دخل ليفربول مرحلة مقلقة من الموسم بعد سقوطه الجديد أمام برينتفورد بنتيجة 3-2، أمس السبت، في مباراة كشفت حجم معاناة الفريق تحت قيادة أرني سلوت، وسط استمرار الأداء الباهت وتعدد الأخطاء الفردية، بينما لم تعد المبررات التي يطرحها المدرب الهولندي تقنع أحداً.
ووفقا لصحيفة “ذا أتلتيك” البريطانية، كان ليفربول في المواجهات السابقة يجد الأعذار في كل خسارة. أمام كريستال بالاس وتشيلسي، أرجع الفريق السقوط إلى الأهداف المتأخرة في اللحظات الأخيرة، وهو ما بدا مقبولاً إلى حد ما بعد أن استفاد الفريق ذاته من تسجيل العديد من الأهداف المتأخرة هذا الموسم.
أما أمام مانشستر يونايتد، فكانت الحجة إهدار الفرص السهلة والاصطدام بالعارضة ثلاث مرات، مع التفوق الواضح في الإحصاءات الهجومية باستثناء الأهم: تسجيل الأهداف.
لكن خلال الخسارة الأخيرة أمام برينتفورد على ملعب “جيتك كوميونيتي”، نفدت الأعذار تماماً.
بدا لاعبو ليفربول عاجزين، يخرجون الكرة خارج الملعب دون ضغط يُذكر، ويرتكبون أخطاء دفاعية بدائية، كما فشلوا في تخطي المدافع الأول من ركلة ركنية في الدقيقة 100 رغم تواجد كل اللاعبين داخل منطقة الجزاء. والأسوأ أنهم افتقدوا الرغبة والروح القتالية، خصوصاً في بداية الشوط الثاني حين فشل حامل اللقب في تسديد أي كرة على المرمى لمدة 20 دقيقة، بينما سيطر برينتفورد تماماً على اللقاء.
مبررات سلوت
ورغم ذلك، اختار أرني سلوت تقديم الأعذار بعد المباراة، وإن حاول التخفيف من وقعها.
وأشارت الصحيفة إلى أن تصريحاته لم تكن صريحة كما كانت بعد مواجهتي نيوكاسل ومانشستر يونايتد حين انتقد الأسلوب الدفاعي المبالغ فيه والكرات الطويلة، أو حين أعرب عن انزعاجه من قيام الخصوم بتبديل تشكيلتهم عند مواجهة ليفربول (وهو ما علّق عليه حساب برينتفورد الرسمي بسخرية بعد المباراة)، لكنه مع ذلك حاول إيجاد مبررات للهزيمة.
في المؤتمر الصحفي عقب اللقاء في لندن، أكد سلوت أنه لا يريد تبرير النتائج، لكنه في الوقت ذاته سرد مجموعة من الأسباب التي رأى أنها تفسر تراجع الأداء.
قال المدرب الهولندي: “لا أعلم إن كان هذا سيُعتبر عذراً، لكن من بين آخر ست مباريات خضناها، كانت خمس منها خارج ملعبنا، وهذا لا يساعد عندما تمر بفترة كهذه”.
وقالت الصحيفة: “صحيح أن ليفربول خاض خمساً من آخر ست مباريات خارج أرضه، لكن بالنسبة لفريق يمتلك أفضل سجل خارج الديار في موسم 2024-2025، فذلك لا يبدو مبرراً كافياً”.
وأضافت: “الفريق خسر أربعاً من تلك المباريات أمام كريستال بالاس، جالطة سراي، تشيلسي، وبرينتفورد. وفي الموسم الماضي، فاز على برينتفورد وبالاس وخسر أمام تشيلسي بتشكيلة بديلة بعد أن حسم اللقب قبلها بأيام”.
وأوضحت أنه قد تكون المواجهات صعبة، لكن حين تكون واحداً من أسوأ فريقين في الدوريات الخمسة الكبرى من حيث سلسلة الهزائم (مع سانت باولي الألماني)، فالأمر لا يتعلق بالمكان بقدر ما يتعلق بالروح والأداء.
وأضاف سلوت: “كنت آمل أن يؤدي الفوز خلال الأسبوع، رغم قصر فترة الراحة التي لم تتجاوز يومين قبل هذه المباراة، إلى نتيجة أفضل”.
وشرحت الصحيفة أن سلوت كان يقصد هنا المباراة الأوروبية ضد آينتراخت فرانكفورت منتصف الأسبوع، والتي ربما أثرت على الفريق بدنياً، تماماً كما كان سلفه يورجن كلوب ينتقد تواتر المباريات المفروض من القنوات التلفزيونية.
لكن رغم الإرهاق اللوجستي بين ألمانيا ولندن، ومع اختلاف أسلوب اللعب بين المنافسين، فإن عمق تشكيل ليفربول يمنع استخدام ذلك كذريعة للأخطاء الفردية القاتلة.
وقال سلوت أيضاً: “لا يجب اعتبارها عذراً، لكن ركلة الجزاء التي احتُسبت ضدنا كانت لينة جداً، أعتقد أنكم ستتفقون معي أنها قرار قاسٍ”.
وذكرت الصحيفة: “بالفعل، كان قرار الحكم تيم روبنسون مثيراً للجدل حين احتسب ركلة جزاء بعد تدخل فيرجيل فان دايك على دانجو واتارا، إذ حوّل القرار من خطأ خارج المنطقة إلى ركلة جزاء بعد مراجعة “الفار” التي أكدت أن المخالفة حدثت على الخط”.
ورغم أن الحالة كانت هامشية، إلا أن المشكلة الحقيقية ربما كانت في تهور فان دايك نفسه، الذي يعيش فترة تراجع مقلقة في مستواه.
وتابع المدرب الهولندي: “قبل هدفهم الثاني مباشرة، تعرّض كودي جاكبو لعرقلة داخل المنطقة ولم تُحتسب، ولو عرضت الحالتين على أي حكم في العالم لاختار على الأقل احتساب واحدة منهما، وربما تلك الخاصة بجاكبو”.
ورغم أن المخالفة كانت بسيطة، فإن تدخل ناثان كولينز كان واضحاً أمام قدم جاكبو وربما استحق احتساب ركلة جزاء، لكن المبالغة في السقوط أضرت بموقف اللاعب.
ثم أضاف سلوت: “ربما يعود تراجعنا أيضاً إلى التغييرات الكثيرة التي حدثت هذا الصيف، فمثل هذه الأمور تحتاج وقتاً، لكنني لم أتوقع أربع هزائم متتالية. من الطبيعي أن تكون هناك مطبات في طريق التغيير”.
ثورة ليفربول
إجراء تغييرات كبيرة على الفريق بدا سبباً منطقياً، لكنه في الوقت نفسه كان خياراً استراتيجياً للنادي، فرغم وجود مبررات لبيع لويس دياز وداروين نونيز وجاريل كوانساه وكاويمين كيليهر، نظراً للعروض المغرية أو لرغبة اللاعبين في الرحيل، إلا أن النادي لم يكن مضطراً للتخلي عنهم. ويُعد غياب دياز تحديداً مؤثراً بشدة هذا الموسم.
لكن المشكلة الأكبر أن معظم الوافدين الجدد لم يقدموا الأداء المنتظر، باستثناء هوجو إيكيتكي الذي كان الإضافة الأبرز حتى الآن.
وفي المقابل، أظهر ميلوس كيركيز ارتباكاً واضحاً أمام برينتفورد، إذ بدا غير قادر على مجاراة الإيقاع وارتكب أخطاء متكررة. كما جسدت المباراة حالة فلوريان فيرتز هذا الموسم، بلمحات فنية جميلة يقابلها فقدان للانسجام وتعرضه للضغط بسهولة.
وأضاف سلوت: “الفرق باتت تعتمد أسلوباً محدداً ضدنا، وهو فعال جداً، ولم نجد له الحل بعد. تلقي هدف مبكر بعد خمس دقائق لا يساعد أيضاً”.
برينتفورد لعب بأسلوب مباشر يعتمد على القوة البدنية والكرات الطويلة والركلات الثابتة، إضافة إلى التسديد من بعيد، ما أجبر الحارس مامارداشفيلي على القيام بتصديين رائعين.
وشكلت الرميات الطويلة من مايكل كايوودي تهديداً مستمراً رغم أن ليفربول تدرب على التعامل معها في اليوم السابق للمباراة. لكن الفريق ساعد خصمه دون داعٍ بإخراج الكرة مراراً من مناطقه الدفاعية.
حتى الحارس مامارداشفيلي نفسه مرر الكرة خارج الملعب في الدقيقة الثانية، وكرر الفعل ذاته في الدقيقة 95، كما فشل كونور برادلي في السيطرة على تمريرة الحارس خلال الهدف الأول.
أثنى سلوت على أداء برينتفورد الجماعي، لكنه انتقد لاعبيه لعدم قيامهم بـ”الأساسيات بشكل صحيح” في أداء وصفه بالضعيف جداً، كما لم يتعلم الفريق من دروس الخسارة أمام مانشستر يونايتد، سواء في الالتحامات أو الكرات الثانية في الوسط، ما أثار القلق الأكبر لدى المدرب.
وأتمت الصحيفة: “المشكلة باتت أعمق من كونها تكتيكية فقط، إذ يمكن تحديد نصف التشكيلة الأساسية الحالية تقريباً كمراكز ضعف واضحة، وكلما طالت سلسلة الهزائم، تضاءلت الأعذار أكثر فأكثر، لتصبح العاصفة التي يواجهها سلوت في ليفربول أقسى من أي وقت مضى”.



