يواصل المخضرم أنطونيو كونتي تأكيد مكانته كأحد أبرز العقول التدريبية في أوروبا، بعدما تصدّر قائمة المدربين الأعلى أجرًا في الدوري الإيطالي لموسم 2025-2026، متفوقًا على عدد من الأسماء الكبيرة في الكالتشيو.
ووفقًا لما كشفه موقع “توتوميركاتو” الإيطالي، فإن كونتي، المدير الفني لنادي نابولي، يتقاضى راتبًا سنويًا صافياً يبلغ 8 ملايين يورو، ليعتلي صدارة ترتيب رواتب مدربي الكالتشيو بفارق واضح عن أقرب ملاحقيه.
تُوّج كونتي بهذا التقدير المالي بعد قيادته الرائعة لنابولي نحو تحقيق لقب الدوري الإيطالي الموسم الماضي، وهو اللقب الثاني للفريق الجنوبي في آخر ثلاث سنوات. وقد مكّنه هذا الإنجاز من توقيع عقد جديد في مايو الماضي يضمن استمراره مع النادي ومكافأته على إعادة البريق للـ”بارتينوبي”.
ويُعد هذا التتويج جزءًا من مسيرة كونتي المليئة بالألقاب، إذ قاد سابقًا يوفنتوس وإنتر ميلان إلى ألقاب الدوري، ويبدو أنه يسير بخطى ثابتة لتكرار التجربة مع نابولي الذي يعيش تحت قيادته مرحلة من الصلابة والانضباط التكتيكي.
ويأتي خلف كونتي مباشرة كل من ماسيميليانو أليجري، المدير الفني الجديد لنادي ميلان، وجيان بييرو جاسبريني مدرب روما، إذ يتقاضى كل منهما 5 ملايين يورو سنويًا.
وشهد الصيف الماضي عودة أليجري إلى ميلان في محاولة لاستعادة الهوية التكتيكية التي اشتهر بها الفريق في العقد الماضي، فيما جاء تعيين جاسبريني في روما بعد موسم مضطرب قاده إلى إعادة بناء الفريق بطريقة أكثر توازناً بين الدفاع والهجوم.
رواتب الطبقة الثانية
وفي المرتبة الثالثة بين أعلى المدربين أجرًا، تظهر مجموعة من الأسماء المتميزة التي تتقاضى 3 ملايين يورو سنويًا، وهم: فينتشنزو إيتاليانو (مدرب بولونيا)، ستيفانو بيولي (فيورنتينا)، وإيجور تودور (يوفنتوس).
أما كريستيان كيفو (مدرب إنتر ميلان) وماوريسيو ساري (مدرب لاتسيو)، فيحصل كل منهما على 2.5 مليون يورو، في حين يتقاضى إيفان يوريتش (أتالانتا) 2 مليون يورو.
وتتراوح رواتب بقية مدربي أندية منتصف الجدول بين 1 و1.4 مليون يورو، أبرزهم باتريك فييرا (جنوى) بـ1.4 مليون، وماركو باروني (تورينو) بـ1.2 مليون.
أما الأسماء الشابة التي تخوض تجاربها الأولى في الكالتشيو مثل سيسك فابريجاس (كومو) وألبرتو جيلاردينو (بيزا) وفابيو بيساكاني (كالياري)، فيتقاضون رواتب متقاربة تبلغ 1 مليون يورو سنويًا.
في المقابل، هناك خمسة مدربين فقط تقل رواتبهم عن المليون، أبرزهم: كارلوس كويستا (بارما – 0.9 م)، كوستا رونجايتش (أودينيزي – 0.8 م)، باولو زانيتي (فيرونا – 0.6 م)، دافيدي نيكولا (كريمونيزي – 0.5 م)، أوزيبيو دي فرانشيسكو (ليتشي – 0.5 م)، وفابيو جروسو (ساسولو – 0.5 م).
نابولي كونتي.. صدارة الأداء والأجور
تُترجم الأرقام المالية الكبيرة في نابولي إلى نتائج ملموسة على أرض الملعب، فمع بداية الموسم الجديد، يخوض الفريق غمار الدوري الإيطالي ودوري أبطال أوروبا بثقة كبيرة، بعد أن عاد للمشاركة القارية إثر تتويجه بالسكوديتو الموسم الماضي.
ومنذ انطلاق الكالتشيو، قدّم نابولي بداية قوية بتحقيق خمسة انتصارات من أصل ست مباريات، كانت على حساب ساسولو، كالياري، فيورنتينا، بيسا، وجنوى، مقابل خسارة وحيدة أمام ميلان في سان سيرو بنتيجة 2-1.
وجمع الفريق 15 نقطة يتصدر بها جدول الترتيب بالتساوي مع روما، متفوقًا بفارق الأهداف. ويبدو أن فلسفة كونتي الصارمة في العمل والانضباط الدفاعي والهجومي أثمرت عن فريق متوازن قادر على المنافسة على كل الجبهات.
أما في دوري أبطال أوروبا، فقد استهل نابولي مشواره بخسارة قاسية أمام مانشستر سيتي بهدفين دون رد، لكنه سرعان ما استعاد توازنه بفوز مهم على سبورتنج لشبونة (2-1)، ليحصد أول ثلاث نقاط له في المجموعة.
إنتر.. تألق أوروبي وتذبذب محلي
أما إنتر ميلان بقيادة كريستيان كيفو، فيعيش موسماً ذا وجهين مختلفين بين البطولة المحلية والمسابقة الأوروبية. ففي دوري الأبطال، بدأ النيراتزوري مشواره بشكل مثالي، بفوز خارج الديار على أياكس أمستردام بهدفين نظيفين من توقيع الفرنسي ماركوس تورام، قبل أن يضيف فوزًا آخر بثلاثية نظيفة أمام سلافيا براج بأقدام لاوتارو مارتينيز (هدفين) ودومفريس (هدف)، وبذلك، سجل الفريق خمسة أهداف دون أن تستقبل شباكه أي هدف، في استمرار لتفوقه الدفاعي الأوروبي الذي ميزه في المواسم الماضية.
لكن على صعيد الدوري الإيطالي، تبدو الصورة أقل استقرارًا؛ إذ تلقى الفريق خسارتين مؤلمتين أمام أودينيزي (2-1) ويوفنتوس (4-3)، مقابل أربع انتصارات أمام تورينو، ساسولو، كالياري، وكريمونيزي، وجمع إنتر 12 نقطة من أصل 18 ممكنة، ليحتل المركز الرابع في جدول الترتيب، خلف الثلاثي المتصدر نابولي وروما وميلان. وسجل الفريق 17 هدفًا مقابل 8 أهداف استقبلها، ما يعكس فاعلية هجومية متزايدة، لكن مع استمرار هشاشة دفاعية محلية لم يعرفها تحت قيادة سيموني إنزاجي سابقًا.
ميلان أليجري.. عودة الهدوء والفعالية
على الجانب الآخر، يعيش ميلان مرحلة من التوازن الفني منذ عودة ماسيميليانو أليجري إلى القيادة الفنية هذا الصيف، حيث يشارك الفريق في الدوري الإيطالي وكأس إيطاليا فقط بعد فشله في التأهل لدوري الأبطال الموسم الماضي.
استهل الروسونيري موسمه بانتصار في كأس إيطاليا على باري بهدفين دون رد، ثم تلقى خسارة مفاجئة في الجولة الأولى من الكالتشيو أمام كريمونيزي (2-1)، قبل أن يستعيد توازنه سريعاً بسلسلة من أربعة انتصارات متتالية على ليتشي (2-0)، بولونيا (1-0)، أودينيزي (3-0)، ونابولي (2-1).
وفي الجولة السادسة، خرج بتعادل صعب أمام يوفنتوس، لكنه أظهر صلابة دفاعية وتنظيماً تكتيكياً مميزاً. كما واصل الفريق مشواره في الكأس بفوز عريض على ليتشي (3-0) في دور الـ32، ليضرب موعداً قوياً مع لاتسيو في ثمن النهائي مطلع ديسمبر المقبل.
وسجل ميلان تسعة أهداف في الكالتشيو حتى الآن، ثمانية منها من اللعب المفتوح، وهدف من كرة ثابتة، بينما يُعد النجم الأمريكي كريستيان بوليسيتش نجم الفريق الأبرز بتسجيله أربعة أهداف وصناعة هدفين، ويحتل الروسونيري حالياً المركز الثالث برصيد 13 نقطة، بفارق نقطتين فقط عن المتصدرين نابولي وروما، ما يعزز موقعه كمنافس حقيقي على اللقب.
الكالتشيو بين المال والميدان
تكشف الأرقام عن مشهد مثير في الدوري الإيطالي هذا الموسم، حيث تتقاطع الرواتب الضخمة مع النتائج الميدانية: “كونتي يتصدر القائمة ماليًا وفنيًا بقيادة نابولي نحو القمة، أليجري يعيد ميلان إلى الاستقرار، جاسبريني ينعش روما بمزيج من الحماس والخبرة، بينما يحاول كيفو في إنتر كسر حاجز التذبذب بين البطولات”.
ويبقى السؤال المطروح: هل سيُترجم التفوق المالي لكونتي وأليجري إلى ألقاب جديدة، أم أن الكالتشيو سيحتفظ بمفاجآته المعتادة حتى اللحظة الأخيرة؟