بين الجرأة والاندفاع .. يامال يسلك طريق بيكيه قبل الكلاسيكو – الرياضة نت
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On YoutubeCheck Our Feed

بين الجرأة والاندفاع .. يامال يسلك طريق بيكيه قبل الكلاسيكو

قبل أيام معدودة من الكلاسيكو الإسباني المرتقب بين ريال مدريد وبرشلونة، وجد النجم الشاب لامين يامال نفسه في قلب عاصفة إعلامية غير مسبوقة بعد تصريحات استفزازية اعتبرها كثيرون دليلاً على غرور مبكر، وابتعاد واضح عن النهج الهادئ الذي اتبعه أساطير برشلونة من قبل، وعلى رأسهم ليونيل ميسي.

فبينما كان عشاق الكرة الإسبانية يستعدون لمباراة تحمل كل عناصر الإثارة الكروية، أشعل اللاعب المراهق فتيل جدلٍ أوسع من المتوقع، حينما تحدث في بث مباشر ضمن فعاليات “دوري الملوك” الذي يقدمه صانع المحتوى المدريدي المعروف إيباي يانوس، قائلًا عن ريال مدريد: “إنهم يسرقون ثم يشتكون”.

لم تمر تلك العبارة مرور الكرام، إذ التقطتها وسائل الإعلام الإسبانية في لحظات قليلة، لتتحول إلى عنوانٍ رئيسي في كبريات الصحف، وتعيد إلى الواجهة الخط الرفيع الذي يفصل بين التلقائية والاستفزاز في عالم كرة القدم الحديث.

وما زاد من حدّة الموقف أن يامال، الذي لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره بعد، واصل حديثه بثقة زائدة حينما ردّ على مداخلة إيباي بشأن صعوبة اللعب في ملعب “سانتياجو برنابيو”، قائلاً: “لا أعتقد، آخر مرة فزنا 4-0 هناك!”.

تلك الجملة الثانية، التي بدت في ظاهرها بسيطة، عكست في نظر كثيرين مزيجًا من الغرور وعدم الوعي بتاريخ المواجهات الأخيرة، وكأن اللاعب يختزل ذاكرة الصراع الطويل بين الناديين في نتيجة واحدة فقط.

الذاكرة الانتقائية

تشير الأرقام إلى أن ما بين أبريل/ نيسان 2023 و2024 خسر برشلونة 4 مواجهات متتالية أمام ريال مدريد، اثنتان منها بنتائج ثقيلة بلغت (4-0) و(4-1)، قبل أن تنقلب الموازين في عهد المدرب الألماني هانز فليك، فيحقق الفريق الكتالوني سلسلة انتصارات متتالية وصلت إلى 4 مباريات أيضا سجّل خلالها 16 هدفًا مقابل 7 فقط تلقاها في مرماه.

بهذا المعنى، فإن التاريخ القريب يؤكد أن الكفة بين الطرفين كانت تميل مرة إلى ريال مدريد وأخرى إلى برشلونة، وأن الادعاء بالهيمنة المطلقة لأي منهما لا يستقيم مع الواقع.

لذلك، فإن ثقة يامال المفرطة بدت للكثيرين غير مبررة، خصوصًا أنها جاءت في لحظة يتطلع فيها برشلونة لتأكيد عودته بعد موسم صعب، فيما يسعى ريال مدريد للثأر واستعادة الهيبة.

ليس ميسي وإنما بيكيه

لكن ما أثار الجدل أكثر من مضمون التصريحات هو توقيتها وسياقها العام، فقبل مباراة بحجم الكلاسيكو، يكون أدقّ تعبير محسوبًا بعناية من قِبل اللاعبين والمدربين، نظرًا لحساسية الجماهير والرمزية التاريخية للمواجهة، ولهذا، جاءت ردود الأفعال قاسية وسريعة.

صحيفة “ماركا” المدريدية هاجمت اللاعب بحدة، ووصفت تصريحاته بأنها “غير مسؤولة وتستدعي تدخل لجنة مكافحة العنف”، مؤكدة أن الكلمة التي استخدمها “يسرقون”، تحمل مدلولات خطيرة تتجاوز حدود المزاح ولا يمكن تبريرها بأي شكل.

وأضافت الصحيفة في لهجة نقدية لاذعة: “كان يمكن للامين أن يكون مثل ميسي، لكنه يختار أن يكون مثل بيكيه، وبهذا يخطئ الطريق تمامًا”، في إشارة واضحة إلى أن اللاعب الشاب يسير على خطى جيرارد بيكيه الذي اشتهر بإطلاق التصريحات المستفزة ضد ريال مدريد وجماهيره خلال فترات التوتر بين الغريمين.

ويبدو أن المقارنة بين ميسي وبيكيه في هذا السياق لم تأتِ اعتباطًا، إذ تمثل الأولى نموذج الهدوء والانضباط والتركيز على كرة القدم، فيما يمثل الثاني الوجه الإعلامي الصاخب لبرشلونة، الذي كثيرًا ما كان يتحدث خارج المستطيل الأخضر ويصنع من الجدل مادةً إضافية لصراع لا يهدأ.

غرفة ملابس تغلي

لم تتأخر أصداء التصريحات داخل غرفة ملابس ريال مدريد، إذ كشفت مصادر قريبة من الفريق أن حالة من الغضب الشديد سادت بين اللاعبين، خصوصًا كبار القادة، الذين اعتبروا ما قاله يامال مساسًا بسمعة النادي وتاريخه.

غير أن هذا الغضب تحوّل سريعًا إلى دافع إضافي، إذ أشارت بعض التقارير إلى أن كلمات الشاب الكتالوني أصبحت بمثابة “حافز تعبوي” قبل المواجهة المنتظرة.

بل إن بعض الصحفيين الإسبان نقلوا عن أحد لاعبي الريال، أن القائد داني كارفاخال ينوي التحدث مع يامال بعد اللقاء، في حوار “لن يكون ودّيًا تمامًا”، ما يعكس مدى الاحتقان الذي أحدثته جملة واحدة في معسكر مدريد.

وفي المقابل، حاولت بعض الصحف الكتالونية التخفيف من وقع الأزمة، معتبرة أن تصريحات يامال “كانت دعابة لم يُحسن التعبير عنها”، وأن الضجة الإعلامية تضخمت بفعل الحساسية التاريخية بين الناديين.

بين الملعب والإنترنت

أغلب التحليلات المحايدة في الصحافة الإسبانية ترى أن ما قاله اللاعب لا يمكن عزله عن الواقع الرقمي الجديد لكرة القدم، حيث تتداخل الرياضة بالترفيه، ويتحوّل اللاعبون بسرعة إلى شخصيات إعلامية، خصوصًا عندما يظهرون في محتوى رقمي غير رسمي كما حدث مع إيباي يانوس.

في هذا المشهد، يبدو لامين يامال نموذجًا معاصرًا لجيلٍ جديد من اللاعبين يعيش بين عالمين: عالم الملعب الذي يتطلب التركيز والانضباط، وعالم الإنترنت الذي يغري بالظهور والجدل.

وربما لم يدرك بعد أن المسافة بين التصريح المثير وبين فقدان الاحترام العام قصيرة جدًا في كرة القدم الحديثة، وأن ما يُقال في لحظة انفعال يمكن أن يطارده لسنوات.

الأقدام لا الميكروفونات

ومع اقتراب صافرة البداية، يمكن القول إن الكلاسيكو المقبل لن يكون مجرد اختبار فني بين تشابي ألونسو وفليك، بل مواجهة رمزية بين الهدوء والانفعال، بين من يرد بالكلمة ومن يرد بالفعل.

لقد وضع يامال نفسه في قلب المعركة قبل أن تبدأ، وسيكون عليه الآن أن يثبت في الميدان أن ثقته ليست مجرد ادعاء، وأنه قادر على ترجمة كلماته إلى أداءٍ يليق بما وعد به جمهوره.

فالتاريخ لا يحفظ التصريحات، بل يحفظ الأفعال، وربما كانت مباراة الأحد فرصته الحقيقية لتوضيح أي طريق اختار بالفعل: طريق ميسي أم طريق بيكيه.

التصنيفات: الدوري الاسباني,عاجل