مانشستر يونايتد يعلن التمرد على الماضي .. هل نعيش بداية نبوءة لوك شاو؟ – الرياضة نت
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On YoutubeCheck Our Feed

مانشستر يونايتد يعلن التمرد على الماضي .. هل نعيش بداية نبوءة لوك شاو؟

في صيف 2025، بدا تصريح لوك شاو أشبه بنكتة خفيفة في خضم موسم كارثي. قال مدافع مانشستر يونايتد لشبكة “سكاي سبورتس” خلال جولة الفريق في أمريكا: “الهدف هو الفوز بالدوري الإنجليزي الممتاز. أعلم أن الناس سيتساءلون عن قولي هذا بعد الموسم الماضي، لكن هذا ما يجب أن يكون عليه الأمر. علينا جميعًا أن نؤمن ونسعى في الاتجاه نفسه”.

حينها، لم يبدُ حديث شو أكثر من وهم جماعي. فالفريق الذي أنهى الموسم السابق بأسوأ أداء في تاريخه الحديث، بدا أبعد ما يكون عن المنافسة على أي لقب. ومع ذلك، مرت الشهور، وتبدّل المشهد في أولد ترافورد تمامًا.

بدأ يونايتد موسم 2025-2026 على نحو متعثر، فاز في مباراتين فقط من أول 6 جولات، وتعرّض لهزيمة قاسية 3-1 أمام برينتفورد، دفعت الجماهير إلى المطالبة بإقالة المدرب البرتغالي روبن أموريم. بدا أن المشروع ينهار قبل أن يبدأ.

لكن أكتوبر حمل تحوّلًا دراميًا. فاز يونايتد على سندرلاند 2-0، ثم كسر عقدة أنفيلد التي استمرت 9 سنوات دون فوز، قبل أن يُسقط برايتون 4-2 في مباراة مثيرة أكدت أن الفريق بدأ يستعيد نبضه. ثلاث انتصارات متتالية أعادت الشياطين الحمر إلى المراكز الأوروبية، بفارق ست نقاط فقط عن آرسنال المتصدر في بداية الموسم.

قال أموريم بعد سلسلة الانتصارات: “أعتقد أن اللاعبين أصبحوا أكثر ثقة. كنا جيدين منذ المباراة الأولى ضد أرسنال، لكن الفارق الآن أننا نؤمن بأنفسنا. عندما تملك الثقة، تحالفك اللحظة، وتصبح النتائج انعكاسًا لروحك”.

تلك الروح التي تحدث عنها المدرب البرتغالي هي جوهر التحوّل. فجأة، بات تصريح لوك شاو يبدو أقل جنونًا، وأقرب إلى نبوءة تتشكّل ملامحها. فهل يملك مانشستر يونايتد حقًا ما يؤهله لمطاردة اللقب؟

الإجابة تكمن في 6 أسباب رئيسية جعلت مشروع أموريم ينضج أخيرًا.

ثنائية مبومو وآماد.. جناحان من نار

عندما وقّع مانشستر يونايتد مع برايان مبومو من برينتفورد مقابل 71 مليون جنيه إسترليني، بدا السؤال المنطقي: ماذا عن أماد ديالو؟

فالنجم الإيفواري أنهى الموسم السابق كثاني أفضل لاعب في الفريق خلف برونو فرنانديز، وساهم بأهداف حاسمة أبرزها الثلاثية أمام ساوثهامبتون والهدف التاريخي ضد مانشستر سيتي.

لكن أموريم لم يُقصِ أحدًا منهما، بل وجد وسيلة لجعلهما يلعبان معًا. تحوّل أمد إلى جناح دفاعي أو ظهير متقدم في منظومة 3-4-3، بينما تحرّك مبومو بحرية في مركز “رقم 10” على الجانب الأيمن. النتيجة؟ شراكة هجومية تزداد انسجامًا أسبوعًا بعد آخر.

قال أماد بعد الفوز على ليفربول 2-1، حيث صنع الهدف الافتتاحي لمبومو: “في البداية كنا نحاول فهم بعضنا، لكنه أصبح أمرًا طبيعيًا الآن. عندما يلعب هو صانع ألعاب، أتحوّل أنا إلى الظهير، والعكس صحيح. العلاقة بيننا داخل وخارج الملعب ممتازة، وهذا ينعكس في الأداء”.

الأرقام تدعم ذلك: ستة أهداف لمبومو في أول عشر مباريات، منها ثنائية رائعة أمام برايتون. وفي الوقت الذي تطوّر فيه أماد تكتيكيًا، اكتسب مبومو صفة “الحسم” التي افتقدها يونايتد طويلًا.

قد يغيب الثنائي عن الفريق خلال كأس الأمم الأفريقية في يناير، لكن إن استطاع يونايتد البقاء قريبًا من القمة حتى ذلك الحين، فعودة هذا الثنائي قد تشعل النصف الثاني من الموسم.

كونيا.. البرازيلي الذي يزرع الأمل

حين وصل ماتيوس كونيا من وولفرهامبتون مقابل 62.5 مليون جنيه إسترليني، اعتقدت جماهير يونايتد أنها وجدت أخيرًا المهاجم الذي طال انتظاره. لكن البداية لم تكن واعدة؛ ثماني مباريات دون هدف واحد، وإصابة في أوتار الركبة أجبرته على الغياب عن الديربي ضد السيتي.

ومع ذلك، لم يكن أداؤه سيئًا بقدر ما كان غير مثمر.. كان كونيا يركض بلا توقف، يربك الدفاعات بلمساته الذكية ومراوغاته الضيقة، ويفتح المساحات لزملائه، لكن دون ترجمة إلى أرقام.

حتى جاء انفجاره أمام برايتون، عندما سدد كرة ملتفة استقرت في الزاوية البعيدة لمرمى فيربروجن. ركض نحو مدرج “ستريتفورد إند” وابتسامته العريضة تقول أكثر مما يمكن للكلمات أن تشرح.

قال عنه أموريم بعد اللقاء: “كونيا يملك شيئًا يصعب وصفه، إنه يشعر بالراحة تحت الضغط. لديه شخصية القائد حتى وهو لا يسجل. ما زال بحاجة للتحسن دفاعيًا، لكنه لاعب نادر، يجمع بين الموهبة والشجاعة”.

يشبه كونيا أولئك المهاجمين الذين لا يُقاس تأثيرهم بالأهداف فقط. بوجوده، أصبح يونايتد أكثر توازنًا، وأكثر قدرة على بناء الهجمات من العمق. ومع نضجه التكتيكي تحت قيادة أموريم، يمكن أن يصبح أحد مفاتيح موسم قد يُكتب في ذاكرة النادي.

دي ليخت.. عودة القائد المفقود

في الموسم الماضي، بدا ماتيس دي ليخت وكأنه ظل نفسه. بطء في الارتداد، أخطاء في التمركز، وضعف في التغطية خلف الظهيرين. لكن هذا الموسم مختلف تمامًا.

المدافع الهولندي البالغ من العمر 26 عامًا خاض تحضيرًا مثاليًا قبل الموسم، للمرة الأولى منذ رحيله عن أياكس. لم يتنقّل بين أندية، ولم يُعانِ من إصابات أو بطولات صيفية مرهقة. والنتيجة كانت واضحة: مدافع أكثر رشاقة، أكثر حضورًا، وأكثر نضجًا.

قال دي ليخت في مقابلة تلفزيونية: “أخيرًا خضت فترة إعداد كاملة دون انقطاع. أشعر أنني في أفضل حالاتي الذهنية والبدنية منذ سنوات. هذا الفريق يمنحني الثقة، والمدرب يعرف كيف يستخرج أفضل ما لدي”.

فضّل أموريم الاعتماد عليه في قلب الدفاع إلى جانب لوتارو مارتينيز الشاب، مستبعدًا هاري ماغواير تدريجيًا. مع هذا الثلاثي، بدا يونايتد أكثر صلابة في الكرات الهوائية وأكثر تنظيمًا في البناء من الخلف.

اللقب لا يُحسم بالهجوم وحده، ودي ليخت يمثل الركيزة التي طالما افتقدها يونايتد في الدفاع منذ أيام نيمانيا فيديتش وريو فيرديناند.

استقرار في حراسة المرمى بعد سنوات من الفوضى

منذ رحيل إدوين فان دير سار، لم يجد يونايتد حارسًا يمنح خط دفاعه الطمأنينة. صحيح أن ديفيد دي خيا كان أسطورة في سنواته الأولى، لكنه فقد بريقه في المواسم الأخيرة. ثم جاء أندريه أونانا ليزيد الفوضى بخطايا متكررة كلفت الفريق خسائر لا تُنسى.

تبدّل الحال حين قرر أموريم التوقف عن المجازفة. استبعد أونانا، ومنح الفرصة للتركي ألتاي بايندير، قبل أن يتعاقد في اليوم الأخير من سوق الانتقالات مع البلجيكي الواعد سين لامينز من رويال أنتويرب مقابل 18 مليون جنيه إسترليني.

ومنذ اللحظة الأولى، بدا وكأن يونايتد وجد ضالته. في أول ثلاث مباريات، حافظ لامينز على نظافة شباكه مرة، وتألق بتصديات حاسمة أمام ليفربول وبرايتون. يملك حضورًا طاغيًا في منطقة الجزاء، وقدرة على التمرير الطويل تجعل بناء الهجمة أسرع وأكثر دقة.

يُشبَّه في بلاده بخليفة تيبو كورتوا، وربما يحمل المقارنة بعض المبالغة، لكن وجوده منح الفريق إحساسًا نادرًا بالثقة.. ومع حارس كهذا، تصبح الأخطاء أقل عدداً، ويستطيع الدفاع أن يتنفس بثبات.

ثورة هادئة يقودها أموريم

قد يكون أموريم أكثر مدربٍ واجه الشك منذ اليوم الأول لوصوله إلى مانشستر. خلف الكواليس، تحدّثت الصحف عن خلافات مع اللاعبين، وغضب متزايد بعد الخروج من كأس كاراباو أمام جريمسبي تاون المتواضع. بدا الرجل على وشك الاستقالة.

لكنه تمسّك بمبادئه، وصنع ثورة هادئة بدأت من غرفة الملابس. أعاد الانضباط، أعاد الثقة، والأهم أنه غيّر أسلوب التفكير داخل النادي.

أزال فكرة “النجم فوق الفريق” باستبعاد العناصر المثيرة للجدل مثل أونانا وأنتوني وراشفورد وسانشو وجارناتشو. في المقابل، منح الثقة للاعبين الأكثر التزامًا مثل دي ليخت وآماد وماونت وكاسيميرو.

تحوّل الفريق تكتيكيًا أيضًا. فبدلًا من الضغط العالي المتهور الذي ورثه من تين هاج، صار يونايتد يدافع بذكاء بخطة 5-4-1 متى فقد الكرة، ويتحول بسرعة إلى الهجوم عبر أجنحته النشيطة.

يقول أموريم بفخر: “ما تغيّر هو أننا أصبحنا نعرف كيف نتعامل مع اللحظات الصعبة. لم نعد ننهار بعد هدف أو خطأ. هذا الفريق تعلّم أن يقاتل”.

تحت قيادته، انخفضت معدلات الإصابات بفضل نظام تدريب دقيق يوازن بين الأحمال البدنية والاستشفاء. للمرة الأولى منذ سنوات، يبدو مانشستر يونايتد فريقًا منظمًا بدنيًا وذهنيًا في الوقت نفسه.

هي ليست ثورة صاخبة، بل إصلاح من الداخل، يعيد تشكيل هوية النادي قطعة بعد أخرى.

منافسون في أزمة.. والطريق يُفتح من جديد

صحيح أن يونايتد لا يملك عمق تشكيل مانشستر سيتي أو آرسنال، لكن غياب المشاركات الأوروبية يمنحه ميزة ذهبية: التركيز الكامل على الدوري.. وفي موسم مضطرب مثل هذا، قد يكون ذلك الفرق الفاصل بين الطموح والحلم.

مانشستر سيتي لم يعد نفسه. الفريق الذي فاز بأربعة ألقاب متتالية يبدو مرهقًا، يعتمد بشكل شبه كامل على أهداف إيرلينج هالاند. حين يتم السيطرة عليه، كما فعل أستون فيلا في فوزهم الأخير، يبدو سيتي عاجزًا عن إيجاد حلول.

أما ليفربول، حامل اللقب، فقد دخل دوامة من الإخفاق بعد صيف إنفاق ضخم بلغ 446 مليون جنيه إسترليني لجلب أسماء لامعة مثل ألكسندر إيزاك وفلوريان فيرتز وجيريمي فريمبونج. 4 هزائم متتالية وضعت المدرب آرني سلوت تحت ضغط هائل، وبدأت الصحافة تتحدث عن أزمة ثقة داخل غرفة الملابس.

يبقى آرسنال المنافس الأكثر استقرارًا. يتصدر الدوري بفارق أربع نقاط، ولم يتلق سوى ثلاثة أهداف في عشر مباريات، بفضل انضباط دفاعي هائل. ومع ذلك، لا تبدو نسخة أرتيتا الحالية بنفس الإبداع الهجومي لفرق فينجر القديمة.. خمسة أهداف فقط من اللعب المفتوح، والبقية من الكرات الثابتة — إشارة إلى أن القوة الهجومية ليست كما تبدو في الجدول.

في المقابل، يظهر يونايتد أكثر تنوعًا وشجاعة في الثلث الأخير. يصنع أكثر، يسدد أكثر، ويهاجم بثقة أكبر.. قد لا يملك أسماء بمستوى جيوكيريس أو مادويكي، لكن لديه فريقًا يعرف ما يريد. وفي موسم بلا يقين، يكفي ذلك لتغيير كل شيء.

هل يمكن لمانشستر يونايتد أن يحلم؟

ما يحدث في أولد ترافورد لا يُشبه نهضة مؤقتة، بل بناءًا صبورًا لفريق جديد. أموريم لم يُصلح فقط تكتيك الفريق، بل أعاد صياغة شخصيته.. من فريق مرتبك ومليء بالتناقضات، إلى كيان منظم يعرف ما يريد على المدى الطويل.

قد لا يفوز مانشستر يونايتد باللقب هذا الموسم. لكن للمرة الأولى منذ اعتزال السير أليكس فيرجسون، يبدو أن الحلم ليس ضربًا من الخيال.. يملك الفريق مدربًا بخطة، مجموعةً متماسكة، روحًا متجددة، ومنافسين متعثرين.

ربما يكون الطريق لا يزال طويلًا، لكن أولد ترافورد عاد ليؤمن من جديد.. والإيمان — كما قال لوك شاو ذات يوم — هو البداية الحقيقية لكل انتصار.

التصنيفات: الدوري الانجليزي,عاجل