في الوقت الذي يبحث فيه اتحاد جدة عن بارقة أمل تعيد توازنه وسط موسم مرتبك، يجد نفسه أمام معضلة كبيرة متمثلة في ملف تجديد عقد لاعبه الفرنسي نجولو كانتي.
مستقبل غامض، وسيناريوهات متضاربة، وضغوط تزداد مع اقتراب كانتي من دخول الفترة الحرة.
وبين صراع الأندية الكبرى وخوف الاتحاد من طعنة مفاجئة، يبدو أن قصة كانتي لم تصل بعد إلى لحظتها الحاسمة، بل إنها قد تكون على وشك الانفجار.
غموض الموقف
قبل أشهر قليلة، ترددت تقارير صحفية تشير إلى أن النجم الفرنسي أبدى امتعاضه من إدارة الاتحاد، بسبب عدم إجراء مفاوضات تجديد العقد، حسب اتفاق مسبق بين الطرفين، يقضي بارتباط جديد لمدة موسم إضافي.
وأكدت عدة مصادر موثوقة آنذاك، أن سبب تجاهل إدارة “العميد” يعود إلى رغبة النادي في تجديد الدماء، بلاعبين أصغر سنًا، وتوفير راتب كانتي الضخم.
عبدالكريم دويس، وكيل أعمال كانتي، شن هجومًا صريحًا على الإدارة قبل 3 أشهر، حيث قال: “تجديد عقد كانتي مشروط بموافقة النادي على كافة مطالبنا.. خلاف ذلك، فإن مشواره مع النادي سيكون قد وصل إلى محطته الأخيرة”.
وعلى الرغم من ذلك، لم يعلق أي مسؤول من الاتحاد على هذه التصريحات أو الأنباء التي أكدت رحيل النجم الفرنسي الذي التزم الصمت.
توهج كبير
رغم تراجع المستوى الجماعي للاتحاد هذا الموسم، إلا أن كانتي لا يزال يحافظ على أدائه الفردي، حيث يعد أحد أهم لاعبي الوسط في دوري روشن، بالنظر لمعدلات الركض والقيام بالأدوار الدفاعية والهجومية المطلوبة، ومدى الفراغ الذي يتركه عند غيابه.
واتسم كانتي باحترافية شديدة، رغم تصريحات وكيله والتقارير التي أكدت غضبه من الإدارة، فهو لا يزال يقدم مستويات لافتة للموسم الثالث على التوالي منذ وصوله لقلعة “النمور”.
ولم يغب كانتي عن الاتحاد سوى في مباراتين فقط، وشارك خلال 13 مباراة بمختلف المسابقات، سجل خلالها هدفًا واحدًا، ليرفع رصيده إلى 9 أهداف إلى جانب 10 تمريرات حاسمة بقميص الاتحاد منذ وصوله في 92 مناسبة.
توهج كانتي، كان سببًا رئيسيًا في عودته للمنتخب الفرنسي لأول مرة منذ أكثر من عام، مع إشادة أغلب نجوم “الديوك” بقدراته، بالإضافة لمدربه ديدييه ديشامب.
ديشامب أكد أن “كانتي لا يزال قادرًا على تقديم العطاء مع فرنسا، نظرًا لمستواه المميز مع الاتحاد”.
تصريحات قلبت الطاولة
من المعروف عن كانتي الهدوء الشديد وعدم الحديث لوسائل الإعلام، ولكنه فاجأ الجميع خلال التوقف الدولي الحالي، بتصريحات غامضة حول مستقبله.
كانتي أثار حالة من الغموض، عند سؤاله عن الاستمرار مع الاتحاد أو العودة للدوري الفرنسي، بقوله: “لا أعرف ما سيحدث في المستقبل، ولكنني أحاول الاستمتاع وتقديم كل ما لدي في السنوات المتبقية”.
رغم أن كانتي لم يعلن أي نية لرحيله، ولكن تصريحات كانت بمثابة جرس إنذار لإدارة الاتحاد، خاصة وأنه سيدخل الفترة الحرة في يناير/كانون الثاني المقبل، والتي تتيح له التفاوض مع أي نادٍ آخر، تزامنًا مع امتلاكه عدة عروض أوروبية كبرى.
وأشارت تقارير صحفية إلى أن الإدارة الاتحادية بدأت بالفعل المفاوضات مع كانتي من أجل معرفة موقفه من البقاء، حيث يبدو أن بعض الأصوات داخل النادي، أدركت حجم الخسارة التي ستضرب الفريق، حال رحيل النجم الفرنسي.
خيانة محتملة أم عودة للقمة؟
سيكون أمام كانتي العديد من الخيارات التي يمكن من خلالها تحديد مصيره، خارج أسوار الاتحاد، يأتي على رأسها إمكانية القيام بخيانة محتملة، بالانضمام لأحد المنافسين في الدوري السعودي للمحترفين.
وسبق وأن أشارت تقارير سعودية إلى أن النصر والهلال يرغبان في الفوز بخدمات كانتي، خاصة وأن “الزعيم” يتطلع لتكوين شراكة قوية بين النجم الفرنسي والثنائي الأجنبي المتمثل في البرتغالي روبن نيفيز والصربي ميلينكوفيتش سافيتش.
أما النصر، فيعاني من عدم وجود لاعب وسط أجنبي آخر منذ التخلص من البرتغالي أوتافيو مونتيرو، حيث سبق وأن طلب جورجي جيسوس، مدرب الفريق، ضم لاعب آخر بقائمة “فارس نجد” ولكن حلمه لم يتحقق.
وتسبب ذلك في تحويل مركز البرازيلي أنجيلو جابرييل إلى لاعب وسط بدلاً من جناح أيمن، من أجل سد فراغ المنتصف، لذا فإن التعاقد مع كانتي بصورة مجانية، سيكون خيارًا رائعًا.
وفي الوقت نفسه، يمتلك كانتي عدة عروض أوروبية، متمثلة في باريس إف سي الصاعد حديثًا للدوري الفرنسي وموناكو، بجانب وست هام يونايتد ونيوكاسل، وهي خيارات ستعيد “النحلة” للقمة من جديد.
تغير المشهد
موقف الاتحاد يبدو صعبًا للغاية، حيث تغير المشهد عن بداية الموسم، حيث أصبح العميد الطرف الذي يحتاج إلى تسريع عملية التفاوض.
في المقابل، أصبح كانتي هو صاحب اليد العليا، القادر على فرض شروطه المتعلقة بالراتب، وعدد سنوات العقد، والمكافآت، والعرض الرياضي الذي يناسبه.
النادي يعلم جيدًا أن خسارته ستكون فنية قبل أن تكون إدارية، وأن تعويض لاعب بهذه الجودة سيكون مكلفًا وصعبًا في السوق.
وهكذا وجد الاتحاد نفسه أمام حقيقة واضحة، فالتجاهل السابق لملف التجديد جعل الوضع أكثر تعقيدًا الآن، والفرنسي أصبح في وضع يسمح له باتخاذ القرار الذي يناسبه دون ضغط، سواء بالبقاء بشروطه أو الرحيل إلى مشروع جديد.
وإذا لم تتحرك الإدارة سريعًا، فقد يتحوّل التأخر إلى خسارة يصعب تعويضها، ليبقى السؤال الحاسم معلّقًا فوق رأس النادي: هل يضع كانتي العقدة في منشار الاتحاد بفرض شروطه القاسية أو بالرحيل إلى مشروع جديد؟ أم يفاجئ الجميع ويجدد عقده بهدوء قبل أن تنفلت الأمور من يد الإدارة؟



