اعترف الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي بأن خروجه من برشلونة لم يكن كما تخيّل، مؤكداً أنه ما زال يحنّ للمدينة الكتالونية، ويتطلع للعودة إليها مع عائلته بعد نهاية تجربته الحالية في الدوري الأمريكي.
الحنين إلى برشلونة
وقال ميسي في مقابلة حصرية مع صحيفة “سبورت” الإسبانية: “أتوق كثيرًا للعودة إلى هناك، نحن نشتاق كثيرًا لبرشلونة، فالأطفال وزوجتي نتحدث باستمرار عن المدينة، والفكرة هي العودة للعيش هناك من جديد”.
وقبل أسبوعين فقط، استقبل ميسي وفد الصحيفة في ميامي لإجراء هذه المقابلة التي تُنشر الآن، لكن في الأسبوع الماضي أقدم النجم الأرجنتيني على خطوة مفاجئة كشفت عن ذكائه في قراءة اللحظة المناسبة، إذ قام برحلة خاطفة إلى برشلونة، بينما كان لابورتا وإدارته في فيجو، ودخل ملعب “كامب نو” سرًا لالتقاط صورٍ أحدثت ضجة عالمية، وأثّرت بعمق في قلوب مشجعي الفريق الكتالوني.
حب الجماهير لا يزول
وتحدث ميسي عن مشاعره تجاه الحب القادم من برشلونة قائلاً: “إنه أمر رائع. كل الرسائل التي تصلني من برشلونة ومن الناس هناك تثير فيّ الحنين والعاطفة الشديدة لتلك المرحلة التي عشناها معًا”.
وأوضح النجم الأرجنتيني، الذي سيحصل الأسبوع المقبل على جائزة من “سبورت” كأكثر لاعب محبوب في تاريخ برشلونة، قائلاً: “أشتاق كثيراً لكل تلك اللحظات. ربما أستمتع بها الآن أكثر مما كنت أستمتع بها وقتها؛ لأن روتين المباريات كان يمنعني من التوقف للتفكير أو التذوق الحقيقي لما كنا نعيشه. اليوم، وبعد مرور عامين، أعيش الذكريات بهدوء أكبر ومتعة أكبر”.
وأضاف ميسي حول مشاهدته للقطات القديمة: “أحب مشاهدتها، لأنها كانت لحظات مؤثرة ومهمة جدًا في مسيرتي. الصور التي ظهرت في الفيديو كانت لقطات لمناسبات لا تُنسى، ومن الجميل تذكّرها”.
وداع صعب
وتحدث عن لحظة وداعه الصعبة قائلاً: “كانت لدي مشاعر غريبة بعد رحيلي، بسبب الطريقة التي حدث بها كل شيء، ولأنني قضيت آخر سنواتي دون جماهير بسبب الجائحة (كورونا). بعد كل تلك السنوات، لم أغادر كما كنت أتخيل أو أحلم. كنت أتصور أن أنهي مسيرتي كلها في أوروبا، في برشلونة تحديدًا، ثم أواصل من هنا كما فعلت لاحقاً. لكن الوداع كان غريبًا بسبب الظروف، ومع ذلك يبقى حب الناس لي حاضرًا دائمًا”.
وتابع قائلاً: “قضيت 16 عامًا مع الفريق الأول، وحوالي 20 أو 21 عامًا منذ وصولي إلى برشلونة في عمر الـ12. إنه وقت طويل وحياة كاملة هناك، لذلك فالمشاعر باقية دائمًا”.
أما عن استمرار حب الجماهير رغم تعاقب الأجيال، فقال ميسي: “هذا طبيعي في كرة القدم، تظهر أسماء جديدة دائمًا، لكن التاريخ لا يُمحى، ليس معي فقط بل مع كل من ساهم في عظمة النادي. هناك لاعبون كبار تركوا بصمتهم وساهموا في جعل برشلونة أكبر مما كان عليه”.
لحظات لا تُنسى
واستعاد لحظاته السعيدة قائلاً: “من الصعب اختيار لحظة واحدة. عشت الكثير من الأوقات الرائعة، وعادةً عندما نتحدث عن السعادة نربطها بالألقاب والبطولات. السداسية الأولى مع جوارديولا كانت استثنائية، وكذلك دوري الأبطال الأخير مع لويس إنريكي. كانت كلها لحظات عظيمة يصعب تفضيل واحدة على الأخرى”.
وأضاف: “أحتفظ بكل ما عشته خلال تلك الفترة، بما في ذلك نضوجي كلاعب وإنسان، والتجارب التي خضتها، وكل لحظة عشتها هناك. عندما أرى الصور القديمة، تعود إليّ الذكريات والمشاعر من تلك المواسم، وأنا ممتن لكل ذلك”.
أكثر من مجرد نادٍ
وتحدث ميسي عمّا تعنيه له برشلونة بعيدًا عن الألقاب قائلاً: “الانتماء لهذا النادي منذ طفولتي. جئت طفلاً إلى برشلونة ونشأت فيه، وأشكر الله لأنه وضعني هناك. أبنائي وُلدوا في المدينة، وذكرياتي كلها مرتبطة بالنادي وبالحياة هناك. برشلونة ليست فقط النادي، بل المدينة كلها جزء مني”.
وعن متابعته الحالية للفريق، أوضح ميسي: “نعم، بالطبع. نتحدث دائمًا عن المباريات والنتائج، خصوصًا أننا هنا مجموعة من لاعبي برشلونة السابقين، نتابع كل التفاصيل ونتبادل الآراء باستمرار”.
تجربة باريس سان جيرمان
أما عن تجربته في باريس سان جيرمان، فقال: “الناس ظنت أنني عشت جحيمًا في باريس، لكنه لم يكن كذلك تمامًا. ما قصدته هو أنني لم أشعر بالراحة في ممارسة ما أحب، كرة القدم. لم أكن في أفضل حالاتي اليومية. ومع ذلك، قضينا كعائلة تجربة رائعة، فالمدينة مذهلة واستمتعنا بها كثيرًا”.
وأضاف “كانت أول مرة نغادر فيها برشلونة، لذلك كانت صعبة من الناحية النفسية. الآن في ميامي، الحياة تشبه كثيراً حياتنا في كاستيلديفيلس: النادي قريب، والمدرسة قريبة، وكل شيء مريح. نستمتع بالحياة أكثر رغم زحام المدينة”.
وتحدث عن تجربته في الدوري الأمريكي قائلاً: “أستمتع بكل يوم بطريقة مختلفة، دون ضغط مبالغ فيه أو التزام دائم بالفوز، رغم أننا نطمح لذلك دائمًا. لكن الضغط هنا أقل، وهذا يمنحنا راحة أكبر وفرصة لقضاء وقت أطول مع العائلة. في برشلونة، كان أدائي اليومي يتحكم في مزاجي حتى في البيت، أما هنا فالأمور أكثر توازنًا”.
سر الاستمرارية
وعن سر استمراره في القمة رغم تقدمه في السن، قال ميسي: “لأنها حياتي. منذ طفولتي وأنا أعيش من أجل كرة القدم والمنافسة. لا أحب الخسارة أبدًا، وكل مرة أدخل فيها الملعب أريد الفوز. هذا هو التحدي الذي جئت من أجله، لأساعد النادي على أن يصبح تنافسياً ويحقق الألقاب، وأعتقد أننا نجحنا في ذلك”.
وأضاف: “طالما أستمتع وأشعر أنني بخير بدنيًا، سأواصل اللعب بنفس الروح. حين أشعر أن جسدي لم يعد يساعدني أو لم أعد أستمتع، سيكون ذلك الوقت المناسب للاعتزال. لكن حالياً ما زلت أستمتع كثيراً بكل ما أفعله”.
لا أريد أن أكون عبئًا
أما عن إمكانية مشاركته في كأس العالم المقبلة، فقال ميسي: “بالطبع، المونديال يظل دائماً بطولة خاصة، لا يوجد ما هو أكبر منه. لكنني لا أريد أن أكون عبئًا على المنتخب، أريد أن أكون في حالة بدنية جيدة وأشعر أنني قادر على المساهمة. لدينا موسم مختلف في الولايات المتحدة، وسنرى مع مرور الوقت كيف سيكون شعوري قبل البطولة. لكن الحماس موجود، والمونديال حلم دائم”.



