سجل الجناح البرازيلي الشاب إستيفاو، موهبة تشيلسي الإنجليزي البالغ من العمر 18 عامًا، هدفين وقاد منتخب بلاده لفوز ساحق على كوريا الجنوبية (5-0)، في مباراة ودية أُقيمت تحت الأمطار الغزيرة على ملعب سيول الدولي، ضمن استعدادات المنتخبين لنهائيات كأس العالم 2026 المقررة في أمريكا الشمالية.
وشهدت المباراة تحقيق قائد المنتخب الكوري الجنوبي، هيونج-مين سون، رقمًا قياسيًا جديدًا، بخوضه المباراة رقم 137 بقميص بلاده، ليصبح اللاعب الأكثر تمثيلًا للمنتخب في التاريخ، متفوقًا على مواطنيه ميونج-بو هونج، المدرب الحالي للمنتخب، وبوم-كون شا، اللذين خاض كل منهما 136 مباراة.
ورغم الهزيمة الثقيلة، نال سون إشادة الجماهير الكورية على عطائه المستمر/ وقيادته للفريق منذ أكثر من عقد.
البرازيل تحسم اللقاء مبكرًا
بدأ المنتخب البرازيلي اللقاء بقوة كبيرة، معتمدًا على تشكيلته الهجومية المرصعة بالنجوم، تحت قيادة المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي، الذي ظهر للمرة الأولى على مقاعد بدلاء “السيليساو” في القارة الآسيوية، منذ توليه المهمة رسميًا بعد نهاية مشواره مع ريال مدريد.
وضمت التشكيلة الأساسية أسماء بارزة مثل فينيسيوس جونيور ورودريجو وماتيوس كونيا وإيستيفاو، مع برونو جيمارايش وكاسيميرو في وسط الميدان.
وجاء الهدف الأول للبرازيل بعد ربع ساعة من انطلاق المباراة، حين استغل إستيفاو تمريرة متقنة من برونو جيمارايش داخل منطقة الجزاء، ليودع الكرة في الشباك من مسافة قريبة.
وواصل المنتخب الضيف ضغطه الكبير، وكاد فينيسيوس يضاعف النتيجة بتسديدة قوية، تصدى لها الحارس كيم سونج-جيو، قبل أن يتمكن رودريجو في الدقيقة 41 من تسجيل الهدف الثاني بمجهود فردي مميز، راوغ خلاله مدافعين اثنين وسدد بقوة في الزاوية البعيدة للحارس.
استعراض هجومي بعد الاستراحة
لم يتراجع البرازيليون في الشوط الثاني، بل واصلوا الأداء الهجومي الممتع، ليضيف إستيفاو الهدف الثالث في الدقيقة 47، بتسديدة يسارية قوية من داخل المنطقة، وتبعه رودريجو بالهدف الرابع بعد دقيقتين فقط، ليؤكد الثنائي الشاب انسجامهما الكبير في خط المقدمة.
وأكمل فينيسيوس المهرجان التهديفي في الدقيقة 77، بعد تمريرة رائعة من البديل أندري، ليرفع رصيد المنتخب البرازيلي إلى 5 أهداف نظيفة، وسط أداء هجومي متنوع، وسرعة في الانتقال من الدفاع إلى الهجوم.
وأظهرت المباراة مدى التطور في أداء المنتخب البرازيلي تحت قيادة أنشيلوتي، الذي ركز منذ توليه المهمة على إعادة التوازن بين الجمال الهجومي والانضباط التكتيكي، وهي معادلة غابت عن الفريق في السنوات الأخيرة، وسط سلسلة من الإخفاقات.
أنشيلوتي والبرازيل: مشروع بناء جيل جديد
تولى كارلو أنشيلوتي قيادة المنتخب البرازيلي وسط ترقب عالمي كبير، إذ يُعد أول مدرب أجنبي يتولى تدريب “السامبا” منذ نحو ستة عقود. ورغم الجدل الذي صاحب تعيينه، سرعان ما أثبت المدرب الإيطالي المخضرم أنه قادر على التوفيق بين الخبرة الأوروبية وروح الكرة البرازيلية التقليدية.
منذ وصوله، بدأ أنشيلوتي عملية تجديد شاملة في صفوف الفريق، مع التركيز على العناصر الشابة، إلى جانب الاعتماد على ركائز أساسية تنشط في أوروبا، مثل فينيسيوس ورودريجو وماركينيوس وكاسيميرو.
ويبدو أن أنشيلوتي يسعى لبناء منتخب يتمتع بتنوع تكتيكي، يجمع بين القوة البدنية والمهارة الفنية، مع تطبيق الضغط العالي عند فقدان الكرة، وهي سمة لم تكن مألوفة في المنتخبات البرازيلية السابقة.
كما أعاد المدرب المخضرم الروح الجماعية إلى الفريق، بعدما كانت الانتقادات قد طالت الأجيال السابقة، بسبب اعتمادها المفرط على المهارات الفردية. وفي المباريات الأخيرة، بدت البرازيل أكثر اتزانًا في التحولات الدفاعية، وأكثر فعالية في استغلال الفرص، إذ بلغ متوسط تسديداتها على المرمى أكثر من 15 محاولة في المباراة، مع نسبة استحواذ تجاوزت 65%.
وفي تصريح سابق لأنشيلوتي، قال: “البرازيل تمتلك ما يكفي من المواهب لتكون الأفضل في العالم، لكن المهم هو توظيف هذه المهارة في إطار جماعي منظم”.
وأضاف: “أريد أن يعود هذا المنتخب لفرض شخصيته الكاملة، ليس فقط بالمراوغات، بل أيضًا بالانضباط التكتيكي الذي يجعلنا قادرين على التفوق على أي خصم”.
الجيل الذهبي الجديد للسامبا
يرى المراقبون أن البرازيل تدخل مرحلة جديدة تحت قيادة أنشيلوتي، خصوصًا مع بروز لاعبين شبان، يُنتظر أن يشكلوا العمود الفقري للمنتخب في العقد المقبل. يأتي في مقدمتهم إستيفاو الذي يُلقّب في البرازيل بـ”ميسي الجديد”، إلى جانب فينيسيوس ورودريجو، اللذين يقدمان مستويات مبهرة مع ريال مدريد، ولاعب الوسط المتكامل برونو جيمارايش، الذي بات عنصرًا محوريًا في تشكيلة الفريق.
كما أن المدرب الإيطالي منح الثقة للاعبين قادمين من الدوري المحلي، في خطوة نالت استحسان الجماهير، التي طالبت مرارًا بدمج المواهب المحلية مع النجوم المحترفين في أوروبا. وقد أثمرت هذه السياسة عن نتائج سريعة، حيث استعاد المنتخب بريقه.
ومع هذا الأداء القوي، يتطلع البرازيليون لاستعادة مجدهم المونديالي، بعد عقدين من الغياب عن اللقب، إذ كان آخر تتويج لهم عام 2002 بقيادة رونالدو وريفالدو ورونالدينيو. ويأمل أنشيلوتي أن يكون الجيل الحالي قادرًا على تكرار ذلك الإنجاز، خاصة في ظل ما يمتلكه من مزيج مثالي بين الشباب والخبرة.