بينما يتهيأ نادي برشلونة لانطلاقة موسم 2025-2026، تطفو على السطح واحدة من أعقد الملفات الفنية والإدارية في الفريق: مركز حراسة المرمى.
فبعد سنوات من الاستقرار النسبي بوجود مارك أندريه تير شتيجن، تبدو الصورة اليوم أكثر ضبابية، في ظل صدام الإدارة مع الحارس الألماني، وانضمام الوافد الجديد خوان جارسيا.
موقف استثنائي
تضم قائمة بلوجرانا الحالية 4 حراس مرمى يتنافسون على مركز أساسي واحد، لكن الأدوار لم تعد كما كانت، فكل شيء تغير هذا الصيف.
الاسم الأول الذي يفرض نفسه بقوة هو الشاب الإسباني خوان جارسيا، القادم من صفوف إسبانيول في صفقة أثارت الجدل، ليس فقط لقيمتها المالية (25 مليون يورو)، بل أيضًا بسبب طبيعتها “الخاطفة” من الجار الكتالوني.
جارسيا لم يأت لمجرد تعزيز العمق، بل جاء بتفويض واضح من الإدارة الفنية بقيادة المدرب هانز فليك ليكون الحارس الأول. أداؤه في الموسم الماضي كان استثنائيًا، حيث تصدى لأكثر من 140 كرة في الليجا، وخاض كل مباريات الموسم دون انقطاع.
هذه الأرقام، إلى جانب شخصيته الهادئة وقدرته على اللعب بالقدم، جعلت منه خيار المستقبل.
في المقابل، عاد البولندي فويتشيك تشيزني إلى الأضواء بعد أن قرر الخروج من الاعتزال المؤقت ليساند برشلونة في فترة فراغ الحراسة عقب إصابة تير شتيجن.
ورغم أن عودته لم يكن مقررا أن تستمر طويلًا، فإن مستواه اللافت فرض بقاءه، ليُكافأ بعقد يمتد حتى 2027.
تشيزني لا ينافس على القفاز الأول، لكنه يمثل عنصر أمان للطاقم الفني، بفضل خبرته الدولية الطويلة واستقراره في المباريات الكبيرة.
أما مارك أندريه تير شتيجن، القائد الحالي للفريق، فيعيش واحدة من أصعب لحظات مسيرته مع برشلونة، فبعد أن عانى من إصابة في الظهر ثم خضع لعملية جراحية معقدة، جاء التقرير الطبي ليؤكد ضرورة غيابه لعدة أشهر. ومع دخول جارسيا وتشيزني إلى الصورة، لم يعد للألماني مكان مضمون.
المدري الرياضي ديكو والمدير الفني فليك لا يخفيان ما يقررانه بشأن تير شتيجن، بل أشارا ضمنيًا إلى أن مشروع برشلونة الجديد لن يدور حول الأسماء، بل حول الجاهزية والالتزام.
كما يبقى في الصورة إيناكي بينيا، الحارس الثالث سابقًا، الذي قدم مباريات جيدة خلال الموسم الماضي حين غاب تير شتيجن، أبرزها مواجهة ريال مدريد التي خرج منها بشباك نظيفة.
لكن مع زيادة عدد الحراس وتراجع فرصه في اللعب، يبدو بينيا اليوم أقرب للرحيل، سواء على سبيل الإعارة أو البيع النهائي، إذ لا يملك فرصة واقعية للبقاء ضمن قائمة الفريق الأول، خاصة مع المشاكل المالية التي يواجهها النادي في تسجيل اللاعبين.
أزمات ومشاكل
ما يبدو على الورق كوفرة في الخيارات، يتحول داخل أسوار برشلونة إلى صداع مزمن، تتداخل فيه العوامل المالية والفنية والإدارية.
أولى هذه الأزمات تتعلق بسقف الرواتب، إذ يعاني النادي من أزمة حقيقية في تسجيل لاعبيه الجدد لدى رابطة الليجا، خصوصًا في ظل التزامات مالية ضخمة ورواتب مرتفعة.
وجود أربعة حراس دفعة واحدة يثقل كاهل الفريق، لا سيما أن اثنين منهم (تير شتيجن وتشيزني) يتقاضيان رواتب كبيرة، فيما لم يتم حتى الآن تسجيل جارسيا رسميًا.
لكن الأزمة الأكثر حساسية تتعلق بالوضع الشخصي لتير شتيجن، الذي لا يبدو مستعدًا للتنازل عن مكانته بسهولة. فالعلاقة بينه والإدارة متوترة، خاصة بعدما أعلن عن مدة غيابه الطويلة قبل إجراء العملية الجراحية على حساباته على مواقع التواصل الإجتماعي في تصرف وصفته الصحافة الكتالونية بالـ”طفولي”.
أما إيناكي بينيا، فرغم التزامه وصبره طوال السنوات الماضية، فإنه بات اليوم ضحية ازدحام لا يُلام عليه.
ولم يتلقَ بينيا أي ضمانات بالمشاركة، ولا أي تأكيد بإدراجه في القائمة. كل المؤشرات تشير إلى أن النادي يفضل رحيله، لكن دون أن يُغلق الباب أمام بيعه في حالة الحصول على عرض مناسب. تأخر القرار يزيد من تعقيد موقفه الشخصي ويضعه تحت ضغط نفسي كبير.
وسط كل ذلك، يواجه هانز فليك تحديًا في ضبط التوازن بين الأسماء، وإدارة التنافس الداخلي دون أن يتحول إلى انقسام أو تذمر، وهو أمر ليس بالسهل على الإطلاق في ناد بحجم برشلونة.
أزمة كبرى
الأزمة الكبرى تتمثل في أنه مع إصابة تير شتيجن، وعدم تسجيل خوان جارسيا وتشيزني، قبل أيام من انطلاق الليجا، لن يكون سوى إينياكي بينيا المستعد للمشاركة، وهو ما يؤجل فكرة رحيله على الأقل في الأسابيع الأولى من بداية الموسم.
لكن يبقى خوان جارسيا هو العنوان العريض لهذه المرحلة، حارس شاب يتمتع بثقة الإدارة، ويملك الأدوات التي تؤهله لأن يكون حجر الأساس لمشروع طويل الأمد.
وخلفه يقف تشيزني، كمرجع مخضرم قادر على التدخل وقت الحاجة، دون أن يخلق صدامًا داخل الفريق.
في الجهة المقابلة، يبدو أن تير شتيجن يبتعد تدريجيًا عن الصورة، ليس فقط بسبب الإصابة، بل لأن فلسفة النادي لم تعد تحتمل الانتظار أو المجاملة، وهو ما نصحه أو ضغط عليه به مدرب المنتخب الألماني جوليان ناجلسمان مؤخرا بالتلميح إلى ضرورة أن يبحث عن ناد يكون فيه الحارس الأول ليضمن مكانه في تشكيلة “مانشافت”.
أما إيناكي بينيا، فموسم 2025-2026 سيكون على الأرجح بعيدًا عن “كامب نو”، سواء بالإعارة أو بالرحيل النهائي، إذ لم يعد هناك مكان له.