مع اقتراب المواجهة المرتقبة بين السعودية وفلسطين في ربع نهائي كأس العرب، يجد الفرنسي هيرفي رينارد، المدير الفني للأخضر، نفسه أمام اختبار تكتيكي بالغ الأهمية.
ويستعد المنتخب السعودي لمواجهة نظيره الفلسطيني، غدًا الخميس، ضمن منافسات الدور ربع النهائي من بطولة كأس العرب 2025 بقطر.
“الفدائي” يدخل المباراة بمعنويات مرتفعة بعد أداء لافت في الدور الأول، بينما يسعى “الأخضر” لفرض شخصيته والعبور بثبات نحو الأدوار المتقدمة.
وبين صحوة فلسطينية واضحة وحذر سعودي معتاد، يبدو أن رينارد مطالب بوضع خطة دقيقة تُحكم السيطرة على المواجهة منذ دقائقها الأولى.
تألق لافت
قدّم المنتخب الفلسطيني واحدة من أفضل البدايات في تاريخه بكأس العرب، بعدما تصدر المجموعة الأولى بجدارة واستحقاق، مقدماً أداءً جماعياً لافتاً وتنظيماً تكتيكياً منح الفريق قوة هجومية ودفاعية في آن واحد.
ونجح “الفدائي” في فرض إيقاعه على منافسيه، معتمداً على شراسة الضغط وسرعة التحول من الدفاع للهجوم، إضافة إلى الانضباط العالي الذي جعل منه أحد أبرز مفاجآت دور المجموعات.
هذا التألق منح فلسطين دفعة معنوية كبيرة قبل مواجهة ربع النهائي، وجعل رينارد يدرك تماماً أنه أمام خصم يدخل اللقاء بثقة غير مسبوقة.
حرص متوقع
من المتوقع أن يدخل المنتخب الفلسطيني مواجهة السعودية بقدر كبير من الحذر التكتيكي، إدراكاً منه لقوة الأخضر وقدرته على استغلال المساحات.
وسيعتمد الفدائي على نهج أكثر تحفظاً مقارنةً بدور المجموعات، مع التركيز على تأمين مناطق الوسط وإغلاق العمق الدفاعي لمنع المنتخب السعودي من فرض إيقاعه المعتاد.
وسيكون الرهان الأكبر للمنتخب الفلسطيني على الهجمات المرتدة السريعة، وهي السلاح الذي برع في استخدامه خلال البطولة بفضل سرعة أجنحته وقدرته على نقل الكرة من الدفاع للهجوم في ثوانٍ معدودة.
ومن المحتمل أن يُبقي الفريق خطوطه قريبة من بعضها، مع الضغط فقط في مناطق محددة، قبل الانطلاق عبر الأطراف لاستغلال أي هفوة دفاعية سعودية.
هذا النهج قد يمنح فلسطين فرصة تهديد مرمى السعودية بأقل عدد ممكن من اللمسات، لكنه في الوقت ذاته يتطلب تركيزاً عالياً وانضباطاً تكتيكياً طوال دقائق اللقاء.
رينارد يعود للهوية الهجومية
بعد التراجع النسبي في الأداء الهجومي خلال مواجهة المغرب التي اعتمد فيها هيرفي رينارد على أسلوب أكثر تحفظاً بخطة 3-5-2، يُتوقع أن يعود المنتخب السعودي إلى هويته الهجومية الأصلية التي ظهر بها أمام كلٍ من عمان وجزر القمر.
وفي هاتين المباراتين قدّم “الأخضر” أنشط عروضه من حيث الضغط العالي وتنوع الحلول الهجومية، معتمداً على رسم 4-3-3 الذي يمنح الفريق عمقاً أكبر في الوسط، وسرعة في التحولات، وانتشاراً فعالاً على الأطراف.
عودة السعودية لهذا التشكيل تعني استعادة الإيقاع الهجومي الواضح، سواء من خلال التمريرات البينية في العمق أو عبر تحركات الأجنحة التي أثبتت فعاليتها في كسر خطوط الخصوم.
كما أن الثلاثي في وسط الميدان يمنح توازناً يسمح للفريق بصناعة اللعب دون خسارة الصلابة الدفاعية.
ومن شأن هذا الأسلوب أن يجعل السعودية أكثر قدرة على فرض نسقها وسحب المنتخب الفلسطيني إلى مناطقه، ما يفتح المجال لخلق فرص مستمرة على مرمى “الفدائي”.
عامل مهم
سيكون العامل البدني أحد أهم العناصر التي قد تحسم هذه المواجهة، خاصة في ظل الصورة القوية التي ظهر بها منتخب فلسطين خلال دور المجموعات، إذ قدّم الفريق أداءً عالي الكثافة من حيث الالتحامات، والضغط المستمر، والقدرة على الجري لمسافات طويلة دون تراجع واضح في النسق.
وعلى الجانب الآخر، أظهر منتخب السعودية بعض علامات التراجع البدني في الدقائق الأخيرة من بعض المباريات، وهو عامل قد يستغله الفدائي إذا تمكن من الصمود في الشوط الأول وجرّ المباراة نحو لحظات الإجهاد التي يعاني فيها الأخضر أحياناً.
بالتالي، ستكون السيطرة على الإيقاع، وإدارة الطاقة البدنية، والتعامل مع فترات الضغط المتبادل، عوامل حاسمة في قدرة كل فريق على فرض أسلوبه وانتزاع بطاقة التأهل.
روشتة الفوز
حتى يتمكن منتخب السعودية من تجاوز هذا الامتحان الصعب، سيكون لزاماً عليه إيجاد التوازن الدقيق بين الهجوم والدفاع دون أي مبالغة في التقدم، فالفدائي أثبت قدرته على استغلال أي مساحة تُترك خلف الخطوط، وهو ما يجعل الاندفاع غير المحسوب مخاطرة قد تُكلّف الكثير.
ويحتاج الأخضر إلى بناء هجماته بطريقة منظمة، مع إبقاء لاعب ارتكاز ثابت لحماية العمق، ومنح الظهيرين حرية محسوبة في التقدم.
كما يجب على خط الوسط الحفاظ على الانضباط وعدم ترك مساحات فارغة تسمح لمنتخب فلسطين بتنفيذ مرتداته السريعة التي تمثل أخطر أسلحته.



