كرة القدم تدمر نجومها الشباب .. هل يحترق يامال مبكرًا؟ – الرياضة نت
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On YoutubeCheck Our Feed

كرة القدم تدمر نجومها الشباب .. هل يحترق يامال مبكرًا؟

في سن الثامنة عشرة فقط، أصبح لامين يامال، نجم برشلونة الإسباني، رمزًا للموهبة الاستثنائية في عالم كرة القدم، فالفتى الذي حصد المركز الثاني في صراع الكرة الذهبية خلف عثمان ديمبيلي، يُذهل الجماهير بسرعته الخاطفة، ورؤيته الثاقبة، ونضجه اللافت الذي يتجاوز عمره.

لكن وراء هذا التألق، تلوح في الأفق أزمة خطيرة، فقد أعادت إصابة يامال الأخيرة في منطقة العانة، والتي تعرض لها خلال هزيمة برشلونة أمام باريس سان جيرمان في دوري أبطال أوروبا، إشعال الجدل حول الأعباء الهائلة التي يتحملها اللاعبون الشباب.

وبينما خاض يامال 130 مباراة احترافية وما يساوي 8158 دقيقة لعب بحلول عيد ميلاده الثامن عشر، فإن عبء العمل عليه ليس مجرد إحصائية استثنائية، بل إنذار بكارثة تهدد مستقبل اللعبة.

وأصبح التقويم الكروي الحديث، المزدحم بالدوريات المحلية، والبطولات القارية، والمباريات الدولية، يمثل ضغطًا هائلا على اللاعبين ويدفعهم إلى حدود جسدية وعقلية غير مسبوقة.

ووفقًا لتقرير صادر عن اتحاد اللاعبين العالمي (FIFPRO) بعنوان “الإرهاق وعدم الحماية: تأثير الأعباء على صحة اللاعبين وأدائهم”، فإن الحمل الزائد على يامال يُعد دراسة حالة نموذجية لهذه الأزمة، حيث لعب في سنة الـ18 فقط ما يقرب من ضعفي دقائق أساطير مثل أندريس إنييستا، وتشافي هيرنانديز، أو سيسك فابريجاس في نفس العمر.

ومقارنة بأقرانه، فإن 130 مباراة ليامال تتجاوز بفارق كبير مباريات زملائه في برشلونة باو كوبارسي (69)، وجافي (60)، وبيدري (49).

حتى جود بيلينجهام، نجم ريال مدريد، الذي أثار قلقًا بسبب عبء عمله في سن الـ18، سجل 6216 دقيقة، وذلك أقل بنسبة 31% من الدقائق التي خاضها يامال.

أزمة عالمية تهدد المواهب

لا تقتصر أزمة الإرهاق على يامال فقط، ولكنها تعكس خطرًا أوسع يمس اللاعبين في جميع أنحاء العالم، فالتقرير يكشف أن لاعبين مثل فيديريكو فالفيردي، الذي خاض 72 مباراة و6676 دقيقة في موسم 2024/25، يعانون من جدول زمني مكثف بنسبة 81% من المباريات المتتالية دون استراحة كافية.

ويبرز كذلك رودري، نجم مانشستر سيتي، كمثال صارخ لهذا الدوامة الخطيرة، حيث لعب 135 مباراة خلال موسمي 2022-2024، متجاوزًا بكثير التوصية بـ55 مباراة سنويًا.

ونتيجة لذلك، تعرض رودري لإصابة خطيرة في الرباط الصليبي بعد نهائيات يورو 2024، أبعدته عن الملاعب لمدة 235 يومًا.

ولم يُستثن بيدري، الذي لعب 69 مباراة و5503 دقائق في موسم 2024/25، وخاض 55 مباراة متتالية دون تعافٍ كافٍ.

حتى النجوم المخضرمين مثل لوكا مودريتش، البالغ من العمر 40 عامًا، لعب 76 مباراة و4376 دقيقة، بينما سجل أشرف حكيمي 6371 دقيقة، وفي حالة كيم مين جاي، مدافع بايرن، لعب 20 مباراة في 73 يومًا، أي مباراة كل 3.6 أيام.

السفر والأعباء الإضافية

لم تقف أزمة الإرهاق عند حد عدد المباريات فقط، فالسفر المستمر أيضا يزيد من الضغط على اللاعبين، فمثلاً، قطع ماثيو رايان حارس ليفانتي ومنتخب أستراليا، 169 ألف كيلومتر في الموسم الماضي، وأندريه أونانا حارس الكاميرون 127 ألف كيلومتر في 33 رحلة، بينما لعب مويسيس كايسيدو 4 مباريات في قارتين خلال 14 يومًا فقط.

وتجعل هذه الأعباء الإضافية في السفر، إلى جانب الجداول المزدحمة بالمباريات، عملية تعافي اللاعبين شبه مستحيلة.

توتر بين الأندية والمنتخبات

أثارت إصابة يامال الأخيرة توترًا واضحًا بين برشلونة والمنتخب الإسباني، حيث وجه هانز فليك، انتقادات لاذعة للتعامل مع يامال خلال تصفيات كأس العالم في الشهر الماضي، قائلاً: “من المؤسف أن يذهب لامين إلى المنتخب مصابًا، يلعب ويُحقن بمسكنات. هذه ليست حماية للاعبين”.

في المقابل، دافع لويس دي لا فوينتي، عن بروتوكولات المنتخب الطبية، معربًا عن استغرابه من تصريحات فليك.

ولم يكن هذا الصراع جديدًا، فقد عانى لاعبون مثل واين روني ومايكل أوين من توترات مماثلة بين الأندية والمنتخبات، وكلاهما دفع ثمن الإرهاق المبكر بانخفاض مستواهما قبل سن الثلاثين.

مخاطر طويلة الأمد

يحذر الخبراء من أن الضغط الزائد على اللاعبين الشباب، وخاصة أولئك الذين لم يكتمل نموهم الجسدي بعد، يزيد من مخاطر الإصابات المزمنة.

ويقول الدكتور دارين بورجيس، رئيس شبكة الأداء العالي في FIFPRO: “التعرض المستمر للأحمال البدنية الثقيلة يزيد من مخاطر إصابات الإفراط مثل تمزق الأوتار أو الكسور الإجهادية. هذه الإصابات قد تبدو بسيطة في البداية، لكنها قد تصبح نمطًا يطارد اللاعب طوال مسيرته”.

ويضيف: “الخسارة الأكبر هي إهدار الإمكانات. اللاعب الذي يُدفع إلى الأضواء مبكرًا دون حماية كافية قد يرى مسيرته تنتهي قبل أن تبدأ فعليًا”.

حلول متاحة وإرادة غائبة

يوصي الخبراء بحلول واضحة، تتمثل في: 4 أسابيع راحة إلزامية بعد الموسم، وفترة إعداد تدريجية، ويومي راحة على الأقل بين المباريات، ويوم راحة أسبوعي، وحماية خاصة للاعبين دون 21 عامًا.

لكن الفيفا، واليويفا، وروابط الدوريات، والاتحادات الوطنية تواصل توسيع البطولات وزيادة الأعباء، تاركة اللاعبين يدفعون الثمن.

ويحذر المخضرم مارسيلو بيلسا، مدرب منتخب أوروجواي، قائلا: “تجاهل عواقب عدد المباريات والسفر سيؤدي إلى إصابات لكل اللاعبين”.

مستقبل يامال واللعبة

يعد لامين يامال، بموهبته الاستثنائية، مرشحًا طبيعيًا لخلافة أساطير مثل ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، ولكن دون حماية كافية، قد يواجه مصيرًا مشابهًا لأوين وروني، اللذين فقدا بريقهما مبكرًا.

وكما يقول بورجيس: “إذا أرادت كرة القدم رعاية الجيل القادم، يجب أن تعطي الأولوية للتطوير على حساب الاستغلال”.

فهل ستستجيب اللعبة لهذا التحذير، أم تستمر في استنزاف نجومها الشباب؟

التصنيفات: الدوري الاسباني,عاجل