يستعد ملعب سانتياجو برنابيو، معقل ريال مدريد، لاستضافة الفصل الأحدث والأكثر اشتعالاً في تاريخ كرة القدم العالمية، عندما يواجه الملكي، غريمه التقليدي برشلونة، يوم 26 أكتوبر/تشرين أول الجاري، في إطار الجولة العاشرة من منافسات الليجا.
لكن هذه المواجهة المرتقبة تتجاوز بكثير حسابات 3 نقاط، لتتحول إلى معركة على صدارة الإحصائيات التاريخية، وهي الصدارة التي لم تكن مهددة بالانهيار كما يحدث بالموسم الحالي.
ونجح برشلونة، مدفوعاً بانتفاضة هائلة خلال موسم 2024-2025، في تضييق الخناق على تفوق ريال مدريد التاريخي، ليجعل الفارق الإحصائي بين القطبين ضئيلاً، لدرجة أن انتصارات قليلة قد تقلب موازين ظلت صامدة لعقود قادمة.
سباق الانتصارات
لطالما اعتمد ريال مدريد على تقدمه التاريخي في عدد الانتصارات في “الكلاسيكو” كدليل على تفوقه المؤسسي الطويل الأمد.
لكن هذا التفوق بات هشا على نحو غير مسبوق، حيث يمتلك ريال مدريد 106 انتصارات، مقابل 104 انتصارات لبرشلونة، بينما حضر التعادل في 51 مناسبة في مختلف البطولات الرسمية.
هذه الأرقام تشير إلى أن الفارق بين الفريقين في سباق الفوز لا يتعدى انتصارين فقط، وهي الفجوة الأضيق التي وصلت إليها الإحصائية في العصر الحديث.
الفارق المكون من انتصارين، يجعل فوزا جديدا لبرشلونة في البرنابيو، بمثابة تهديد بتحويل الصدارة إلى مجرد ذكرى في تاريخ ريال مدريد.
حقبة فليك
يعود الفضل في هذا التضييق السريع للفارق الإحصائي إلى المدرب الألماني هانز فليك. ففي موسم 2024-2025، حقق برشلونة 4 انتصارات متتالية ورسمية على ريال مدريد، وهو إنجاز تاريخي بحد ذاته.
ولم يسبق لبرشلونة قط أن فاز بكل مبارياته في موسم واحد ضد غريمه التقليدي، في موسم يضم ثلاث مواجهات كلاسيكو رسمية على الأقل.
ولم تقتصر انتفاضة برشلونة على الفوز فحسب، بل على الطريقة الغزيرة التي سحق بها النادي الملكي. فخلال هذه الانتصارات الأربعة المتتالية، أحرزت كتيبة المدرب فليك 16 هدفاً كاملاً، محطمة بذلك الرقم القياسي لعدد الأهداف التي يسجلها فريق واحد في شباك ريال مدريد خلال موسم واحد من الكلاسيكو.
ولعل أبرز تلك النتائج كانت الفوز الساحق 4-0 في سانتياجو برنابيو في أكتوبر/تشرين أول الماضي، ضمن منافسات الدوري الإسباني، بالإضافة إلى التتويج بلقب كأس السوبر الإسباني بالفوز 5-2 في جدة.
هذه النتائج الكبرى هي التي أحدثت هذا التآكل السريع في رصيد ريال مدريد التاريخي.
شبح جوارديولا يطارد البرنابيو
المباراة القادمة تحمل في طياتها رهاناً تاريخياً، أكبر من مجرد تقليص الفارق، فإذا حقق برشلونة، انتصاره الخامس توالياً، فإنه سيعادل أطول سلسلة انتصارات متتالية له في تاريخ الكلاسيكو.
ولقد سبق لبرشلونة أن حقق 5 انتصارات متتالية مرة واحدة فقط، وكانت تلك السلسلة الأيقونية قد امتدت من موسم 2008-2009 وحتى موسم 2010-2011، إبان العصر الذهبي لبيب جوارديولا.
وكانت تلك الفترة شاهدة على انتصارات كبرى، أبرزها الفوز 6-2 في البرنابيو عام 2009، والخماسية الشهيرة 5-0 في كامب نو.
وبالتالي فإن تكرار هذا الإنجاز تحت قيادة فليك، لن يكون مجرد فوز في سجل الدوري، بل سيكون إعلاناً رسمياً عن تدشين حقبة جديدة من الهيمنة الكتالونية، ومضاهاة للجيل الذهبي.
وعلى الجانب الآخر، يملك ريال مدريد الرقم القياسي لأطول سلسلة انتصارات متتالية بسبعة مباريات، والتي حققها بين عامي 1962 و1965.
معادلة الأهداف
لا يقتصر التهديد الكتالوني على الانتصارات فقط، بل يمتد إلى إحصائية الأهداف المسجلة، حيث يتقدم ريال مدريد في هذا الجانب أيضاً، لكن بفارق قليل بالنظر إلى عمر المنافسة. فقد سجل ريال مدريد 443 هدفاً في الكلاسيكو، مقابل 435 هدفاً لبرشلونة.
وسجل الفريق الكتالوني 16 هدفاً في 4 مواجهات أمام ريال بالموسم الماضي، مما يعني أن الفجوة قابلة للتعويض بالكامل خلال عدد قليل من المباريات.
عرش الهدافين: ميسي الأسطورة الخالدة
بالرغم من تفوق ريال مدريد التاريخي الضيق في إحصائيتي الانتصارات والأهداف، إلا أن الإحصائية الفردية الأهم في تاريخ الكلاسيكو، تظل حكراً على أسطورة برشلونة، الأرجنتيني ليونيل ميسي، الذي يتربع على عرش الهدافين التاريخيين برصيد 26 هدفاً.
ويظهر حجم إنجاز ميسي عند مقارنته بأساطير ريال مدريد، كريستيانو رونالدو وألفريدو دي ستيفانو، اللذان يتشاركان المركز الثاني برصيد 18 هدفاً لكل منهما.
وفي ظل هذه الأرقام المتقاربة، يتحول كلاسيكو 26 أكتوبر 2025 إلى لحظة تاريخية فاصلة. فالمباراة ستحدد ما إذا كانت انتفاضة برشلونة في موسم 2024-2025 مجرد سحابة صيف، أم أنها إيذان ببدء مرحلة جديدة من السيطرة الكتالونية التي ستقلب الطاولة على الإحصائيات التاريخية التي كانت يوماً في صالح ريال مدريد.
الانتصارات التاريخية
تُقاس شراسة المنافسة تاريخياً، ليس فقط بعدد الانتصارات، بل بهامش تلك الانتصارات. في حين أن ريال مدريد يمتلك أكبر انتصار في تاريخ الكلاسيكو بنتيجة 11-1 في عام 1943 ضمن كأس الملك، بالإضافة إلى الفوز 8-2 في 1935، فإن برشلونة لديه أيضاً انتصارات تاريخية مدوية مثل 7-2 في 1950 و6-1 في 1957.
وفي العصر الحديث، تعتبر الانتصارات ذات النتيجة الكبيرة التي تحققها برشلونة (مثل 6-2 عام 2009، والخماسية الشهيرة، والفوز 4-0 في 2024 تحت قيادة فليك) هي التي تدفع بسرعة بعجلة التغيير الإحصائي.