يبدو أن الفرنسي كريم بنزيما، يعيش بالفعل، الفصل الأخير من رحلته مع اتحاد جدة، بعدما خط اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ النادي، بفضل أهدافه الحاسمة وحضوره الكبير داخل وخارج الملعب.
المهاجم المخضرم، الذي هبط على الملاعب السعودية في صيف 2023 وسط احتفالات جماهيرية صاخبة وأحلام عريضة، أصبح اليوم على أعتاب الرحيل، حيث تزداد التكهنات حول مستقبله مع اقتراب عقده من خط النهاية.
وبين الرغبة في العودة إلى أجواء أوروبا، واهتمام البعض بخدماته، تبدو مسيرة كريم بنزيما مع العميد، مرشحة لأن تُطوى قريبًا، تاركة خلفها جدلًا واسعًا وذكريات لا تُنسى.
ورقة مورينيو
ترددت تقارير صحفية خلال الأيام الأخيرة، حول إمكانية رحيل كريم بنزيما عن الاتحاد، بعدما تلقى اتصالاً من مدربه البرتغالي السابق جوزيه مورينيو، من أجل اللعب تحت قيادته في بنفيكا.
ولم تكشف هذه التقارير، موقف كريم بنزيما من البقاء أو الرحيل عن الاتحاد، خاصة وأن “العميد” لا يمر بأفضل فتراته، خاصة بعد إقالة المدرب الفرنسي لوران بلان.
لكن بحسب ما ذكره الصحفي الإيطالي رودي جاليتي، خلال الساعات الأخيرة، فإن بنزيما يرغب في العودة إلى أوروبا، ولن يجدد عقده مع الاتحاد الذي سينتهي الصيف المقبل.
وأوضح أن “الخيار المرجح لرحيل بنزيما عن الاتحاد سيكون صوب بنفيكا بشكل مجاني خلال الصيف المقبل، ولكن ذلك لا يمنح إمكانية انضمامه لكتيبة مورينيو في يناير/كانون ثان المقبل”.
وكانت العديد من الأنباء قد أشارت إلى أن النجم الفرنسي لا يشعر بالارتياح في صفوف اتحاد جدة، في الوقت الذي يسعى فيه “العميد” لتمديد عقده موسم إضافي.
الراية البيضاء
ورقة اللعب تحت قيادة مورينيو، ستمنح كريم بنزيما إمكانية رفع الراية البيضاء عبر الخروج من الاتحاد في نهاية الموسم الجاري، بعد أزمات عديدة ضربت الفريق.
ورغم أن بنزيما قاد الاتحاد لتحقيق ثنائية الدوري وكأس الملك والتأهل لدوري أبطال آسيا للنخبة خلال الموسم الماضي، إلا أن النسخة الحالية كانت مغايرة تمامًا، من حيث الاستقرار الفني والإداري للفريق ككل.
الاتحاد يعاني بشدة من أزمات إدارية وفنية لا حصر لها، بدأت بتغيير مجلس إدارة النادي، بالإضافة للفشل في تدعيم احتياجات الفريق، فضلاً عن سوء إدارة ملف تجديد عقود اللاعبين الأجانب والمحليين.
إضافة إلى ذلك، يبدو أن الفريق دخل الموسم الجاري بدون جاهزية فنية أو بدنية، والدليل على ذلك هو الظهور بصورة سيئة أمام أي فريق قوي يتمتع بتنظيم دفاعي وهجومي.
وخسر “العميد” أمام النصر في افتتاحية السوبر المحلي (1-2)، وهو ما تكرر قبل أيام قليلة في بطولة الدوري (0-2)، بالإضافة للسقوط خارج الديار أمام الوحدة الإماراتي (1-2) بأولى مباريات نخبة آسيا.
وفي ظل هذه الظروف الصعبة، وجد كريم بنزيما نفسه يُحارب وحيدًا، خاصة وأن منظومة اللعب بأكملها، مبنية على قدراته في الاستلام تحت الضغط وتوزيع اللعب يمينًا ويسارًا.
وبالتالي، فإن المهاجم الفرنسي سيستغل فرصة الخروج من الاتحاد بعد الحصول على مستحقاته كاملة بعد نهاية الموسم، رافعًا الراية البيضاء أمام هذه الأزمات والمنافسة الشرسة التي تنتظر الفريق لاحقًا.
وربما ما يزيد من صعوبة الموقف، أن الاتحاد راهن بشكل كامل على خبرة بنزيما ووجوده القيادي داخل الفريق، حتى أن العديد من اللاعبين الشباب كانوا يعتبرونه قدوة ومصدر إلهام لهم.
وخروجه لن يُربك الحسابات الفنية فقط، بل سيحرم النادي الاتحادي من عقلية بطل صال وجال في الملاعب الأوروبية، ورفع العديد من الألقاب.
خسارة كبرى
سيكون رحيل كريم بنزيما، بمثابة صدمة مدوية لخطط الاتحاد خلال الفترة المقبلة، تزامنًا مع إمكانية رحيل العديد من الأسماء وعلى رأسها الفرنسي نجولو كانتي.
لكن خروج بنزيما على وجه التحديد، سيتسبب في خسارة الاتحاد 50% من قوته، خاصة وأن النجم الفرنسي لا تقتصر أدواره على وجود كرأس حربة فحسب، بل تمتد لعدة جوانب، منها الخروج لمنطقة الجزاء وإفساح الطريق للجناحين والقادمين من الخلف، واستلام الكرة وتوزيعها كيفما شاء، حيث ما يبرهن على ذلك، هو تحقيقه جائزة أفضل لاعب بالموسم الماضي في دوري روشن، نظرًا لأنه كان اللاعب الأكثر مساهمة في الأهداف بالمسابقة، بواقع 30 هدفًا، متساويًا مع سالم الدوسري، قائد الهلال.
وبالتالي، سيكون على الاتحاد، إعداد ملف متكامل يضم عدة مهاجمين، من أجل الاستعانة بأحدهم في الموسم المقبل، تحسبًا لرحيل الهداف الفرنسي المحتمل.
وبعيدًا عن الخسارة الفنية، فإن الاتحاد سيخسر قائدًا حقيقيًا داخل وخارج الملعب، ورجلاً يستطيع الحديث بقوة أمام وسائل الإعلام لدعم فريقه أمام الهجمات والانتقادات.
ورحيله لن يترك فراغًا هجوميًا فحسب، بل سيترك أثرًا نفسيًا ومعنويًا يصعب تعويضه بسهولة، وهو ما قد يزيد من صعوبة المرحلة المقبلة على النادي.