أضافت إصابة ألكسندر إيزاك “الكبيرة” فصلا جديدا إلى بداية مضطربة لموسم ليفربول تحت قيادة المدرب آرني سلوت، لكنها في الوقت نفسه أعادت ترتيب الأولويات داخل النادي وفتحت بابا واسعا لإعادة تقييم مستقبل محمد صلاح على المدى القريب، وخطط الفريق في سوق الانتقالات الشتوية المقبلة.
إصابة “الصفقة القياسية” بكسر في الساق في المباراة الأخيرة أمام توتنهام، لا تعني فقط غياب لاعب، بل تعني اهتزازا في توازن الهجوم، وزيادة الجدل حول تساؤلات مهمة وعلى رأسها: كيف سيبني سلوت خطه الأمامي حتى نهاية الموسم؟
إصابة إيزاك… ضربة مزدوجة
لم يتخبل سلوت بداية كهذه لموسم إيزاك الأول في أنفيلد. أرقام السويدي متواضعة (3 أهداف في 16 مباراة بكل المسابقات، وهدفان فقط في الدوري منذ انتقاله من نيوكاسل)، ومع ذلك كان وجوده يرمز إلى مشروع هجومي جديد، كمهاجم رئيسي يُفترض أن يكون مركز الثقل، أو على الأقل صمام أمان عندما تتعقد المباريات.
لكن الإصابة جاءت في توقيت شديد الحساسية: الفريق تلقى “عدة ضربات”” منذ بداية الموسم، ومع اقتراب يناير/كانون الثاني كانت الخطة المعلنة ضمنيا واضحة: تدعيمات دفاعية أولا عبر محاولة ضم مارك جويهي من كريستال بالاس.
والآن، ومع غياب إيزاك المحتمل لأشهر، وإصابة كودي جاكبو، وسفر محمد صلاح إلى كأس أمم أفريقيا، لم يعد الحديث عن رفاهية تحسين الجودة الهجومية، بل عن سد فجوة عددية تهدد استمرارية الفريق عبر ثلاث مسابقات.
صلاح.. قضية أكثر تعقيدا
عندما يغيب “المهاجم الصريح” في فريق يبحث عن الاستقرار، تصبح فكرة التفريط بأي خيار هجومي آخر أقرب إلى المستحيل، وإصابة إيزاك تجعل سلوت غير قادر على تقليص خياراته الهجومية أكثر، وبالتالي فإن صلاح “ليس للبيع” في يناير/كانون الثاني، إن كان مطروحا أصلا.
بعبارة أخرى: حتى لو وُجدت أسئلة حول تراجع صلاح في بعض الجوانب (كالقدرة على المراوغة مقارنة بما كان يقدمه سابقا)، وحتى لو تسببت “حادثة الممر المختلط” أو جدل إعلامي في ضجيج حول مستقبله، فإن الواقع الفني يفرض نفسه. غياب إيزاك يعني أن خسارة صلاح في نفس النافذة الشتوية ستكون مقامرة خطيرة، خصوصا وأن البدائل الحالية تحتاج وقتا أو خبرة أو ثقة كاملة من المدرب.
سفر صلاح إلى المغرب للمشاركة مع المنتخب المصري في كأس الأمم الافريقية، قد يكون فرصة مثالية لإعادة ضبط المشهد: تهدئة الأجواء، وتخفيف الضغط، وعودة محتملة “منعشة” إذا استعاد اللاعب أفضل نسخه مع منتخب بلاده.
لكن سلوت لا يمنح أحدا مكانا بالإسم، وصلاح إن عاد سيكون عليه أن يثبت أحقيته “بالجدارة”، لا بالتاريخ كما اعدى اللاعب بنفسه في مقابلته الصحفية قبل أكثر من أسبوعين.
تسريع خطة التعويض
هناك احتمالان يبدوان متعارضين ظاهريا لكنهما متلازمان في عقل إدارة ليفربول إصابة إيزاك.. تجبر النادي على حلول فورية للهجوم. وفي الوقت نفسه قد تسرّع التخطيط للخلافة، لأن بديل صلاح كان مطلوبا في وقت قريب على أي حال، مع توجه سلوت للابتعاد عن آخر بقايا ثلاثي هجوم المدرب السابق يورجن كلوب.
هذه النقطة تضع صلاح في منطقة حساسة: ليس لأنه سيغادر غدا، بل لأن ليفربول قد يتحرك الآن لضم جناح “متعدد الاستخدام” يملك القدرة على اللعب على الجناحين، ما يعني منافسة مباشرة لصلاح وجاكبو معا، وتحوّلا تدريجيا في شكل الأدوار داخل الفريق.
من ترميم الدفاع إلى توازن في الاحتياجات
كان ليفربول يميل إلى نشاط شتوي حتى قبل إصابة إيزاك، مع اعتراف واضح بالحاجة لتدعيم الدفاع، ووجود اهتمام بجويهي. لكن الإصابة تعني أن خط المقدمة أصبح بحاجة للترميم أيضا.
هنا يصبح السؤال المالي محوريا: هل يملك النادي رفاهية تخصيص ميزانية كبيرة لدفاع ثم يضيف صفقة هجومية معتبرة؟ أم سيبحث عن حلول “قيمة مقابل المال”، أو صفقة هجومية واحدة ذات مرونة عالية؟
الخيار المنطقي هو لاعب جناح/طرف قادر على تغطية أكثر من مركز، لأن هوجو إكيتيكي سيعوض إيزاك في العمق، وبالتالي الحاجة الأكبر قد تكون على الأطراف، خصوصا مع عدم تعويض رحيل لويس دياز في الصيف الماضي.
سيمينيو.. حل مثالي غير سهل
أبرز اسم هجومي يبدو ليفربول مهتما به هو نجم بورنموث أنتوان سيمينيو، بوصفه الخيار الذي تتمناه كل الأندية في قائمة هدايا عيد الميلاد.
أسباب ترشيح سيمينو واضحة، فبالإضافة إلى مساهمته الضخمة في أهداف بورنموث (أكثر من 30% من أهداف الفريق في الدوري)، فإنه مراوغ ذكي مثل دياز، ومرن على الجناحين ويجيد اللعب بكلتا القدمين، وهو جاهز لاتخذا الخطوة التالية والمنافسة على مستوى النخبة، وبقيمة قد تكون معقولة مقارنة بخيارات أكثر صخبا.
لكن الضجيج حوله يعني منافسة شرسة، ما قد يرفع السعر أو يعقد المفاوضات. ومع ذلك، وجود اسم مثل سيمينيو على طاولة ليفربول يرسل رسالة غير مباشرة حول صلاح: النادي يريد جناحا قادرا على صناعة الفارق فرديا، لأن “تراجع صلاح” في جانب المراوغة يجعل هذا الاحتياج أكبر، لا أصغر.



