أثبت محمد صلاح وناديه ليفربول، أن بإمكان كرة القدم، أن تُظهر معنى “الأسبوع الطويل” أكثر من السياسة، بعد تصريحاته التي فجرت الجدل، بعد جلوسه على دكة البدلاء 3 مباريات على التوالي في البريميرليج.
وانتهى ذلك الأسبوع، بقيام النجم المصري، بجولة شرفية منفردة في ملعب أنفيلد، في محاولة لإعادة بناء الثقة مع الجماهير، بعد الوصول إلى حالة تهدئة مع المدرب الهولندي أرني سلوت، ومشاركته في الفوز 2-0 على برايتون، مساء السبت.
وقام صلاح بجولة شرفية مؤثرة في أنفيلد، بعد أسبوع وضع مستقبله مع النادي، موضع شك.
واستعرضت صحيفة الجارديان البريطانية، ملامح الأسبوع الصعب، الذي عاشه جمهور ليفربول، بفعل أزمة صلاح وسلوت.
بداية اعتذار
بدأ صلاح، مباراة برايتون، في الدوري الإنجليزي الممتاز، من على مقاعد البدلاء، لكنه لم يحتج إلى الانتظار طويلًا ليتحدث داخل الملعب.
وأنهى اللقاء بتمريرة حاسمة بعد مشاركته لمدة 75 دقيقة أمام برايتون، في مباراة كان متعطشًا خلالها للتسجيل.
وربما كانت تلك الجولة إيذانًا ببداية النهاية، لكنها بدت أقرب إلى بداية اعتذار ينبغي أن يستمر بعد كأس أمم أفريقيا، بما يمنح الطرفين، مساحة لالتقاط الأنفاس.
توديع صلاح؟
بعد استبعاده من رحلة إنتر ميلان، عقب انفجاره غضبًا وجلوسه دون مشاركة، بينما تعادل ليفربول مع ليدز، عاد محمد صلاح إلى القائمة.
وتعرض صلاح لانتقادات من كل الجهات، وقد يكون بعض مشجعي ليفربول، تساءلوا إن كانت هذه فرصتهم الأخيرة لرؤيته بقميص الفريق أم لا.
وقال نافنيت سينج، أحد حاملي التذاكر الموسمية في ليفربول “كان صلاح جزءًا من مجموعة منحتني سعادة لا تضاهى كمشجع لكرة القدم، وهذا سيكون الذكرى الغالبة، لكن ستكون هناك نجمة صغيرة الآن. هناك فرق بين الأفضل والمفضل لديك. روبي فاولر وجون بارنز هما لاعباي المفضلان في ليفربول، وجزء من سبب ذلك أنهما لم يمرّا بحوادث كهذه”.
غضب جماهيري ضد صلاح
كان بعض المشجعين، سيشعرون بالرضا، لو لم يلعب محمد صلاح للنادي الإنجليزي مجددًا.
وفي لحظات ما، بدا ذلك احتمالًا واقعيًا، لكن صلاح ظل يرتدي قميص الريدز، بعد محادثات مباشرة مع مدربه الهولندي أرني سلوت، يوم الجمعة الماضي.
وتتصدر صورة صلاح، مشهد أنفيلد، على اللافتات والجداريات، إحداها تضع تاجًا فوق رأسه، لكن الجماهير لا تحب أن يشعر أحد، بأنه أهم من الجماعة.
وتوقف الكثيرون من أجل التقاط صور سيلفي أمام صورة صلاح، ربما خوفًا من أنه إذا ساءت الأمور، فلن يتطلب الأمر سوى بضع علب طلاء، ليظهر بطل جديد.
القدر يساعد صلاح
وقبل لقاء برايتون، كان المرافقون الصغار، سعداء برؤية محمد صلاح، وتبادلوا معه التحية في النفق.
ودخل صلاح، الملعب، وذراع دومينيك سوبوسلاي على كتفه، قبل أن يتأمل محيط أنفيلد، واقفًا وحيدًا على حافة منطقة الجزاء، وكانت عائلته في المدرجات.
ومع توقع دور محدود، استمتع صلاح بنقاش حاد مع أندي روبرتسون، قبل أن يتحول إلى المزاح، وبدا وجهه متجهمًا، وهدف هوجو إيكيتيكي بعد 46 ثانية فقط، لا بد أنه جعله يتساءل إن كان سيُحتاج إليه، لكنه لم ينتظر طويلًا.
ندرة البدلاء أصحاب الخبرة، أدخلت صلاح إلى المباراة في الدقيقة 26 بدلًا من المصاب جو جوميز ضمن إعادة ترتيب تكتيكية، ولم تصدر التعليمات مباشرة من سلوت، بل نقلها مدرب الكرات الثابتة آرون بريجز، ولم يكن دخول صلاح صاخبًا، لكنه قوبل بتصفيق دافئ، أعقبه نشيد “مو صلاح ينطلق على الجناح”، ودبّت الحياة فورًا في الأغنية، وكاد محمد صلاح أن يصنع تمريرة حاسمة خلال ثوانٍ.
وجلب صلاح، طاقته العالية المعتادة، متعطشًا لإثبات نقطة لمدربه، ومستخدمًا غضبه وقودًا لأدائه، وبعد عدم مشاركته أساسيًا في آخر أربع مباريات، وغيابه التام عن المباراتين السابقتين، كان هناك الكثير من الغضب المكبوت الذي أراد تحويله إلى أهداف، لكنه لم ينجح.
وفي الوقت بدل الضائع، هيّأ فيديريكو كييزا، فرصة سهلة لصلاح، ليشاهد زميله يسدد فوق العارضة من مسافة قريبة، وبقي محمد صلاح على الأرض، منهكًا من أسبوع سيشكّل فصلًا طويلًا في مسيرته مع ليفربول.
اعتراف بالذنب
أن تكون في قلب العاصفة أمر مُرهق، وقد شعر صلاح بذلك بالكامل، ومن خلال تخصيص وقته لتحية الجماهير، بدا وكأنه اعتراف بالذنب بارتكاب الخطيئة الكبرى بوضع نفسه فوق الفريق.
وقال سينج مشجع الريدز “سيبقى صلاح لاعبًا أسطوريًا هنا دائمًا، لكنه ربما حرم نفسه من تمثال خارج الملعب”.
واستعادة ثقة من جعلوه أيقونة ستكون مهمة، لأنه حتى لو كانت العلاقة متوترة، فعندما يرحل اللاعب المصري، سيحرص بشدة على أن يكون ذلك بشروط أفضل.
وكان محمد صلاح، آخر من غادر أرض الملعب، لكنه عاد من العزلة، وجاءت تعليقاته في المنطقة المختلطة باردة أيضًا، إذ قال “أسبوعين متتاليين؟” ثم مضى بذكاء.



