“صانع الألعاب”، اسمٌ يختصر الكثير مما يمكن للاعب واحد أن يقوم به، ومن دوره مع الفريق، ومن أهمية هذا الدور: التحكم في إيقاع الفريق، توجيه لاعبيه، المساهمة في بناء اللعب، صناعة الفرص، بل والتسديد والتسجيل، غيضٌ من فيض ما يمكن أن يقوم به صانع الألعاب لفريقه في كل مباراة، ودليل على أهميته بالنسبة لباقي اللاعبين.
ولأهمية هذا الدور وتعدد مزاياه، فإن الهاجس الأول لبعض المدربين هو إحكام السيطرة على من يقوم به في الفريق المنافس، ومنعه من كل أو جُل تلك الأدوار، لمنع أي خطورة محتملة على مرمى الفريق.
ومن أبرز الفرق التي تعتمد بشكل كبير على هذا الدور، نادي الاتحاد، حامل لقبي الدوري السعودي وكأس خادم الحرمين الشريفين، اللذين كان لصانع ألعابه الجزائري حسام عوار دورٌ كبير في الظفر بهما.
عوار قاد الاتحاد لانتزاع اللقبين من حاملهما قبله؛ الهلال، بعدما أقصاه من ربع نهائي كأس الملك، وجعله وصيفه في دوري روشن.
وها هو اللقاء يتجدد بين الكبيرين، وهذه المرة في وقت مبكر من الموسم، وتحديدًا في الجولة السادسة من الدوري السعودي، حين يستضيف ملعب الإنماء، معقل الاتحاد، مباراة الكلاسيكو التي تجمع بينه وبين الهلال، غدًا الجمعة.
عوار ضد إنزاجي
المباراة ستشهد صراعًا جانبيًا، تكرر في الدوري الإيطالي قبل عامين، بين سيموني إنزاجي، المدير الفني لفريق الهلال، وحسام عوار نجم الاتحاد.
في صيف 2023، انتقل حسام عوار إلى روما، قادمًا من ليون، في الوقت الذي كان يستعد فيه إنزاجي لبدء موسمه الثالث مع إنتر ميلان.
والتقى إنزاجي مع عوار، خلال مباراتي إنتر ميلان وروما في الدوري الإيطالي، وكانت الغلبة للمدير الفني الذي قاد “النيراتزوري” للفوز على “الجيالوروسي” 1-0 في سان سيرو، و4-2 في الأولمبيكو.
صحيح أن عوار لم يشارك سوى في 6 دقائق، وتحديدًا في مباراة الذهاب كبديل، لكن إنزاجي أولاه أهمية كبيرة، وذكره بين أبرز لاعبي روما في تصريحات أدلى بها عقب نهاية المباراة.
وقال إنزاجي في تصريحات نقلها موقع “توتو ميركاتو ويب”: “روما فريق قوي، يضم لاعبين ذوي جودة عالية مثل (باولو) ديبالا، (روميلو) لوكاكو، (لورينزو) بيليجريني، و(حسام) عوار، لقد حضّرنا للمباراة بعناية كبيرة”.
تكتيكات إنزاجي
إنزاجي كان يعتمد على طريقة 3-5-2 في هذا الموسم، وهي الطريقة التي كان يتبعها بشكل أساسي خلال فترة عمله مع إنتر ميلان، ومن قبله مع لاتسيو.
ومن أهم تكتيكات إنزاجي الدفاعية، عزل صانع الألعاب بشكل كامل، وهذا الأمر يبدأ من رأسي الحربة، في خطة متناسقة ومتتابعة، وصولًا إلى الخط الخلفي.
المهاجمان يقومان بإغلاق عمق الملعب، وتوجيه المدافعين لبدء الهجمة من الأطراف، ثم يتقدم أحد ظهيري الجانب ويبقى الآخر، ليتكون خطا الخلف والوسط من 4 لاعبين في كل خط.
المهمة الأساسية لثلاثي الوسط بمساعدة الظهير المتقدم، هو إغلاق زوايا التمرير العمودية إلى قلب الملعب، وهو ما يساعد في عملية العزل.
في هذه الحالة، قد يلجأ الخصم إلى إعادة أحد لاعبي الخط الأمامي للخلف، من أجل المشاركة في عملية البناء، والخروج من حالة العزل التي يفرضها فريق إنزاجي، وهو ما يعرفه المدرب الإيطالي جيدًا.
في تلك الحالة، يقوم المدافع بالخروج مع هذا المهاجم، ويضغط عليه بقوة لمنعه من المشاركة في الخروج بالكرة، ويقوم الظهير الآخر الذي لم يتقدم لوسط الملعب بتغطية المساحة التي تركها حتى لا تُستغل.
من الكالتشيو إلى روشن
ومن أجل إيضاح ما يمكن أن يقوم به إنزاجي في الكلاسيكو، فسنفترض اعتماده على الثلاثي كاليدو كوليبالي وحسان تمبكتي ومعهم روبين نيفيز في قلب الدفاع، وحمد اليامي وثيو هيرنانديز كظهيري جانب.
وفي وسط الملعب، سيتواجد الثلاثي ناصر الدوسري وسيرجي ميلينكوفيتش سافيتش ومالكوم، خلف المهاجمين ماركوس ليوناردو وداروين نونيز، في ظل غياب النجم الأول وقائد الفريق سالم الدوسري.
هنا سيقوم ليوناردو ونونيز بتوجيه مدافعي الاتحاد للخروج بالكرة على الجانبين، في ظل إغلاق كل الممرات المؤدية إلى وسط الملعب.
بعد ذلك سيخرج أحد ظهيري الهلال لوسط الملعب، ليشكل مع ناصر الدوسري ومالكوم وسافيتش خطًا طوليًا في وسط الملعب، يغلق خطوط التمرير العمودية إلى حسام عوار وكريم بنزيما وموسى ديابي وستيفن بيرجوين.
في هذه الحالة، سيضطر بنزيما للنزول إلى الأسفل، من أجل استقبال الكرة والخروج من حالة العزل، وحينها سيتبعه مدافع الهلال، وليكن كوليبالي، وسيضغط عليه بقوة لمنعه من المشاركة في التحضير.
حينها سينطلق عوار في انتظار الكرة الطولية، ليكون رجلًا لرجل مع حسان تمبكتي، وهنا يأتي دور روبين نيفيز أو حمد اليامي، في تشكيل الزيادة العددية وتقليص المساحات التي يمكن استغلالها.
بهذه الطريقة، يستطيع إنزاجي عزل أهم عناصر خصومه، وحرمانهم من صناعة الفارق والخطورة، وحينها يبدأ المدرب المنافس محاولاته للخروج من هذا العزل، فتشتعل المعارك التكتيكية، وتزداد معها الإثارة الكروية.