ألمح المدرب الألماني يورجن كلوب، إلى إمكانية عودته مستقبلاً إلى تدريب ليفربول، الذي يعاني بشدة خلال هذه الفترة على مستوى النتائج.
ووفقاً لصحيفة “ميرور” البريطانية، وصف كلوب فكرة عودته إلى ليفربول بأنها “ممكنة من الناحية النظرية”، في تصريحات مثيرة للجدل أعادت فتح باب التساؤلات حول مستقبله المهني بعد أن غادر النادي الإنجليزي في صيف 2024.
يشغل المدرب المخضرم يشغل حالياً منصب “الرئيس العالمي لكرة القدم” في مجموعة ريد بول، كما انضم مؤخراً إلى لجنة خبراء تابعة لرابطة الدوري الألماني لتطوير منظومة إعداد اللاعبين الشباب في ألمانيا.
وكان كلوب قد أعلن في يناير/كانون الثاني 2024، خلال مقابلة مؤثرة مع القناة الإعلامية لليفربول، أنه سيغادر بنهاية موسم 2023-2024، بعد أن قاد الفريق لتحقيق ألقاب كبرى أبرزها الدوري الإنجليزي الممتاز، ودوري أبطال أوروبا، وكأس الاتحاد الإنجليزي، وكأس الرابطة مرتين، إضافة إلى كأس العالم للأندية.
وفي مقابلة حديثة، سُئل كلوب عما إذا كان يفكر في العودة لتدريب ليفربول لفترة ثانية، وجاء رده متوازناً، حيث أكد أن عودته إلى مقاعد البدلاء في أنفيلد “غير مرجحة” لكنه لم يغلق الباب نهائياً أمام الفكرة.
وقال كلوب، في حديثه لبرنامج “The Diary of a CEO”: “قلت من قبل إنني لن أدرب أي فريق آخر في إنجلترا، وهذا يعني أنه إذا عدت يوماً إلى هناك، فسيكون ذلك مع ليفربول. نعم، نظرياً الأمر ممكن”.
وعند سؤاله عما قد يدفعه للعودة، أوضح كلوب: “لست متأكداً تماماً. أنا أحب ما أفعله الآن، ولا أفتقد التدريب. نعم، ما زلت أمارس التدريب بطريقة مختلفة، لكن ليس مع اللاعبين. لا أفتقد الوقوف تحت المطر لساعات طويلة، ولا المؤتمرات الصحفية ثلاث مرات في الأسبوع، ولا إجراء عشر أو اثنتي عشرة مقابلة أسبوعياً. حتى غرفة الملابس لم أعد أفتقدها”.
وأضاف: “قدت حوالي 1080 مباراة في مسيرتي، ودخلت غرف الملابس مرات لا تُحصى. لا أريد أن أموت هناك. عمري 58 عاماً، قد يعتبر البعض ذلك كثيراً، لكن من منظور آخر، ما زلت في منتصف الطريق. ربما أتخذ قراراً جديداً بعد بضع سنوات، لا أعلم. لا يتعين عليّ اتخاذ القرار اليوم، لكنني لا أعتقد أنني سأدرب مرة أخرى… ومع ذلك، الحمد لله أنني لست مضطراً لحسم هذا الآن، سأترك الأمور لما يحمله المستقبل”.
وتحدث كلوب أيضاً عن دوره الحالي مع مجموعة ريد بول قائلاً: “أنا الآن جزء من مشروع أحبه كثيراً، وأستمتع بالعمل مع الأشخاص الذين أتعامل معهم ومع الأندية التي تقع تحت مسؤوليتنا، وكذلك الدول التي تنتمي إليها هذه الأندية. أحب ما أفعله حالياً، وأؤمن أنني إذا ركزت بنسبة 100% على عملي، فسأنجح فيه، وهذا ما كنت أسعى إليه دائماً”.
يُذكر أن ليفربول تمكن من الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز تحت قيادة المدرب الهولندي آرني سلوت، الذي خلف كلوب بعد رحيله بعام واحد.
ويشارك الفريق حالياً في سباق الصدارة، لكنه فقد الكثير من الزخم بعد خسارته أمام كريستال بالاس وتشيلسي ومانشستر يونايتد في آخر ثلاث مباريات له في البريميرليج.
مسيرة مميزة
يُعد يورجن كلوب واحداً من أبرز المدربين في كرة القدم الحديثة، إذ اشتهر بأسلوبه الحماسي وشخصيته الكاريزمية التي جعلت منه رمزاً للقيادة والإلهام داخل وخارج الملعب.
وُلد كلوب في شتوتجارت عام 1967، وبدأ مسيرته كلاعب في صفوف نادي ماينز، حيث شغل مراكز الدفاع والهجوم قبل أن يعتزل عام 2001 ليتولى تدريب الفريق نفسه فوراً، في بداية قصة نجاح استثنائية.
قاد كلوب ماينز إلى الصعود التاريخي إلى الدوري الألماني (البوندسليجا) لأول مرة في تاريخه عام 2004، مستعيناً بفكره التكتيكي الحديث وقدرته على تحفيز اللاعبين رغم محدودية الإمكانات. وبعد سبعة أعوام قضاها هناك، انتقل إلى بوروسيا دورتموند في 2008، ليبدأ مرحلة المجد الحقيقي في مسيرته التدريبية.
مع دورتموند، أعاد كلوب إحياء النادي وقدم كرة هجومية ممتعة تُعرف بالضغط العالي، وهو الأسلوب الذي اشتهر به لاحقاً في أوروبا. قاد الفريق للتتويج بلقب الدوري الألماني مرتين متتاليتين (2011 و2012) وكأس ألمانيا، كما وصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2013، قبل أن يخسر أمام بايرن ميونخ في مواجهة تاريخية بين قطبي الكرة الألمانية.
في عام 2015، انتقل كلوب إلى ليفربول، حيث واجه تحدياً كبيراً بإعادة النادي إلى منصات التتويج بعد غياب طويل.
خلال تسع سنوات في أنفيلد، صنع ثورة حقيقية في الفريق، فحقق دوري أبطال أوروبا عام 2019، والدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2019-2020 بعد انتظار دام 30 عاماً، إلى جانب كأس الاتحاد الإنجليزي وكأس الرابطة وكأس العالم للأندية.
تميز كلوب بعلاقته القوية مع جماهير ليفربول التي رأت فيه “القائد الملهم” وصاحب المشروع الطويل الأمد، كما ساهم في تطوير نجوم بارزين مثل محمد صلاح، وساديو ماني، وفيرجيل فان دايك.
رحل كلوب عن ليفربول في صيف 2024 بعد مسيرة مليئة بالنجاحات والذكريات، مؤكداً أنه يحتاج إلى راحة بعد أكثر من ألف مباراة في عالم التدريب. ومع ذلك، يبقى اسمه محفوراً كأحد أعظم المدربين في تاريخ كرة القدم الحديثة.