المعلق الرياضي في اليمن.. بين ضجيج التقليد والإبداع الغائب.. حسن الوريث – الرياضة نت
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On YoutubeCheck Our Feed

المعلق الرياضي في اليمن.. بين ضجيج التقليد والإبداع الغائب.. حسن الوريث

شهدت الساحة الإعلامية الرياضية في اليمن وتحديدًا في مجال التعليق على مباريات كرة القدم، ظهور تقليعة سلبية جديدة تتمثل في انتشار ظاهرة التقليد الأعمى، إذ أصبح البعض ممن يحسبون أنفسهم على الإعلام الرياضي يكتفون بتقليد عدد من المعلقين المشهورين وهذا التقليد انتشر بشكل كبير حتى باتت صفة معلق رياضي تطلق على كل من يتقن الصياح خلف الميكروفون أو محاكاة نبرة معلق بعينه، محولين التعليق إلى مجرد ضوضاء جوفاء لا قيمة لها.

بالتأكيد إن التعليق الرياضي ليس مجرد صياح أو ترديد لكلمات ومصطلحات كروية عابرة وليس مجرد قدرة على التقليد، بل هو فن وعلم يدرس في الكليات والأكاديميات الإعلامية والرياضية وله اتحادات ونقابات مهنية تسعى لضبط معاييره، فالمعلق الرياضي الحقيقي لا يمنح هذه الصفة إلا بعد اجتياز مراحل من الدراسة العلمية والممارسة العملية وقبل كل شيء يجب أن يمتلك الموهبة الأصيلة.

مما لا شك فيه أن المعلق هو الوسيط الحي بين الحدث والمشاهد دوره يتعدى، كونه وصفًا مجردًا للمباراة ليصبح أداة إعلامية بالغة التأثير قادرة على تشكيل وعي المشاهدين وميولهم الرياضية، أما عندما يتحول المعلق إلى ببغاء يقلد ما يسمعه أو ممثل لا يملك موهبة التمثيل الحقيقية، فإنه يفقد هويته الخاصة وبصمته المميزة، لأنه بالتقليد لا يمكنه أن يمتع الجمهور أو يأخذهم إلى جو الحدث الرياضي بصدق كما يفعل المبدع الأصيل.

للأسف تعكس هذه الظاهرة واقعًا مأساويًا في اليمن، فما زلنا نفتقر إلى المعلق الرياضي المتمكن والقادر على الإبداع وعدد المعلقين المؤهلين فعليًا لا يتجاوز عدد أصابع اليدين ومعظمهم دخلوا هذا المجال بالصدفة أو عن طريق التقليد والأخطر من ذلك أن كثيرًا منهم يجهل أبسط قوانين الرياضة التي يعلق عليها ونتيجة لذلك، يتحول التعليق في بلادنا إلى تهريج وهرجلة لا تستند إلى قواعد أو أصول، حيث نشاهد معلقين يفتقرون للإلمام بالقانون ويتحدثون في أمور فنية وقانونية دون علم ويصدرون أحكامًا خاطئة، مما يجعلهم غير قادرين على تقديم المعرفة التاريخية والثقافة الرياضية التي يتلهف إليها المشاهد، فالمعلق الذي يقف عاجزًا عن التعليق على مباراة دولية، لأنه لم يستوعب مفهوم مهمة التعليق ومفرداتها، يكشف عن أزمة تأهيل عميقة.

لقد بات إدراك أهمية التعليق الرياضي وضرورة الالتزام بأصوله وقواعده واجبًا وطنيًا، فهو ليس مجرد تقليد في تقليد أو تهريج في تهريج وبالتالي فإن مسؤولية جميع الجهات المختصة تتطلب أن تعمل على إيجاد قاعدة أساسية وحقيقية للتعليق الرياضي المبدع بالاستفادة من الخبرات والكوادر المحلية والعربية في تأسيس هذه القاعدة وعلى جميع الأطراف، بدءًا من وزارة الإعلام والقنوات الفضائية والجامعات وكليات الإعلام، مرورًا بوزارة الشباب والرياضة والاتحادات والأكاديميات الإعلامية، وصولًا إلى الإعلاميين الرياضيين والمعلقين القدامى، أن يسهموا بشكل فاعل في إنشاء أكاديمية متخصصة للإعلام والتعليق الرياضي، تعمل على استقطاب المواهب والمبدعين وتطوير قدراتهم وتنمية مهاراتهم.

إنّ التسامح مع التقليد والصياح هو جريمة بحق المشاهد اليمني الذي يستحق خطابًا رياضيا محترفا وملهما، وحتى يتحول التعليق الرياضي في بلادنا من مجرد ضجيج وتقليد إلى فن وعلم يثري الوعي الرياضي والاجتماعي.

التصنيفات: ميادين