أزمة الرقم 10 .. نفوذ بيلينجهام بين مطرقة توخيل وسندان ألونسو – الرياضة نت
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On YoutubeCheck Our Feed

أزمة الرقم 10 .. نفوذ بيلينجهام بين مطرقة توخيل وسندان ألونسو

في كرة القدم الحديثة، لم يعد الجدل محصورًا داخل الملعب فقط، بينما أصبحت الشخصيات، والنفوذ، والهالة الإعلامية، وطبيعة العلاقة بين المدرب والنجم، كلها عناصر تصنع أزمات لا تقل أهمية عن خطة اللعب ذاتها، وفي حالة جود بيلينجهام، نجم ريال مدريد، يبدو أن هذا الصراع يتخذ شكلًا متوازيًا بين منتخب إنجلترا تحت قيادة توماس توخيل، والنادي الملكي تحت قيادة تشابي ألونسو، مع اختلاف السياقات، وتشابه جوهر المشكلة.

منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها توخيل تصريحاته الشهيرة بأن “إنجلترا لن تلعب بهاري كين وجود بيلينجهام وفيل فودين معًا”، بدا واضحًا أنه يريد إرسال رسالة مفادها أن لا أحد محصن من القرارات، حتى لو كان أفضل موهبة إنجليزية في جيله.

وتجلت هذه الرسالة بوضوح في ليلة ويمبلي أمام صربيا، حين جلس بيلينجهام أكثر من ساعة على مقاعد البدلاء، بينما منح توخيل ثقته لمورجان روجرز، لاعب أستون فيلا، ليبدأ في المركز رقم 10.

على الورق، بدا الأمر وكأنه مجرد “تناوب طبيعي” أو “إدارة دقائق”، لكن متابعة التفاصيل تكشف أن القضية أعمق بكثير.

معركة الأنا بين بيلينجهام وتوخيل

يريد توخيل، المعروف بأنه مدرب لا يتردد في المواجهة، أن يُعيد تشكيل المنتخب وفق معاييره الخاصة التي تتمثل في: منظومة صارمة، وأدوار واضحة، ولاعبون خاضعون للهيكل لا للنجومية، ولذلك الصدمة لم تكن في جلوس بيلينجهام احتياطيًا فحسب، بل في الطريقة التي دافع بها توخيل عن قراره.

المدرب قال صراحة إن روجرز استحق البقاء لأن الأداء هو المعيار الأول، وإن التغيير في أسلوب الضغط وتطور شكل المنتخب تكتيكيًا يجعل إدخال بيلينجهام مباشرة إلى قلب التشكيل “غير عادل”.

هنا تظهر مشكلة بيلينجهام الكبرى مع توخيل، فاللاعب يريد أن يكون القطب الأبرز، بينما المدرب يريد أن يكون القطب الأوحد.

توخيل لا يمنح مراكز القيادة بسهولة، ولا يحب اللاعبين ذوي النفوذ، ولا أولئك الذين يملكون هالة تُربك المعادلة، وتاريخ المدرب الألماني يدعم هذه الفرضية، من أوباميانج إلى لوكاكو ونيمار، كلها قصص لمدرب يصطدم سريعًا بالنجوم الذين يعتقدون أن وزنهم أكبر مما يسمح له بالنوم مرتاحًا.

المفارقة أن بيلينجهام لم يكن سيئًا عند دخوله؛ بل على العكس، بدا أكثر حضورًا من روجرز في دقائق قليلة، ومرر وصنع الفارق، وشارك في بناء الهدف الثاني.

لكن توخيل لم يُظهر أي رغبة في تغيير خططه، وبالنسبة له، المباراة كانت اختبارًا للسلطة أكثر منها اختبارًا للأداء.

وقبل إغلاق ملف بيلينجهام في ويمبلي، يجب التوقف عند حقيقة أخرى وهي الإعلام الإنجليزي، فجزء كبير من الأصوات التي انتقدت بيلينجهام لم تنتظر لحظة لتضخيم الحدث.

ولكن وسط كل هذه الضوضاء، ظهر تفسير أكثر هدوءًا، وهو أن المباراة كانت “تجريبية”، والرهان كان منخفضًا، والقرار ليس بالضرورة إشارة حرب، لكن ذلك لا يلغي أن توخيل كان يريد أن يقول شيئًا محددًا جدًا، وهو “هنا، القواعد تتغير عن مدريد”.

من إنجلترا إلى مدريد.. حكاية مكررة بوجه آخر

منذ بداية الموسم، تتردد أنباء عن أن بيلينجهام من بين اللاعبين الذين لم يُبدوا اقتناعًا تامًا بأسلوب تشابي ألونسو الجديد، والسبب في ذلك بسيط جدًا، وهو أن الضغط العالي والعمل المستمر بدون كرة لا يقنع نجوم الفريق الكبار.

يحب بيلينجهام الحرية، والتقدم، يحب الشعور بأنه نقطة الارتكاز الهجومية، ولكن في ريال مدريد الجديد، نسخة تعتمد على ضغط تلقائي، وحركة متواصلة، واستعادة الكرة من الأمام في مناطق الخصم، ولا يوجد مكان لرفاهية التراخي أو اللعب بمزاج.

ويعتبر ألونسو، تمامًا كتوخيل، مدربًا يريد فريقًا مبنيًا على النسق الجماعي قبل أسماء النجوم، وهنا يبدو موقف بيلينجهام مشابهًا للغاية لوضعه في المنتخب،

فلا المدرب يمنحه المساحة المطلقة، ولا اللاعب متحمس بالكامل لتغيير دوره.

وفي العاصمة الإسبانية، لا تبدو الصورة أقل تعقيدًا، لأن بيلينجهام لم يعد ذلك اللاعب الذي يركض بلا توقف كما كان في دورتموند، ولكن الإصابات، والتغير في الدور، ووفرة النجوم مثل مبابي وفينيسيوس، جميعها عوامل جعلت تأثيره يهبط.

ومن هنا ظهرت تقارير بأن بعض اللاعبين، وبينهم بيلينجهام، لا يحبون واجبات الضغط المكثّف التي يطلبها ألونسو، وأن الانضباط الجديد يجعلهم أقل راحة.

ومع ذلك، هناك اختلاف مهم بين الحالتين، حيث في مدريد، لا يزال بيلينجهام ركنًا أساسيًا، حتى بعد توهج وصعود الشاب التركي أردا جولر، لا يزال ألونسو يقاتل لخلق تشكيلة مناسبة تجمعهما معًا، بينما في إنجلترا، بدأ جود يشعر للمرة الأولى أن مكانته ليست مضمونة.

عامل مشترك

يريد بيلينجهام أن يكون اللاعب النموذجي في إنجلترا وقائد الجيل، لكن وصول مدربين من نوعية توخيل وألونسو، لديهم فلسفة واضحة لا تعتمد على أسماء النجوم وإنما على بناء منظومة لعب متجانسة، وضعه أمام حقيقة جديدة هي أن النفوذ والشعبية الجماهيرية لا تضمنا المشاركة، والهالة الإعلامية لا تعفي من الواجبات التكتيكية.

قد يكون توخيل محقًا في سعيه للسيطرة على المجموعة، خاصة بعد تجارب عديدة مع المدرب السابق جاريث ساوثجيت أثبتت أن الجيل الجديد في إنجلترا يحتاج لصرامة أكثر وانضباط متزايد.

وقد يكون ألونسو محقًا في خلق نظام دفاعي وهجومي أكثر تطورًا، لكن المؤكد هو أن بيلينجهام يمر بمرحلة حساسة جدًا، مرحلة الانتقال من “نجم حر” إلى “قطعة في منظومة”، وهي رحلة لا يقوى عليها كل اللاعبين.

إذا نجح جود في التأقلم، قد يصبح قائد إنجلترا وريال مدريد في المستقبل القريب، وإن لم يفعل، فقد نجد أن الصدامات الحالية ليست سوى فصول أولى في قصة أكبر.

التصنيفات: اخبار عالمية,عاجل