بين وعودٍ كبرى لم تكتمل، وصدماتٍ متتالية بددت بريق البداية، وجد جورجي جيسوس نفسه في 2025 داخل متاهة لا تشبه تاريخه ولا تُنصف اسمه.
عام حمل في طياته انتصارات مؤجلة، وأسئلة معلّقة، وحساباتٍ مفتوحة لم تُغلق بعد، ليبدو المشهد وكأن المدرب البرتغالي يقف على خطٍ رفيع بين المجد والانكسار.
العجوز البرتغالي الذي نجح في كتابة التاريخ مع أكثر من نادٍ، عانى كثيرًا خلال نصف العام الأول المُكمل للموسم الماضي 2024-2025، وذلك بعد سلسلة من الأزمات التي ضربته مع الهلال السعودي.
وبعد رحيله في نهاية الموسم، قرر خوض أحد أصعب التحديات في مسيرته بقبول مهمة القيادة الفنية للغريم والجار اللدود النصر، ليصبح تائهًا بين الصدمات وتصفية الحسابات.
ضربة مباغتة
بدأ عام 2025، بشكل صادم مع المدرب البرتغالي، بعد الخروج من ربع نهائي كأس الملك على يد اتحاد جدة، بركلات الترجيح (3-5)، بعد نهاية اللقاء بالتعادل الإيجابي (2-2).
تلك كانت بمثابة الصدمة الأولى للمدرب البرتغالي خلال العام الجاري، والتي تسببت في اهتزاز ثقة الفريق بأكمله، وسوء العلاقة مع الجماهير، ما ترتب عليه أزمات عديدة.
ورغم تحقيق 3 انتصارات متتالية في يناير/كانون الثاني 2025، بعد الخروج من كأس الملك، إلا أنه تلقى الهزيمة الثانية في الدوري على يد القادسية (1-2)، لتصبح الأمور أكثر صعوبة في سباق القمة.
صدمات متتالية
لم يكن اهتزاز الثقة أزمة عابرة، بل عانى منها رجال جيسوس في الهلال بشكل مستمر، تسببت في صدمات متتالية، يأتي على رأسها التعادل في مباراتين متتاليتين مع الرياض وضمك في الدوري، ما منح الاتحاد فرصة المضي قدمًا نحو الصدارة.
واستمرت النتائج السلبية للمباراة الثالثة تواليًا، حتى سقط المدرب البرتغالي للمرة الأولى في تاريخ أمام الاتحاد، بنتيجة (1-4) في الجولة 21 من المسابقة، ما تسبب في موجة انتقادات لم تتوقف حتى نهاية الموسم الماضي.
ورغم أن الهزيمة جاءت قبل 13 جولة من نهاية الدوري، إلا أنها كانت كفيلة لإحباط الهلال ومنح الاتحاد دفعة معنوية لتحقيق اللقب، حتى وإن تعرض لعدة تعثرات، ولكنه لم يجد المنافس الذي يهدده بالشكل الأمثل.
الهلال تعافى قليلاً بالفوز على الخلود، ولكنه خسر كلاسيكو جديد ولكن كان أمام القطب الثاني لجدة، وهو النادي الأهلي الذي تمكن من تحقيق الانتصار في الوقت القاتل، بنتيجة (3-2).
واستمر الوضع الكارثي، بخسارة صادمة خارج الديار أمام باختاكور الأوزبكي، بهدف دون رد، في ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة.
فقدان السيطرة
من أهم مزايا جيسوس، التمتع بشخصية صارمة تجعله قادرًا على التحكم في رتم الفريق وغرفة خلع الملابس على أكمل وجه.
ولكن الهزات التي تعرض لها الهلال في كافة المسابقات، تسببت في خروج الأمور عن السيطرة قليلاً، باعتراضات مستمرة من اللاعبين على التبديلات، ودخول جيسوس في صدام حاد مع علي البليهي، مدافع الفريق.
غير توتر العلاقة مع الجماهير سواء مع جيسوس أو اللاعبين، حيث وصل الأمر إلى تراشق الألفاظ بين بعض الأشخاص ونجوم الفريق.
نهاية حزينة
رغم تحقيق انتصارات متتالية في بطولة الدوري، إلا أن تركيز جيسوس الأكبر كان على حصد آسيا، وهو ما تسبب في خسارة صادمة أمام النصر، بنتيجة (1-3) في الجولة 26 من المسابقة.
تلك الخسارة كانت كفيلة لتؤكد أن صراع الدوري انتهى لصالح الاتحاد، ولكن الجماهير كانت تأمل في تصحيح الأوضاع بالبطولة الآسيوية، ولكنها لم تكن تعرف أن النهاية ستكون حزينة على كافة الأصعدة.
صحيح أن الهلال، عاد ليكتسح باختاكور في إياب ثمن النهائي، برباعية دون رد، وإسقاط جوانغجو الكوري الجنوبي، بسباعية نظيفة، ولكنه فور اصطدامه بمواطنه الأهلي جاءت المفاجأة بالخسارة (1-3).
كانت هذه هي الخسارة الثانية تواليًا على يد الأهلي، ليودع الهلال المسابقة، ثم قررت إدارة “الزعيم” بعد أيام قليلة إقالة المدرب البرتغالي من منصبه.
تصفية الحسابات
فاجأ جيسوس الجميع بقرار العودة إلى دوري روشن، بعد أقل من شهرين ونصف عن الرحيل، حيث دخل من بوابة النصر، ما تسبب في صدمة للجماهير الهلالية.
لكن جيسوس قرر تلبية دعوة مواطنه كريستيانو رونالدو، قائد الفريق، ويبدو أنه جاء لتصفية الحسابات، بالرد على الانتقادات التي طالته والسيطرة على الألقاب خلال الفترة المقبلة.
تلك هي أهداف مشتركة بين جيسوس ورجال رونالدو من أجل تصفية الحسابات من الهلال والاتحاد والأهلي، في صراع مفتوح لا يعترف إلا بلغة الألقاب والانتصارات.
ورغم خسارة السوبر المحلي في بداية الموسم، إلا أن النصر خسر بركلات الترجيح، بعد عرض مثير أمام الاتحاد انتهى بفوزه في نصف النهائي (2-1)، ثم تعادل مع “الراقي” (2-2) وسقط بالترجيحية.
وعلى مستوى الدوري، فلا يوجد أفضل من النصر بعد مرور 9 جولات، حقق خلالها العلامة الكاملة برصيد 27 نقطة، وهو نفس الحال عبر بطولة دوري أبطال آسيا 2، بالفوز في أول 6 جولات والتأهل للدور ثمن النهائي.
وبلغة الأرقام، يعد النصر هو الفريق الأقوى هجومًا ودفاعًا في الدوري السعودي، بفضل اللمسة الساحرة الخاصة بجيسوس، ليواصل رحلته نحو تصفية الحسابات بداية من النصف العام الجاري الذي اقترب من نهايته.



