عرف الأسطورة كريستيانو رونالدو قائد النصر السعودي، بعض النهايات الحزينة في مسيرته الكروية الممتدة لأكثر من 20 عاما، لكن من أصعب اللحظات، تلك التي كان شاهدًا عليها بقميص فريقه الحالي.
رونالدو الذي صال وجال في ملاعب العالم، معانقا المجد في كل محطات مسيرته الذهبية، اصطدم بحاجز جديد من الإخفاق، عندما ودع رفقة فريقه، منافسات دوري النخبة الآسيوي، من الدور نصف النهائي.
وخسر النصر أمام كاواساكي بنتيجة 2-3، ليكتب الفريق الياباني، نهاية حزينة لمشوار بحث فيه كريستيانو عن لقب قاري، لتعويض إخفاقات العامين الماضيين بقميص النصر.
رحلة رونالدو مع النصر منذ يناير/كانون ثان 2023 وحتى الآن، اصطدمت بالعديد من الضربات التي أنهت أحلام الدون في حصد مجموعة ألقاب، كان قريبا منها، لتتواصل المعاناة مع الألقاب بالنسبة للنجم البرتغالي الذي حصد 31 لقبا في مسيرته مع الأندية قبل الانتقال للملاعب السعودية.
وزادت ضربات القدر لرونالدو، بالإقصاء الآسيوي مؤخرا، فقد فشل مع النصر في تحقيق 10 بطولات حتى الآن، واكتفى بحصد كأس الملك سلمان للأندية العربية على حساب الهلال.
وفشل رونالدو في المنافسة مرتين على اللقب الآسيوي، وكذلك أهدر 3 فرص لحصد كأس خادم الحرمين، ومثلهم في السوبر السعودي.
وكذلك على مستوى الدوري السعودي للمحترفين، أدار الحظ، ظهره لكريستيانو رونالدو، في موسمين.
ولا يزال الموسم الحالي، قائما، حتى وإن كانت حظوظ النصر فيه صعبة للغاية، قبل 5 جولات فقط من النهاية، حيث يحتل “العالمي” المركز الثالث برصيد 60 نقطة، بفارق 8 نقاط عن المتصدر اتحاد جدة.
سيناريو مكرر
مسيرة رونالدو الذهبية، سواء مع ريال مدريد أو حتى مانشستر يونايتد ويوفنتوس، كانت تستحق أكثر من نهاية سعيدة.
لكن النجم البرتغالي لم يعرف إلا السيناريوهات الحزينة والمكررة، فقد كانت البداية بكأس السوبر السعودي موسم 2022-2023 بالخسارة من الاتحاد في نصف النهائي.
وأعقب ذلك، صدمة الخروج من نصف نهائي كأس خادم الحرمين على يد الوحدة، ثم خسارة لقب الدوري في نفس الموسم (2022-2023).
وخاض رونالدو موسم 2023-2024 بالكامل، ولعب بسقف طموحات أعلى، لكن الصدمة جاءت بتوديع ربع نهائي دوري أبطال آسيا على يد العين الإماراتي، بركلات الترجيح.
وازدادت المعاناة بخسارة جديدة ضد الهلال في نصف نهائي السوبر السعودي، ونال الدون البرتغالي، بطاقة حمراء في تلك المواجهة.
وبعد خسارة لقب الدوري، الذي هيمن عليه الهلال أيضًا، عاند القدر، رونالدو، من جديد بسيناريو ركلات الترجيح في نهائي كأس خادم الحرمين، بعدما كان النصر أقرب للفوز، لكن النهاية كانت حزينة من جديد، ولم يحصد الأسطورة البرتغالي سوى الدموع عقب الخسارة.
الموسم الحالي كان صادما في بدايته، فرغم تسجيل رونالدو، هدفين، بواقع هدف في نصف النهائي أمام التعاون، ومثله في النهائي أمام الهلال، لكن بطولة السوبر السعودي استعصت على النصر ورونالدو من جديد بخسارة قاسية 1-4.
ثم عرف النصر، الخسارة في ثمن نهائي كأس خادم الحرمين، على يد التعاون، وهذه المرة بمساهمة رونالدو، الذي أهدر ركلة جزاء كانت كفيلة بتعديل النتيجة ليخسر العالمي 0-1 ويودع البطولة.
وجاءت الضربة العاشرة في البطولة الآسيوية، التي ربما كانت فرصة أخيرة لكريستيانو من أجل تحقيق حلم الفوز بدوري الأبطال في قارة جديدة، بعدما حصد دوري أبطال أوروبا أكثر من مرة.
معاناة فنية
رونالدو سيئ الحظ.. هذا أمر لا خلاف عليه، فرغم كل ما حققه في مسيرته، إلا أنه عادة ما يصطدم بقيود ومعوقات تكبل انطلاقته، فلا يجد من يعوضه في يوم الخفوت، أو من يساعده كفريق متكامل يمهد له طريق التألق.
ولعل أرقام رونالدو التهديفية مع النصر، ربما يمكن القول بأن أغلبها نتاج اجتهادات شخصية من الدون، وتوظيف جيد لخبرات السنين الطويلة، لكن الفريق السعودي لا يملك شخصية البطل.
ورغم وجود بعض الأسماء الجيدة في النصر مثل بروزوفيتش وأوتافيو ولابورت وماني، بالإضافة إلى دوران وبينتو، إلا أن الفريق لا يتمتع بهوية فنية مميزة، كما يسهل التغلب عليه من الخصوم.
وهذه المعاناة ظلت متوارثة في النصر منذ حقبة رودي جارسيا ثم لويس كاسترو وأخيرا ستيفانو بيولي، فلا تجد الفريق يقدم مستويات ثابتة مع توالي المباريات، علاوة على أن مستوى أغلب المحليين لدى النصر، لا يصنع الفارق.
كما أن بعض خيارات النصر من اللاعبين الأجانب منذ بداية عهد الاستقطاب والصفقات الكبرى، لم تكن موفقة، ويمكن استثناء بروزوفيتش وأحيانا ماني وأوتافيو، لكن بخلاف ذلك، فالثنائي البرازيلي ويسلي وأنجيلو كان من الممكن تعويضهما بأسماء أخرى يحتاجها النصر بالفعل.
وأيضًا جون دوران بدا مهاجما فتاكا منذ بداية التعاقد معه، لكن بمرور الوقت، ظهر تداخل الأدوار مع رونالدو، الأمر الذي يمكن تفسيره بالفشل في الإدارة الفنية داخل الفريق.
كما أن الأزمة الفنية تتضح أيضًا في أسلوب لعب النصر، خاصة الموسم الحالي، فقد أنقذ القدر، بيولي، من سقطات عديدة، لكن بخلاف ذلك تخيم العشوائية على أسلوب اللعب.
ويعتمد النصر في أغلب انتصاراته، على حلول فردية من لاعبيه، وبالتالي فإن رونالدو إذا لم يكن في يومه، فعليه أن ينتظر النهاية الحزينة، لأن صنع الفارق بواسطة زملائه، لا يحدث كثيرا، والدليل على ذلك أن كريستيانو يتصدر قائمة هدافي الدوري السعودي برصيد 23 هدفا، بينما أقرب ملاحقيه من زملائه هو ساديو ماني برصيد 8 أهداف، أي بفارق 15 هدفا.