لم تعتد الجماهير الإنجليزية على رؤية لاعبيها خارج حدود البلاد قبل سنوات مضت، باستثناء بعض التجارب المحدودة والمتفرقة، للاعبين قرروا الانطلاق والتحليق في سماء أوروبا بأسرها بدلا من البقاء في قفص البريميرليج.
لكن السنوات القليلة الماضية شهدت خروج عدد من اللاعبين الإنجليز عن المألوف، ليبدأوا تحسس خطاهم خارج حدود البريميرليج، أملا في إثبات أنفسهم خارج القواعد.
وعلى مدار التاريخ، كانت التجارب الإنجليزية اللافتة خارج البلاد شحيحة للغاية ومتباعدة، أبرزها مغامرة كيفن كيجان في ملاعب الدوري الألماني بقميص هامبورج.
كيجان اكتفى بـ3 سنوات فقط في الملاعب الألمانية، لكنها شهدت نجاحه في قيادة الفريق لقنص لقب البوندسليجا، فضلا عن وصوله لنهائي الكأس الأوروبية (دوري الأبطال) عام 1980.
وفي تلك الفترة، حصل كيجان على الكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم عامي 1978 و1979، وهو ما يثبت مدى تألقه الاستثنائي خارج حدود إنجلترا آنذاك.
وهناك أيضا تجارب ناجحة، من بينها رحلة جاري لينيكر مع برشلونة لمدة 3 سنوات في ثمانينيات القرن الماضي، أسهم خلالها في تتويج البارسا بلقب كأس الكؤوس الأوروبية عام 1989، فضلا عن كأس ملك إسبانيا في العام الذي سبقه.
هذا بالإضافة إلى ستيف ماكمانامان الذي لعب في إسبانيا لمدة 4 سنوات بقميص ريال مدريد بعد رحلته المميزة مع ليفربول.
وكان الدولي الإنجليزي السابق أحد عناصر الريال الرئيسية في الطريق للتتويج بلقب دوري الأبطال عامي 2000 و2002، بالإضافة إلى لقب الليجا مرتين، والسوبر الإسباني والأوروبي أيضا.
وكان لديفيد بيكهام صولات وجولات في مختلف ملاعب العالم بعد رحيله عن مانشستر يونايتد عام 2003، إذ تنقل بين عدة أندية أوروبية وخارج القارة العجوز أيضا، إذ لعب لريال مدريد، لوس أنجلوس جالاكسي، ميلان وباريس سان جيرمان.
وخلال رحلته الطويلة خارج إنجلترا، توج بيكهام بعدة ألقاب، من بينها الليجا والسوبر الإسباني مع الريال، فضلا عن الدوري الفرنسي مع سان جيرمان، بالإضافة لألقاب أخرى مع لوس أنجلوس جالاكسي.
كما كان أوين هارجريفيز أحد أكثر اللاعبين الإنجليز بقاءً خارج البلاد لفترة طويلة، وذلك بعدما لعب لبايرن ميونخ لنحو 10 سنوات، منها 7 مع الفريق الأول.
وكان هارجريفيز أحد أكثر اللاعبين الإنجليز تحقيقا للنجاح خارج البلاد، بعدما نال مع بايرن 10 ألقاب، من بينها دوري الأبطال عام 2001.
وهناك أيضا تجارب غير ناجحة وقصيرة، أبرزها لمايكل أوين وجوناثان وودجيت مع ريال مدريد، قبل العودة للديار سريعا بخُفي حنين.
نهج مختلف
التجارب الإنجليزية السابقة خارج حدود بريطانيا، رغم نجاح أغلبها، إلا أنها لم تكن معتادة ومتزامنة مع بعضها كحال أغلب اللاعبين الأوروبيين، حيث كانت الطيور الإنجليزية المهاجرة أقل عددا وبفارق هائل، مقارنة ببلدان مثل إسبانيا وفرنسا.
وشهد العقد الأخير هجرة مفاجئة لعدد من المواهب الإنجليزية خارج البلاد، أغلبها في سن صغيرة، ما جعل التأقلم على الحياة بعيدا عن إنجلترا، أمرا يسيرا بالنسبة لهم.
وهناك الكثير من اللاعبين الذين لعبوا خارج إنجلترا بعمر أقل من 20 سنة، مثل جادون سانشو، جيمي جيتينز وجود بيلينجهام في بوروسيا دورتموند، فضلا عن نوني مادويكي في آيندهوفن، وسميث روي في لايبزيج.
وأثبت هؤلاء اللاعبين براعتهم في مختلف الملاعب الأوروبية، مما جعلهم يحصلون على عروض بمبالغ ضخمة، أغلبها من أندية البريميرليج، لإعادتهم إلى بلادهم كنجوم كبار، بينما فضل بيلينجهام الذهاب إلى ريال مدريد بعد رحلته الناجحة في ألمانيا.
وهناك لاعبين آخرين خرجوا بعد تجاوز الـ20 عاما، مثل تامي أبراهام الذي لعب في إيطاليا لروما وميلان، قبل تحوله للدوري التركي.
وأصبح منتخب إنجلترا الآن يملك في صفوفه مجموعة من المحترفين في الخارج، على رأسهم قائد الأسود الثلاثة، هاري كين، الذي انضم إلى بايرن ميونخ قبل عامين في صفقة هي الأغلى في تاريخ البوندسليجا.
هذا بالإضافة إلى بيلينجهام (ريال مدريد)، كونور جالاجير (أتلتيكو مدريد) وإيفان توني (الأهلي السعودي)، وانضم إليهم مؤخرا أليكسندر أرنولد وماركوس راشفورد، بانضمامهم إلى الريال وبرشلونة على الترتيب، وهناك احتمالية لانضمام جاك جريليش للقائمة حال انتقاله إلى نابولي.
وشهد الصيف الحالي أيضا انتقال المدافع الإنجليزي الشاب جاريل كوانساه إلى ملاعب البوندسليجا، بانضمامه إلى باير ليفركوزن من ليفربول، في الوقت الذي يُنظر إليه كأحد نجوم الأسود الثلاثة في العقد المقبل.
وفي الموسم الماضي، خرج الظهير المخضرم كايل ووكر من إنجلترا، للعب في ميلان، وهو بعمر 35 سنة، مؤكدا النهج الجديد للاعبين الذين باتوا يفضلون الخروج من القفص الإنجليزي، بحثا عن تجارب مختلفة في الخارج.