لم يتوقع أكثر المتشائمين، الصدمات التي تعرض لها الهلال خلال الموسم الجاري، وآخرها الخسارة من أهلي جدة (1-3)، أمس الثلاثاء، في نصف نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة.
الهلال بطل الثلاثية المحلية في الموسم الماضي، والفريق الأكثر تحقيقا للانتصارات المتتالية عبر التاريخ، أصبح معرضا لخسارة جميع الألقاب الممكنة، باستثناء السوبر المحلي الذي توج به مطلع الموسم الجاري.
خسارة اللقب الآسيوي، يمكن لها أن تتسبب في العديد من الأزمات المرتقبة خلال الأيام القليلة المقبلة، وأبرزها تدمير أحلام المدرب البرتغالي جورجي جيسوس.
معاناة هلالية
وصل الهلال لأفضل مستوى في تاريخه خلال الموسم الماضي، بتجنب أي هزيمة في مختلف البطولات المحلية، حيث حقق رقما غير مسبوق متمثل في 57 مباراة متتالية ما بين فوز وتعادل، لدرجة أن البعض كان يرى أن سقوطه بمثابة الأمر المستحيل.
لكن المعاناة بدأت قبل 157 يوما، عندما توقفت سلسلة انتصاراته المحلية، بالخسارة أمام الخليج بنتيجة (2-3)، ضمن الجولة 11 من دوري روشن.
صحيح أن أي فريق في العالم يتعرض للخسارة، ولكن السقوط أمام الخليج، كان بداية لتعثرات وانتقادات وتشكيك في قدرات المدرب واللاعبين، بشكل لا يصدق، حتى تراجع المستوى بصورة غريبة.
الهلال أكمل 5 هزائم بجانب 5 تعادلات على مستوى دوري روشن، وهو ما جعله قريبا من خسارة اللقب، في ظل المنافسة الشرسة مع اتحاد جدة المتصدر بـ68 نقطة.
والغريب في الأمر، أن جميع الهزائم التي تعرض لها الهلال أمام الخليج والقادسية والاتحاد والأهلي والنصر، جاءت بعد سلسلة طويلة من السيطرة، لتنتهي العقدة “الزرقاء” لهذه الأندية خلال موسم واحد فقط.
كذلك، ودع كأس الملك على يد اتحاد جدة بالخسارة في ربع النهائي بركلات الترجيح، بعد مباراة ماراثونية، انتهت بالتعادل (2-2)، قبل أن يتأهل “العميد” بعدها.
أما على مستوى البطولة الآسيوية، فقد ظهر الهلال بصورة جيدة، ولكنه تعرض لهزيمتين أيضا، بواقع واحدة أمام باختاكور الأوزبكي، في ذهاب ثمن نهائي المسابقة ثم الأهلي.
تلك التعثرات، تسببت في هجوم جماهيري غير مسبوق على إدارة النادي والمطالبة برحيل جيسوس وبعض اللاعبين، حتى وصل الأمر لخسارة الحلم الآسيوي، ليكمل “الزعيم” 157 يوما من المعاناة.
سيناريو مكرر
خطف الهلال أنظار الجميع، بفوزه الكاسح على جوانجو الكوري الجنوبي، بنتيجة (7-0)، في الدور ربع النهائي، حيث توقع البعض أن “الزعيم” منح رسالة تحذيرية لجميع خصومه، برغبته في استعادة اللقب.
والغريب هو ظهور رجال جيسوس بصورة باهتة أمام الأهلي “المتوهج”، حيث كانوا الطرف الأضعف على مستوى الخطورة والجوانب الفنية والتكتيكية.
ذلك السيناريو تكرر، بعد عامين فقط، من الفوز التاريخي على الدحيل القطري في نصف نهائي المسابقة القارية (7-0)، وتوقع وقتها أغلب عشاق الساحرة المستديرة، أن “الزعيم” سيحقق اللقب في النهاية.
لكن الصدمة، جاءت بالخسارة في النهائي أمام أوراوا الياباني، قبل أن يتكرر السيناريو ضد أهلي جدة، ليتبخر حلم النجمة الخامسة.
ورغم أن الهلال هو الفريق الأكثر تتويجا بالبطولة بواقع 4 مرات سابقة، إلا أن جماهيره ترى بأن الفريق يعاني من عقدة، في الابتعاد عن منصة التتويج خلال 3 نسخ متتالية.
تدمير أحلام الهلال
يمر الهلال بموقف لا يحسد عليه، حيث يعاني من اضطرابات إدارية غير مسبوقة قبل مرحلة مهمة متمثلة في المشاركة بكأس العالم للأندية 2025.
“الزعيم” كان هدفه الأول هو تحقيق اللقب الآسيوي،، لذا تراجع الأداء بشكل واضح في البطولات المحلية، ليخسر الكأس، وبات قريبا من الفشل في الاحتفاظ بالدوري.
ويمكن للخسارة الآسيوية أن تؤثر على مستوى الفريق في المنافسة على الدوري قبل 5 جولات من النهاية، في ظل الحديث عن إمكانية إنهاء عقد جيسوس خلال الأيام المقبلة، بعد أن كان المعشوق الأول للجماهير.
هذا وبالإضافة لاهتزاز ثقة اللاعبين وسوء العلاقة مع الجماهير، تزامنا مع النظر في ملف صفقات الموسم الجديد، وتحديدا قبل مونديال الأندية.
فضلا عن ذلك، فإن فهد بن نافل رئيس النادي، ألمح لإمكانية رحيله، بعد الفشل الآسيوي، وهو ما يشير لتدمير جميع أحلام النادي، المتمثلة في حصد الألقاب والحفاظ على هوية الفريق بوجود جيسوس مع التفكير في الإعداد للمونديال.
خطايا برتغالية
رغم المستوى المذهل الذي قدمه الهلال مع جيسوس، إلا أنه ارتكب العديد من الأخطاء خلال الموسم الجديد، بجانب نحس الإصابات المستمر.
لكن بالنظر لأسلوب جيسوس، نجد أنه أصر على طريقة (3-4-3) في بعض المباريات، رغم ثبوت فشلها في جميع المناسبات، ليتعرض للسقوط مرارا وتكرارا.
فضلا عن اللعب بالثنائي الهجومي ماركوس ليوناردو وألكسندر ميتروفيتش، في الوقت الذي كان يمكن الاستعانة بلاعب وسط آخر يمكنه، أن يساعد في ربط الخطوط، والقيام بالزيادة الهجومية في وقت واحد.
واعتمد جيسوس على بعض اللاعبين في مراكز مختلفة عن أماكنهم الطبيعية، رغم وجود أصحاب هذه المراكز، وخاصة إشراك ياسر الشهراني (الظهير الأيسر) في الجبهة اليمنى، والإصرار على الزج بعلي البليهي، رغم سوء مستواه.
وكان أهم ما يميز جيسوس في موسمه الأول، هو تعامله النفسي مع اللاعبين، ولكنه افتقد هذا الجانب مؤخرا، بعد التسبب في غضب أكثر من لاعب أمام الجميع، سواء باستبدال أو تعليمات صارمة.
وبالنظر لقائمة الهلال، نجد أن جيسوس يمتلك مجموعة مميزة من اللاعبين، ولكنه كان يعتمد على بعض الأسماء بشكل مستمر وعدم اتباع مبدأ المداورة بينهم، ليتسبب في إصابة أغلبهم.
جيسوس في مهب الريح
كان جيسوس يحلم بالخروج من الباب الكبير عن طريق التتويج باللقب الآسيوي، ثم تحقيق حلم تدريب منتخب البرازيل.
الأيام الأخيرة، شهدت سلسلة طويلة من المفاوضات التي تشير إلى احتمالية تولي المدرب البرتغالي، مهمة “السليساو”، ولكنه اشترط البقاء حتى نهاية البطولة الآسيوية.
لكن في الوقت ذاته، لن يجد جيسوس طريقه مفروشا بالورود، بعد الأنباء التي أكدت تواصل الاتحاد البرازيلي مع الإيطالي كارلو أنشيلوتي، مدرب ريال مدريد.
وأصبح جيسوس قاب قوسين أو أدنى من الرحيل عن الهلال، ليفشل في الخروج من الباب الكبير، ويمكن أن يتبخر حلم تدريب البرازيل، ليخسر جميع أحلامه بعد كتابة تاريخ غير مسبوق بالملاعب السعودية.