صباح الجمعة الماضي، غادر إينيجو مارتينيز، أحد أعمدة دفاع برشلونة، مرافق تدريب خوان جامبر للمرة الأخيرة، بعدما أمضى فترة قصيرة ناجحة مع النادي الكتالوني.
وكان المدافع الباسكي البالغ من العمر 34 عاماً قد ودّع زملاءه في الفريق والطاقم التدريبي، بحضور رئيس النادي خوان لابورتا، قبل أن يتوجه إلى المطار متجهاً إلى السعودية للانضمام إلى نادي النصر في صفقة انتقال حر.
هذا الرحيل، الذي جاء بشكل مفاجئ، ترك هانز فليك، مدرب برشلونة، أمام تحدٍ دفاعي كبير، حيث يجد نفسه مضطرًا لإعادة ترتيب خطوطه الخلفية في وقت حرج، بينما يسعى الفريق للدفاع عن لقب الدوري الإسباني والمنافسة على الألقاب الأخرى.
ركيزة أساسية
كان إينيجو مارتز ركيزة أساسية في خط دفاع برشلونة خلال الموسم الماضي، حيث شكّل ثنائيًا متماسكًا مع الشاب باو كوبارسي.
فخبرته ولياقته وقدرته على اللعب بالقدم اليسرى، جعلته الشريك المثالي لكوبارسي، الذي يُعتبر أحد أبرز مواهب النادي الشابة.
وتحت قيادة فليك، برز مارتينيز كقائد للخط الخلفي، حيث أشاد به المدرب الألماني مرارًا كمثال يُحتذى به للاعبين الآخرين.
ولم تقتصر مساهماته على الملعب، بل امتدت إلى غرفة الملابس، حيث كان صوتًا مهمًا ومؤثرًا، كما أشار إليه سيرجي روبيرتو، القائد السابق للفريق، الذي وصفه بخسارة “مهمة للغاية” كلاعب وكزميل.
ولم يكن رحيل مارتينيز متوقعًا، خاصة بعد أن رفض عرضًا مغريًا من الدوري السعودي الصيف الماضي بعد محادثات مع فليك، الذي أقنعه بالبقاء ليكون جزءًا أساسيًا من مشروعه الدفاعي.
ومع ذلك، كان العرض الجديد من النصر، الذي تضمن عقدًا لمدة عامين وحزمة مالية ضخمة، كافيًا لإقناع المدافع المخضرم، خاصة في ظل اتفاقه مع البارسا على الرحيل مجاناً في حال تلقيه لعرض من الشرق الأوسط.
تأثير الرحيل
خروج مارتينيز يمثل ضربة قوية لبرشلونة، ليس فقط من الناحية الفنية، بل من الجانب المالي أيضًا.
فلن يحصل النادي، الذي يعاني من قيود مالية صارمة مفروضة من رابطة الدوري الإسباني، على أي رسوم انتقال مقابل لاعب كان أحد أفضل المؤدين في الموسم الماضي، حيث قاد الفريق لتحقيق الثلاثية المحلية.
ومع ذلك، يُعتبر إلغاء راتبه البالغ 14 مليون يورو إضافة إيجابية لميزانية النادي، حيث سيوفر حوالي 8.4 مليون يورو يمكن استخدامها لتسجيل لاعبين جدد مثل الحارس خوان جارسيا أو المهاجم ماركوس راشفورد.
لكن مصادر النادي أكدت أن هذا التوفير لن يكون كافيًا لتسجيل جارسيا بشكل فوري، حيث لا يزال النادي ينتظر موافقة المدققين على أموال بيع مقاعد كبار الشخصيات في ملعب كامب نو.
ومن الناحية الفنية، يترك رحيل مارتينيز فراغًا كبيرًا في قلب الدفاع، كونه لاعبًا أعسرًا، كان يوفر توازنًا مثاليًا في خط الدفاع، خاصة إلى جانب كوبارسي.
الآن، يواجه فليك تحدياً في إيجاد بديل يمتلك نفس الخبرة والقدرات الفنية، في ظل خيارات محدودة ووضع مالي معقد يحول دون التعاقد مع لاعب جديد في الوقت الحالي.
خيارات فليك
مع رحيل مارتينيز، يمتلك فليك عدة خيارات داخلية لتعويض غيابه، لكنه سيحتاج إلى إدارة دقيقة لتجنب أي خلل في التوازن الدفاعي.
الخيارات المتاحة تشمل، أندرياس كريستنسن المدافع الدنماركي الذي عاد مؤخرًا من إصابة طويلة الأمد، وبدا في حالة جيدة خلال جولة ما قبل الموسم.
وأشار سيرجي روبيرتو، إلى كريستنسن كبديل محتمل لمارتينيز، لكن سجله في الإصابات يثير بعض القلق.
فإذا تمكن من الحفاظ على لياقته، يمكن أن يكون خيارًا قويًا بفضل خبرته وقدرته على اللعب في مراكز متعددة.
فيما يعتبر رونالد أراوخو، أحد أفضل المدافعين في الفريق، لكنه كان عرضة للإصابات في الماضي، وهو يمتلك القوة البدنية والسرعة، لكنه قد لا يوفر نفس التوازن الذي قدمه مارتينيز كلاعب أعسر.
ويعد جيرارد مارتن اللاعب الشاب الذي تم تجربته في مركز قلب الدفاع خلال جولة ما قبل الموسم، أحد الخيارات البارزة التي قد يعتمد عليها فليك.
وعلى الرغم من إمكاناته، إلا أن نقص الخبرة قد يجعله خيارًا محفوفًا بالمخاطر في مباريات الدوري أو دوري أبطال أوروبا الكبرى.
آخر الاحتمالات أمام فليك ستكون المواهب القادمة من لاماسيا أو الصفقات المحتملة، فهناك حديث عن إمكانية التعاقد مع الشاب الأرجنتيني جيرونيمو سبينا من أتلتيكو مدريد، لكنه لن يكون بديلاً مباشراً لمارتينيز، بل خيارًا طويل الأمد لتعزيز الفئات الشابة.
كما يُشاع أن برشلونة يضع عينه على أليساندرو باستوني من إنتر، كبديل مثالي لمارتينيز في صيف 2026، لكن هذا الحل بعيد المنال حاليًا بسبب القيود المالية.
تحديات معقدة
يواجه فليك تحديًا مزدوجًا الآن يتمثل في الحفاظ على الاستقرار الدفاعي في ظل خيارات محدودة، وإدارة الضغوط المالية التي تحد من قدرة النادي على التعاقد مع بديل فوري.
ويعكس قرار برشلونة بعدم البحث عن بديل مباشر لمارتينيز، ثقة النادي في الخيارات الحالية، لكنه يضع ضغطًا إضافيًا على كريستنسن وكوبارسي لتقديم أداء ثابت طوال الموسم.
وإذا تفاقمت الإصابات أو تراجع الأداء، قد يجد فليك نفسه في موقف صعب، خاصة مع المنافسة الشرسة من ريال مدريد وأتلتيكو مدريد في الدوري الإسباني.
