تحفة التكتيك .. ريال مدريد ينتظر فرشاة ألونسو السحرية – الرياضة نت
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On YoutubeCheck Our Feed

تحفة التكتيك .. ريال مدريد ينتظر فرشاة ألونسو السحرية

منذ مسيرته كلاعب، سحر تشابي ألونسو الجمهور بتمريراته الدقيقة وذكائه الاستثنائي.. وكمدرب، يحمل أسطورة إسبانيا رؤية لا تقل تألقًا.

من لاعب رفع كأسي العالم ودوري أبطال أوروبا، إلى قائد ينسج خيوط النجاح بحكمة وشغف، يقف ألونسو اليوم على عتبة تحدٍ جديد كمدير فني لريال مدريد، متوجًا رحلة مزجت بين الرؤية التكتيكية، والعمل الدؤوب، إلى جانب اللمسة الإنسانية التي جعلت منه قائدًا يحترمه الجميع.

وفي السطور المقبلة، نغوص في تفاصيل دقيقة ومواقف واقعية، عاشها ألونسو مع فريق ريال سوسيداد (ب)، ويرويها اللاعبون الذين تدربوا تحت قيادته، وتركت فيهم أساليبه بصمة لا تُنسى.

بذور العبقرية

عندما عاد تشابي ألونسو إلى إسبانيا لتدريب فريق ريال سوسيداد (ب) في 2019، لم يكن مجرد لاعب سابق يبحث عن بداية جديدة، بل كان يحمل معه إرثًا من الإنجازات وشغفًا لا ينضب للعبة.

وفي غرفة الملابس، وقف أمام لاعبيه الشباب، الذين كانوا ينظرون إليه بدهشة وإجلال.

“كنت مصدومًا، حتى مذعورًا، عندما دخل غرفة الملابس لأول مرة”، يتذكر الحارس أييسا، وهو يروي في مقابلة مع صحيفة “جارديان” البريطانية، لحظة لقائه ببطله الذي شاهده لسنوات على شاشات التلفاز، وهو يرفع الكؤوس مع ليفربول وبايرن ميونخ وريال مدريد.

لم يكن ألونسو مجرد اسم كبير، كان مدربًا يعرف كيف يزرع الثقة ويبني فريقًا متماسكًا، بدأ رحلته بتحويل ريال سوسيداد (ب)، فريق الشباب، إلى آلة كروية منضبطة.

كان يعتمد بشكل مكثف على تحليل الفيديو، ليس فقط لدراسة المنافسين، بل لتسليط الضوء على نقاط القوة والضعف في أداء لاعبيه.

“كنا نعمل كثيرًا على مشاهد الفيديو”، يقول إيزكورديا، أحد لاعبيه السابقين، ويواصل: “كان يرينا لقطات من تدريباتنا ومبارياتنا، يوضح ما نقوم به بشكل جيد، وما يحتاج إلى تحسين، ثم نعمل على تلك النقاط في التدريبات، حتى تصبح جزءًا من طباعنا”.

على أرض الملعب، كان ألونسو يحول رؤيته إلى واقع، لقد صمم أسلوب لعب يعتمد على البناء من الخلف، معتمدًا على تمريرات قصيرة وطويلة مدروسة بعناية.

ويتذكر إيزكورديا، الذي لعب كقلب دفاع وأحيانًا كظهير، مع “جارديان”: “كان يمنحني الكثير من الحرية.. عملنا كثيرًا على أنماط التمرير، وتحسنت سيطرتي على الكرة بشكل لا يصدق”.

وبينما كان يدرب لاعبيه على الحركة دون كرة، والضغط المنظم، كان ألونسو يزرع فيهم عقلية الفوز أيضا.

ويقول المهاجم خورخي أجيري: “كان يريدها مباراة تلو الأخرى، كما لو كنا نلعب من أجل حياتنا”.

حلم الدرجة الثانية

في موسم 2020-2021، بلغت رحلة ألونسو مع ريال سوسيداد (ب) ذروتها، وقاد الفريق إلى إنجاز تاريخي بالصعود إلى الدوري الإسباني الدرجة الثانية، وهو ما لم يحققه الفريق منذ 1962.

في الملحق الصاعد، تغلب الفريق على أندورا في نصف النهائي، ثم واجه ألخيسيراس في نهائي دراماتيكي.

“قبل المباراة، كان تشابي هادئًا للغاية”، يروي أجيري، وأردف: “طلب منا فقط أن نلعب كرتنا بهدوء، ونجحنا”.

الهدف الحاسم في الوقت الإضافي من جون كاريكابورو أشعل الاحتفالات، الأعلام الباسكية رفرفت، واللاعبون الشباب رقصوا مع جماهيرهم في لحظة لا تُنسى.

ويقول إيزكورديا بحماس: “كانت أفضل سنة في مسيرتي.. لعبنا كرة قدم رائعة، تدربنا بشكل مذهل، وصعدنا إلى الدرجة الثانية.. ماذا تريد أكثر من ذلك؟!”.

لكن الرحلة لم تكن خالية من التحديات.

في الموسم التالي، هبط الفريق مجددًا إلى الدرجة الثالثة، لكن ذلك لم ينتقص من تأثير ألونسو، لقد ترك بصمة لا تُمحى على لاعبيه، سواء من خلال تدريباته المكثفة أو قربه الإنساني منهم.

“كان يلعب معنا أحيانًا في التدريبات، وكان لا يزال الأفضل!”، يضحك أييسا، وهو يضيف: “لمسته للكرة كانت ساحرة، وكان يمزح كثيرًا.. لكنه عندما يتحدث عن الكرة، كنت تشعر أن كل شيء يصبح أسهل”.

بناء الاحترام والثقة

لم يكن نجاح ألونسو يعتمد فقط على التكتيكات والتحليل، فهو أيضا قائد يعرف كيف يبني جسورًا مع لاعبيه، لقد خلق أجواءً من الاحترام والثقة في غرفة الملابس، حيث شعر اللاعبون الشباب أنهم جزء من مشروع كبير.

يقول أييسا: “كان قريبًا جدًا منا.. كل لاعبي الأكاديمية كانوا يحبونه”.

هذا القرب لم يكن مجرد واجهة، فقد كان ألونسو يشارك في التدريبات، ويدافع عن الكرة، ويتبادل النكات، لكنه في الوقت ذاته كان يزرع عقلية الفوز.

ويضيف أجيري: “كان لديه قوة خاصة: رغبة لا تشبع في الفوز، كان يدفعنا لنلعب كل مباراة وكأنها الأخيرة”.

هذه الروح التنافسية، إلى جانب رؤيته التكتيكية، جعلت من ألونسو مدربًا استثنائيًا، فقد عرف كيف يحول فريقًا شابًا إلى وحدة متماسكة، تعزف سيمفونية كروية متناغمة.

من خلال تحليل الفيديو، كان يركز على الانتقالات في الاستحواذ والضغط العالي، بينما كان يقضي ساعات على أرض الملعب لتدريب اللاعبين على الحركة، واتخاذ القرارات بشكل تلقائي.

“كان يريدها تلقائية”، يقول لوكبيرت، أحد مساعديه، ويوضح: “كان يريدنا أن نفكر ونتحرك، كما لو كنا نعزف لحنًا دون الحاجة إلى النوتة الموسيقية”.

ليفركوزن.. تحفة ألونسو التكتيكية

بعد مغامرته مع ريال سوسيداد، قطع ألونسو خطوة جريئة في أكتوبر/ تشرين أول 2022، بتولي تدريب باير ليفركوزن في الدوري الألماني.

وصل إلى فريق يصارع الهبوط، لكنه، بحكمته ونهجه المنظم، قلب الموازين.

وفي موسمه الأول، قاد ليفركوزن إلى نصف نهائي الدوري الأوروبي، معتمدًا على أسلوب لعب هجومي، يجمع بين الضغط العالي والبناء المنظم من الخلف.

لكن الإنجاز الأكبر جاء في موسم 2023-2024، عندما حطم ألونسو هيمنة بايرن ميونخ، وحقق لقب الدوري الألماني لأول مرة في تاريخ النادي، في موسم شهد سلسلة لا تُنسى من 51 مباراة دون هزيمة.

لقد حول ليفركوزن إلى قوة أوروبية، معتمدًا على نجوم مثل فلوريان فيرتز وجيريمي فريمبونج، اللذين ازدهرا تحت قيادته.

في ليفركوزن، أظهر ألونسو قدرته على إدارة فريق يضم مواهب متنوعة، مع الحفاظ على نفس النهج الذي ميز فترته في سوسيداد: تحليل دقيق، تدريبات مكثفة، وروح تنافسية.

كان يعتمد على أسلوب 3-4-2-1 مرن، يسمح بالتحولات السريعة بين الدفاع والهجوم، مما جعل فريقه لا يُضاهى في ألمانيا.

“كان يجعل كل شيء يبدو سهلاً”، يقول أحد مساعديه عن تلك الفترة: “لقد ترك ألونسو بصمة لا تُمحى، حيث ألهم لاعبيه للعب بثقة وجرأة، وحول ناديًا متوسط الحال إلى بطل ألمانيا”.

ريال مدريد.. اللوحة الجديدة

اليوم، يقف تشابي ألونسو على أعتاب تحدٍ جديد كمدير فني لريال مدريد، النادي الذي شهد تألقه كلاعب.

لكن هذه المرة، لن يقود فريقًا شابًا في دوري الدرجة الثالثة، بل نجومًا عالميين في أكبر نادٍ في العالم. فهل سينجح منهجه في إدارة غرفة ملابس مليئة بالأسماء الكبيرة؟ التاريخ يوحي بأنه سيجد طريقًا.

لقد أثبت في ريال سوسيداد أنه يستطيع بناء فريق من الصفر، وزرع عقلية الفوز، وخلق أجواء من الاحترام المتبادل.

في مدريد، سيواجه ألونسو توقعات هائلة، لكنه يحمل معه ترسانة من الأدوات، مثل: تحليل دقيق، رؤية تكتيكية واضحة، ولمسة إنسانية تجعل اللاعبين يقاتلون من أجله.

من ملعب ريال سوسيداد الصغير إلى مسرح سانتياجو برنابيو، تبدو رحلة ألونسو كأنها قصة مكتوبة لتصبح أسطورة.. لقد بدأ كلاعب يرسم لوحات فنية، والآن، كمدرب، ينسج فصلا جديدًا من العبقرية.

التصنيفات: الدوري الاسباني,عاجل