشابهة، مثل توماس مولر، ليروي ساني، والموهبة الشابة جمال موسيالا، وحين عاد ماني من إصابته في فبراير/شباط، وجد نفسه مجبرًا على اللعب كمهاجم صريح، وهو الدور الذي خسره لاحقًا لمصلحة تشوبو-موتينج.
بعبارة أخرى، ماني انضم إلى فريق لم يكن لديه مكان حقيقي له في التشكيل الأساسي، ولا الصبر الكافي لإيجاد طريقة تناسب قدراته.
مشاكل سلوكية
في مارس/آذار من عام 2023، أقالت إدارة بايرن ميونخ المدرب جوليان ناجلسمان بعد خسارة أمام باير ليفركوزن، وعينت توماس توخيل خلفًا له، في وقتٍ كان الفريق لا يزال ينافس على الثلاثية.
وذكرت صحيفة “بيلد” أن ماني دخل في شجار عنيف مع ناجلسمان بعد مباراة أمام باريس سان جيرمان بسبب جلوسه على مقاعد البدلاء، وكان من بين اللاعبين الذين طالبوا برحيله.
وتحت قيادة توخيل، حصل ماني على فرصة جديدة، إلا أن الأمور لم تتحسن، ففي ذهاب ربع نهائي دوري الأبطال ضد مانشستر سيتي، شارك في آخر 20 دقيقة، وظهر متوترًا وتجادل مع ليروي ساني، وبعد المباراة، نشب شجار جسدي بينهما في غرفة الملابس، حيث وجه ماني لكمة إلى وجه ساني، ما تسبب في إصابة واضحة على شفاه الأخير.
تم إيقاف ماني لمباراة واحدة وتغريمه ماليًا، وسط قلق حقيقي بشأن انفعالاته. وفي يونيو/حزيران، قال ماني لقناة سنغالية: “لقد حصل الأمر. مشكلة صغيرة وحُلّت، ربما ليس بالطريقة المثالية، لكنها أصبحت خلفنا الآن”.
وبالتالي سرعان ما انتهت قصة ماني مع بايرن ميونخ، لينتقل بعد عام واحد إلى النصر السعودي، لتأتي الآن صفقة دياز وتعيد ذكريات النجم السنغالي مجددًا.
وضع مختلف
يبقى الوضع مختلفًا تمامًا مع دياز فهناك جانب يتعلق بالسلوك والاحترافية، والكولومبي لم يدخل في أي صدامات مع محمد صلاح في ليفربول كي يكون هو نجم الفريق الأول كما كان يرغب ماني، بل يتميز دياز بلعبه من أجل الفريق بشكل أساسي.
أما الأمر الثاني فهو انتقاله إلى بايرن للعب في مركزه المفضل إضافة إلى حاجة البافاري إليه في ذلك المركز بالفعل بعد رحيل ساني إلى صفوف جالطة سراي.
وبحسب صحيفة “ذا أتلتيك”، فإن إدارة بايرن ترى في دياز أفضل خيار هجومي متاح في السوق، وتؤمن بأنه وصل إلى قمة عطائه الكروي، وهو ما يجعل الصفقة مبررة بغض النظر عن قيمتها المالية.
ويرى النادي البافاري أن الضغط العالي الذي يتميز به اللاعب يتماشى تمامًا مع أسلوب اللعب المعتمد، إضافة إلى تسجيله 13 هدفًا وتقديم 5 تمريرات حاسمة في الدوري الإنجليزي الموسم الماضي، وهو الأكثر إنتاجًا له خلال مواسمه الثلاثة مع الريدز.
وأكدت الصحيفة أن إدارة بايرن لا تعتبر صفقة دياز مشابهة لصفقة ساديو ماني قبل ثلاثة أعوام، والتي لم تكلل بالنجاح.
على العكس تمامًا، فإن دياز يُنظر إليه على أنه نجم في ذروة مستواه، مع دور واضح في الفريق، وتم التعاقد معه ليشغل مركز الجناح الأيسر تحت قيادة المدرب الجديد فينسنت كومباني.
ورغم أن مركزه الأساسي معروف، إلا أن تنوع أدواره الهجومية يجعله إضافة مثالية لتشكيلة هجومية مرنة، افتقدت إلى الحلول الفردية والتنوع الموسم الماضي، خاصة في دوري أبطال أوروبا.