أعاد ليونيل ميسي، قائد المنتخب الأرجنتيني ولاعب إنتر ميامي الأمريكي، الجدل حول مستقبله الدولي بعدما فتح الباب أمام إمكانية مشاركته في النسخة المقبلة من كأس العالم 2026، والتي ستُقام للمرة الأولى في ثلاث دول: الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك، بين منتصف حزيران/يونيو وتموز/يوليو.
وقد أزاحت شركة “أديداس” الستار عن الكرة الرسمية للمونديال، وكان ميسي الوجه الأبرز في الإعلان الرسمي، حيث ظهر وهو يستعرض مهاراته بكرة مونديال 2022، في مشهد رمزي يوحي باستمراره في المحفل العالمي للمرة السادسة على التوالي، ليصبح أول لاعب في التاريخ يصل إلى هذا الرقم.
ظهور استثنائي في الإعلان الرسمي
الفيديو الذي نشرته “أديداس” لم يقتصر على ميسي فحسب، بل جمعه مع كوكبة من نجوم كرة القدم السابقين الذين رفعوا كأس العالم عبر التاريخ، حيث ظهر الفرنسي بول بوجبا ممثلًا لمونديال 2018، والألماني توني كروس بطل 2014، والإسباني تشافي هيرنانديز بطل 2010، والإيطالي أليساندرو ديل بييرو بطل 2006، والبرازيلي كاكا بطل 2002، والفرنسي زين الدين زيدان بطل 1998، والبرازيلي كافو ممثل جيل 1994.
كما ظهر في الإعلان أيضًا جيل جديد من النجوم الحاليين مع الكرة الرسمية لمونديال 2026، ومن بينهم الإسبانيان لامين يامال وداني أولمو، والإنجليزي جود بيلينجهام نجم ريال مدريد، وزميله الإسباني الشاب دين هويسين، بالإضافة إلى البرازيلي جابرييل ماجاليس مدافع أرسنال، وزميليه جابرييل مارتينلي ولويس سكيلي، والنجم المصري محمد صلاح هداف ليفربول، إلى جانب الألماني فلوريان فيرتز الذي انضم إلى الفريق الإنجليزي مطلع الموسم الحالي قادمًا من باير ليفركوزن.
ميسي بين الشكوك والطموح
عودة ميسي إلى الأضواء من خلال هذا الإعلان أعادت طرح التساؤلات بشأن مستقبله الدولي، خاصة بعد تصريحاته المتكررة في الأسابيع الماضية عقب تأهل الأرجنتين إلى مونديال 2026، حيث قال إنه لا يعلم ما الذي سيحدث في العام المقبل، في إشارة إلى تردده بشأن الاستمرار.
الجدل يتعزز مع اقتراب عقده مع إنتر ميامي من نهايته بنهاية الموسم الجاري، دون أن يحسم حتى الآن وجهته المستقبلية سواء بالبقاء في الدوري الأمريكي أو العودة إلى أوروبا أو حتى التفكير في الاعتزال.
أرقام قياسية لا تنتهي
رحلة ميسي الكروية تُعد استثنائية على جميع المستويات. فقد سجل النجم الأرجنتيني 962 هدفًا في 781 مباراة بمسيرته مع الأندية، متضمنة مشواره مع فرق الشباب والرديف في برشلونة حيث أحرز 11 هدفًا في 32 مباراة.
ومع الفريق الأول للنادي الكتالوني، سطر ميسي ملحمة تاريخية بتسجيله 672 هدفًا في 778 مباراة خلال الفترة بين 2004 و2021، قبل أن يرحل إلى باريس سان جيرمان الفرنسي في صيف 2021 بصفقة انتقال حر، حيث أحرز 32 هدفًا في 75 مباراة على مدار موسمين.
وفي صيف 2023، خاض “ليو” تجربة جديدة بالانتقال إلى إنتر ميامي الأمريكي، وهناك استعاد جزءًا من بريقه بتسجيله 66 هدفًا في 77 مباراة حتى الآن، ليؤكد أن شهيته التهديفية لم تنطفئ رغم تقدمه في العمر.
حصيلة دولية مذهلة
على الصعيد الدولي، أحرز ميسي 130 هدفًا في 217 مباراة مع مختلف فئات منتخب الأرجنتين. فقد سجل 14 هدفًا في 18 مباراة مع منتخب الشباب تحت 20 عامًا، الذي توج معه بكأس العالم للشباب 2005 في هولندا، كما أحرز هدفين مع المنتخب الأولمبي في 5 مباريات خلال دورة الألعاب الأولمبية (بكين 2008) التي حصد فيها الميدالية الذهبية.
أما مع المنتخب الأول، فقد وقع على 114 هدفًا في 194 مباراة، ليصبح الهداف التاريخي لمنتخب بلاده بفارق كبير عن جميع منافسيه. وبجمع أهدافه مع الأندية والمنتخبات، يصل رصيد ميسي إلى 911 هدفًا في 1181 مباراة رسمية.
مسيرة ميسي في كأس العالم
شارك ميسي في خمس نسخ متتالية من كأس العالم منذ نسخة ألمانيا 2006 وحتى قطر 2022. لعب خلالها 26 مباراة سجل خلالها 13 هدفًا. البداية كانت متواضعة، حيث اكتفى بهدف وحيد في 3 مباريات بمونديال 2006، ثم غاب عن التسجيل في مونديال 2010 بجنوب أفريقيا رغم مشاركته في 5 مباريات.
لكن مع مونديال البرازيل 2014، انفجر ميسي بتسجيل 4 أهداف في 7 مباريات، وقاد منتخب بلاده إلى النهائي قبل أن يخسر أمام ألمانيا بهدف قاتل في الأشواط الإضافية. وفي روسيا 2018 اكتفى بهدف وحيد في 4 مباريات، قبل أن يتألق بشكل أسطوري في قطر 2022 بتسجيله 7 أهداف في 7 مباريات، ليقود الأرجنتين إلى التتويج باللقب الغائب منذ 1986، ويحقق حلمه الأكبر برفع الكأس الذهبية.
كوبا أمريكا.. رحلة طويلة من المعاناة والإنجاز
ميسي لم يكتفِ بالمونديال، بل خاض مع الأرجنتين 7 نسخ من بطولة كوبا أمريكا أعوام 2007 و2011 و2015 و2016 و2019 و2021 و2024. ورغم خسارته 3 نهائيات في 2007 و2015 و2016، إلا أنه نجح في إنهاء عقدة البطولات القارية بحصد لقب 2021 في البرازيل، ثم أكد التفوق بإضافة لقب 2024.
خلال هذه المشاركات، سجل ميسي 14 هدفًا في 39 مباراة، وكان أبرزها نسخة 2016 المئوية بالولايات المتحدة حيث أحرز 5 أهداف في 5 مباريات.
المستقبل بين الحاضر والمجهول
اليوم، يقف ليونيل ميسي أمام لحظة فارقة. من ناحية، تلمح مشاركته في إعلان الكرة الرسمية لمونديال 2026 إلى استمراره في مغامرته الكروية، ومن ناحية أخرى، تؤكد تصريحاته الأخيرة أن قراره النهائي لم يُحسم بعد.
ومع اقترابه من عامه التاسع والثلاثين وقت انطلاق البطولة، سيكون الجدل مستمرًا حول مدى قدرته على قيادة “التانجو” مرة أخرى في أكبر المحافل العالمية.
وفي كل الأحوال، يظل ميسي أيقونة عالمية لا تتكرر، وأرقامه وإنجازاته خير شاهد على مسيرة لاعب استثنائي قد لا يتكرر مثله لعقود طويلة.