الجرأة لا تكفي .. كيف أصبح أماد ديالو ثغرة في خطة أموريم؟ – الرياضة نت
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On YoutubeCheck Our Feed

الجرأة لا تكفي .. كيف أصبح أماد ديالو ثغرة في خطة أموريم؟

في الأسبوع الماضي، عاش أماد ديالو واحدة من أكثر لحظاته تناقضًا في مسيرته مع مانشستر يونايتد. فقد كان في آنٍ واحد أحد أهم أسلحة الفريق الهجومية، وأحد أبرز نقاط ضعفه الدفاعية. تسديدته الرائعة على الطائر في مرمى نوتنجهام فورست منحت فريقه نقطة ثمينة، وكان قريبًا جدًا من تسجيل هدف الفوز في الوقت القاتل. غير أن هذه اللمسة الفنية المذهلة لم تُخفِ حقيقة أن الإيفواري الشاب يواجه معاناة واضحة في الجانب الدفاعي من دوره الجديد.

ورغم الإشادة الواسعة به كصانع فارق في هجوم يونايتد، فإن معظم التحليلات التي تلت المباراة ركزت على مشكلته الأساسية: ضعف المساهمة الدفاعية. أماد يمتلك مهارات فنية عالية، وسرعة في المراوغة والتحكم بالكرة، لكنه لم يتقن بعد أساسيات الدفاع عن منطقته أو التعامل مع الكرات الهوائية داخل منطقة الجزاء.

المعضلة الكبرى أن أماد يُطلب منه أداء مهام دفاعية شاقة أسبوعًا بعد آخر، لأن روبن أموريم يصرّ على إشراكه كظهير جناح أيمن في تشكيلته المفضلة (3-4-3). وفي بعض المباريات، تجاوز اللاعب هذه الصعوبات بذكائه الفني، لكن مواجهة فورست كانت كاشفة، إذ بدا واضحًا أن الخصم تعمّد استهدافه. وربما يجد أموريم نفسه أمام التحدي ذاته في المباريات المقبلة ضد توتنهام، وإيفرتون، وكريستال بالاس.

لقد سلّط أداء أماد الضوء على قيودٍ حقيقية في منظومة أموريم، وكشف حدودًا في التشكيل الذي يعتمد عليه المدرب البرتغالي منذ توليه المهمة في “أولد ترافورد”.

المثالية في اختبار الواقع

خاض أماد أولى مبارياته تحت قيادة أموريم في مركز الظهير الأيمن أمام إبسويتش تاون، وساهم بصناعة الهدف الأول في عهد المدرب الجديد لماركوس راشفورد. لكن بعد أسابيع قليلة، وجد نفسه يحتل موقعًا ثابتًا في هذا المركز الغريب على قدراته.

كان الصيف الماضي مزدحمًا بالأجنحة في تشكيلة مانشستر يونايتد — راشفورد، سانشو، جارناتشو، وأنتوني — غير أن ظروفًا فنية وانضباطية أبعدت بعضهم عن الفريق الأول، ما جعل أماد خيارًا مثاليًا من وجهة نظر أموريم.

شارك ديالو في ثماني من أصل تسع مباريات متاحة في الدوري الإنجليزي هذا الموسم، وغاب فقط عن رحلة برينتفورد بسبب وعكة صحية. ورغم أن ثلاثًا من مشاركاته جاءت في مراكز هجومية صريحة، فإن أغلبها كان في مركز الظهير الأيمن، ليصبح الخيار الأول في هذا الدور على حساب ديوجو دالوت الذي اضطر للعب في الجهة اليسرى.

أموريم نفسه برر هذا الاختيار في ديسمبر الماضي بقوله: “أماد لاعب ممتاز في مركز الظهير، كما أنه مميز بين الخطوط. يملك تحكمًا رائعًا بالكرة، وهو أسرع بها منه بدونها. يمكنه اللعب في أكثر من نظام تكتيكي. ليست المسألة في طوله أو بنيته، بل في قدرته على الجري المستمر، وهذه نقطة أساسية في هذا المركز. خصائصه الفنية تجعله مثاليًا له.”

لكن ما يراه المدرب مثاليًا، يراه النقاد مخاطرة كبيرة. فمباريات يونايتد الأخيرة كشفت أن أماد لا يمتلك بعد المقومات البدنية التي تؤهله لمواجهة أجنحة الخصوم الأقوياء أو التعامل مع الكرات الهوائية في منطقة الجزاء.

الجرأة لا تكفي

في مواجهة نوتنجهام فورست، تعرض أماد لاختبار قاسٍ. الهدف الذي سجله مورجان جيبس-وايت برأسه جاء مباشرة فوق الإيفواري، الذي لم يستطع منافسته في الهواء. كان واضحًا أن فورست استغل هذه الثغرة مرارًا، فتركه معزولًا أمام كالوم هدسون-أودوي الذي تفوق عليه في أكثر من موقف.

علق قائد ويلز السابق آشلي ويليامز في برنامج “مباراة اليوم” على BBC قائلاً: “أماد لاعب مذهل بالكرة، لكنه لا يجيد الدفاع. لا يستطيع أن يكون صانع ألعاب حقيقي لأن هناك من يقدم هذا الدور بشكل أفضل، لذا يُدفع به كظهير. إنه أمين ومجتهد، لكن هذه ليست طبيعته.”

وأضاف: “انظر إلى هدف فورست — كان يحاول إبعاد الكرة برأسه، لكنه ليس قويًا في هذا الجانب. وفي المقابل، عندما يهاجم، فهو مدمر. تسديدته كانت خرافية. إنه في الفريق لأن موهبته الهجومية لا تُقدّر بثمن، لكنه يدفع ثمن التزامه بالمهام الدفاعية التي لا تناسبه.”

قيمة هجومية لا يمكن تجاهلها

لحظات أماد المضيئة كثيرة. فقد بدأ رحلته مع يونايتد بتسجيل هدف الفوز الشهير على ليفربول في كأس الاتحاد الإنجليزي في مارس 2024، وساهم في قلب الطاولة أمام مانشستر سيتي الموسم الماضي بتسجيله هدفًا حاسمًا، كما أنقذ فريقه من الهزيمة أمام ساوثهامبتون بثلاثية رائعة خلال 12 دقيقة فقط.

وفي الموسم الحالي، كان وراء ركلة الجزاء التي منحت يونايتد الفوز على بيرنلي في الوقت القاتل، كما صنع الهدف المبكر ضد ليفربول في آنفيلد بتمريرة ذكية إلى برايان مبيومو.

المدافع السابق ريو فرديناند دافع عنه بشدة في بودكاسته الشهير قائلًا: “الناس تركز كثيرًا على ما لا يستطيع اللاعب فعله. أماد يمنح الفريق طاقة هجومية كبيرة، شراكته مع مبيومو مميزة، والخصوم يجدون صعوبة في مجاراته. هو يضعهم تحت ضغط دائم، وهذا ما نريده. أعتقد أنه لاعب رائع.”

ومع ذلك، أقر فرديناند بأن أموريم ربما لم يُحسن استغلال موهبة اللاعب بالكامل، مضيفًا: “أظنه سيكون أفضل كجناح أيمن حر، لكن المدرب يستخدمه وفق حاجة الفريق، ولا يمكن تجاهل الجهد الكبير الذي يقدمه.”

ثغرات في المنظومة

الحديث عن أماد لا يمكن فصله عن الحديث عن الجهة الأخرى في الملعب. فبينما يُطلب من الإيفواري الدفاع أكثر مما يناسبه، يعاني دالوت في الناحية المقابلة من عجز هجومي واضح.

جيمي كاراجر، أسطورة ليفربول، أوضح هذه المفارقة في تحليله عبر “سكاي سبورتس”: “كجناح ظهير، يُفترض أن يجمع اللاعب بين الصلابة الدفاعية والقدرة على التقدم. أماد يُهاجم بشكل ممتاز لكنه يُعاني دفاعيًا. ودالوت على العكس — يُدافع جيدًا لكنه غير فعال هجوميًا. عندما تصل الكرة إليه في الثلث الأخير، لا يصنع الفارق ولا يرسل العرضيات المطلوبة.”

وأضاف كاراجر أن هذا التوازن المفقود بين الطرفين يُظهر خللًا في فكرة “الخمسة في الخط الخلفي”، موضحًا أن الجودة الفردية للاعبين ليست على المستوى المطلوب لتنفيذ هذه الفلسفة كما يتصور أموريم.

خطة أموريم في مأزق

حاول المدرب البرتغالي معالجة هذه الثغرات مؤخرًا بإشراك الظهير الدنماركي باتريك دورجو بدلًا من دالوت، لكن الأخير عانى هو الآخر من أخطاء دفاعية كلفت الفريق نقاطًا ثمينة في بداية الموسم. ومن المفارقة أن سلسلة النتائج الإيجابية ليونايتد بدأت فقط عندما تم استبعاد دورجو بعد الهزيمة أمام برينتفورد في سبتمبر.

وبما أن أموريم يرفض تعديل تشكيلته المفضلة، فإنه مطالب بالبحث عن حلول داخل النظام نفسه. فمثلاً، يمكن للمدافع الشاب ليني يورو أن يُغلق المساحات خلف أماد بشكل أسرع، كما يمكن لكاسيميرو المساعدة في الكرات الهوائية داخل المنطقة بفضل قوته البدنية وخبرته.

كما أن الطريقة الوحيدة لتقليل الضغط على أماد هي أن يكون يونايتد أكثر جرأة هجوميًا، بحيث يُجبر الخصوم على التراجع بدلًا من استهداف جناحيه. وقد ظهرت فاعلية هذا النهج في الشوط الأول أمام ليفربول على ملعب آنفيلد، عندما سيطر الفريق تمامًا على الجهة اليمنى بفضل تحركات أماد المتقدمة.

لكنّ المشكلة تكمن في أن الدوري الإنجليزي أصبح أكثر بدنية من أي وقت مضى، والفرق أصبحت تعتمد على العرضيات والرميات الطويلة كسلاح رئيسي. في هذا السياق، يُصبح أماد عرضة لاختبارات قاسية في كل أسبوع، خاصة بعد أن اكتشف الجميع نقطة ضعفه الرئيسية.

الاختبار الحقيقي لفلسفة أموريم

يؤمن روبن أموريم أن تشكيلته (3-4-3) قادرة على النجاح في البريميرليج، وقد عبّر مرارًا عن استيائه من الانتقادات التي تُوجَّه للنظام عند الهزائم، بينما لا يُنسب له الفضل عند الانتصارات. لكن تجربة أماد ديالو في مركز الظهير أظهرت أن “المثالية” التي يتحدث عنها المدرب تواجه اختبارًا صعبًا أمام واقع الكرة الإنجليزية القاسي.

المدرب البرتغالي تخلّى عن الهوية الكلاسيكية ليونايتد التي اعتمدت على الأجنحة السريعة والعرضيات، وفضّل نظام الأظهرة الهجومية التي تتحول إلى أجنحة عند امتلاك الكرة. ومع تحسّن النتائج مؤخرًا، حظي بدعم الجماهير، لكن هذا الدعم يبقى هشًّا. ففي حال تراجعت النتائج، قد يتحول الجدل حول أماد إلى سلاح يُستخدم ضده.

في الجولة المقبلة، سيصطدم يونايتد بتوتنهام بقيادة توماس فرانك، المدرب الذي يمثل النقيض تمامًا لأموريم. فبينما يتمسك الأخير بفلسفة هجومية جامدة، يتبنى فرانك مرونة تكتيكية لافتة. فقد غيّر أسلوبه أكثر من مرة؛ بدأ بفكر هجومي شامل مع برينتفورد في دوري الدرجة الأولى، ثم أصبح أكثر واقعية في البريميرليج، مبرعًا في استغلال الكرات الثابتة والهجمات المرتدة.

فرانك، الذي كان مرشحًا لتدريب مانشستر يونايتد قبل التعاقد مع أموريم، يواجه بدوره ضغوطًا من جماهير توتنهام بعد الأداء الضعيف ضد تشيلسي مؤخرًا. المفارقة أن الاثنين يقفان اليوم عند مفترق طريق متشابه: كلاهما يحتاج لإثبات أن فلسفته ما زالت صالحة في دوري لا يرحم.

قد يكون أماد ديالو في النهاية رمزًا لصراع أوسع داخل مانشستر يونايتد — صراع بين الجمال الفني والانضباط التكتيكي، بين الإبداع الفردي والصرامة الجماعية. اللاعب الذي يسرق الأضواء بهدف مذهل قد يجد نفسه موضع انتقاد في اللحظة التالية بسبب هفوة دفاعية بسيطة.

على أموريم أن يُدرك أن الحفاظ على توازن الفريق لا يكون فقط بالأنظمة، بل بفهم خصائص لاعبيه واستثمارها بالشكل الأمثل. فإما أن يجد طريقة تحمي أماد وتستفيد من موهبته، أو يغامر بفقدان أحد أكثر عناصره بريقًا في مشروعه الجديد.

 

التصنيفات: الدوري الانجليزي,عاجل