تراجع غير معتاد .. صلاح يفقد بوصلته في منظومة ليفربول الجديدة – الرياضة نت
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On YoutubeCheck Our Feed

تراجع غير معتاد .. صلاح يفقد بوصلته في منظومة ليفربول الجديدة

لم يكن مشهد خسارة ليفربول أمام تشيلسي بهدف قاتل في الوقت بدل الضائع جديدا على جماهير “الريدز”، لكنه حمل مرارة إضافية لنجم الفريق محمد صلاح، الذي غادر ملعب “ستامفورد بريدج” وهو يدرك أنه أضاع فرصتين ثمينتين لتغيير النتيجة وربما مسار موسمه الشخصي أيضا.

كانت تلك اللحظة تجسيدا لما يعيشه صلاح هذا الموسم: أداء متذبذب، حظ عاثر، وفريق يبدو أنه فقد شيئا من هويته الهجومية التي كانت تُرعب المنافسين قبل عام واحد فقط.

في الأسابيع الأولى من الموسم، اعتاد أنصار ليفربول الاحتفال بحسم المباريات في اللحظات الأخيرة، ثم انقلبت الأمور تماما في آخر أسبوعين.

لقد تعثر الريدز مرتين في لندن ضد كريستال بالاس وتشيلسي، بنفس النتيجة 2-1، وبهدف قاتل في الوقت بدل الضائع.

صلاح، لم يعد منقذ الفريق، ووجد نفسه عاجزا عن كسر النحس. أمام تشيلسي أهدر فرصتين واضحتين للتسجيل، وبدل الإحباط ملامحه وهو يغادر ميدان ناديه السابق مهزوما.

موسم انقلب بالخيبة

في الموسم الماضي كان صلاح أحد أبرز لاعبي العالم، أنهى العام بـ 57 مساهمة تهديفية (34 هدفا و23 تمريرة حاسمة)، وهو رقم لم يسجله غيره في الدوريات الأوروبية الـ5 الكبرى، لكنه جاء رابعا في سباق الكرة الذهبية 2025، ليتواصل سوء التقدير الذي يلاحقه أحيانا.

بدأ صلاح موسم 2025-2026 بشكل مقبول نسبيا، إذ سجل هدفين حاسمين في الوقت القاتل خلال أول خمس مباريات في الدوري، أحدهما من ركلة جزاء أمام بيرنلي. كما أمتع الأنصار بهدف رائع ضد أتلتيكو مدريد في دوري الأبطال، لكن تلك كانت ومضة عابرة وسط أداء باهت عام.

ليفربول فاز في أول 7 مباريات رسمية له بأداء خافت، بينها لقاء كأس الرابطة ضد ساوثهامبتون. كان السؤال حينها: هل سيتغيّر الأداء أولا أم النتائج؟ وجاءت إجابة سريعة وقاسية؛ 3 هزائم متتالية أمام كريستال بالاس وجالطة سراي وتشيلسي، كشفت أن الأزمة أعمق من مجرد سوء حظ.

تراجع غير معتاد

أوضحت أرقام شبكة “أوبتا” أن صلاح فقد بوصلته. عدد لمساته للكرة انخفض من 48.6 لمسة في المباراة الواحدة الموسم الماضي إلى 42.6 هذا الموسم، وهو أقل معدل له منذ انضمامه إلى ليفربول في 2017.

وفي منطقة الجزاء، تراجع معدل لمساته من 9.6 لمسة لكل 90 دقيقة إلى 5.5 فقط – وهو أدنى رقم في مسيرته بقميص الريدز.

وبعد أن كان أحد أكثر المراوغين فاعلية في الدوري، أصبح يحاول 1.6 مراوغة فقط في المباراة بنسبة نجاح لا تتجاوز 20%، مقارنة بـ 3.5 مراوغة بنسبة نجاح 39.3% الموسم الماضي.

وفي البريميرليج تحديدا، أكمل مراوغة واحدة فقط من أصل 11 محاولة… تبدو أزمة ثقة أكثر منها تراجعا بدنيا.

حتى معدله في التسديد انخفض من 3.4 تسديدة لكل مباراة إلى 2.0 فقط، بينما تراجع معدل الأهداف المتوقعة (xG) إلى 0.32 بعد أن كان 0.63 الموسم الماضي.

وبالأرقام المجردة، سجّل صلاح 4 أهداف فقط من 52 تسديدة (باستثناء ركلات الجزاء) في آخر 24 مباراة مع ليفربول. رقم لا يليق بثباته المعتاد.

أين الخلل؟

قد يسهل لوم صلاح، لكن الأرقام تتهم المنظومة الجديدة لليفربول لأنها أساس المشكلة.

فالفريق تغيّر شكلا ومضمونا بعد رحيل ترينت ألكسندر-أرنولد إلى ريال مدريد، وهو اللاعب الذي شكّل مع صلاح واحدا من أكثر الثنائيات فاعلية في كرة القدم الحديثة.

في الموسم الماضي، مرّر ألكسندر-أرنولد إلى صلاح 147 تمريرة كاسرة لخطوط الخصم، وهو رقم لم يقترب منه أي ثنائي آخر في الدوري.

من بين هذه التمريرات، 37 كانت تمريرات تخترق الخط الدفاعي مباشرة – أكثر من ضعف أقرب منافس لهما.

غياب ترينت هذا الموسم ترك فجوة واضحة في الجانب الأيمن، أفقدت صلاح مصدر الإمداد الأكثر دقة وابتكارا.

وحين شارك ترينت بجانبه الموسم الماضي، سجّل صلاح 27 هدفا بمعدل 3.5 تسديدة في المباراة و0.48 هدفا متوقعا من دون ركلات جزاء.

أما في المباريات التي غاب فيها ترينت (12 مباراة خلال الموسمين الأخيرين)، فسجّل صلاح 4 أهداف فقط، 2 منها ركلات جزاء، مع انخفاض معدله إلى 2.3 تسديدة و0.3 هدف متوقع.

حلول غير مكتملة

حاول المدرب آرني سلوت تعويض غياب ترينت بعدة حلول. دومينيك سوبوسلاي، الذي شغل أحيانا مركز الظهير الأيمن، هو أكثر من مرر لصلاح هذا الموسم بـ 23 تمريرة كاسرة لخطوط الخصم، لكنه لا يقدم نفس الجودة أو التفاهم.

الوافد الجديد فلوريان فيرتز مرّر لصلاح 7 تمريرات فقط في 7 مباريات، أما كونور برادلي فقدم 8 تمريرات غير مؤثرة، في حين لم يمرّر جيريمي فريمبونج أي تمريرة كاسرة لصلاح حتى الآن.

ليفربول كفريق ما زال يتصدر الدوري في عدد التمريرات التقدمية (444)، لكنه بات يوزعها على لاعبين أكثر، بينما لم يعد صلاح هو الهدف الأول لتلك التمريرات كالمعتاد.

لقد أراد سلوت تنويع مصادر الخطورة، فأضعف الأثر التهديفي لنجمه الأبرز.

انخفاض في الإبداع

من المفارقات أن صلاح لم يفقد حسه الإبداعي تماما؛ فما زال يصنع الفرص بانتظام.

صحيح أنه بات يصنع 1.6 فرصة في المباراة مقابل 2.1 الموسم الماضي، لكن معدل “التمريرات الحاسمة المتوقعة” (xA) بقي شبه ثابت عند 0.23، كما أن معدل “الفرص الكبرى المصنوعة” لم يتغير تقريبا.

أبرز لقطاته الإبداعية هذا الموسم كانت تمريرته الساحرة إلى ريان جرافينبرش أمام إيفرتون، حين وضعه أمام المرمى بتمريرة متقنة، وكذلك العرضية المقوسة المدهشة إلى ألكسندر إيزاك أمام تشيلسي، والتي كان يمكن أن تُترجم إلى هدف لولا الرعونة في التنفيذ.

من أين يستلم الكرة الآن؟

بدلا من التمركز داخل منطقة الجزاء، أصبح صلاح يستلم الكرة أكثر قرب الخط الجانبي الأيمن في نصف ملعب الخصم، بمعدل 13 لمسة في المباراة في تلك المنطقة – وهو أعلى معدل له على الإطلاق.

بكلمات أخرى، أصبح موقعه أكثر “ثباتا” وأقل تنوعا، ما يجعل قراءته أسهل للمدافعين، ويحدّ من خطورته في العمق.

إضافة إلى ذلك، تراجع عدد التمريرات التقدمية التي يتلقاها، بعدما كان الموسم الماضي أكثر لاعب في الدوري استقبالا لها (297 تمريرة)، متقدما بفارق 74 عن أقرب منافس. هذا الموسم يحتل المركز السادس فقط بـ41 تمريرة، وهو انخفاض واضح يعكس تراجع استهدافه بالكرات العمودية.

من الإنصاف القول إن جدول ليفربول لم يكن سهلا.. خمسة من أصل سبعة خصوم واجههم الفريق حتى الآن يحتلون المراكز الثمانية الأولى في الترتيب، من بينهم نيوكاسل وتشيلسي وكريستال بالاس، ولم يلعب سوى مباراة واحدة ضد فريق من النصف السفلي (بيرنلي).

ومن الطبيعي أن تتأثر أرقام صلاح أمام منافسين بهذا المستوى، لكن التحدي الأكبر سيكون في استعادة ثقته قبل سلسلة المباريات الأسهل التي تنتظره.

كما لا يمكن إغفال الجانب الإنساني، ففي يوليو/تموز الماضي فقد صلاح صديقه وزميله ديوجو جوتا بوفاة مفاجئة هزّت غرفة ملابس ليفربول. دموعه بعد الفوز الافتتاحي على بورنموث، بينما كانت الجماهير تغني أغنية جوتا، كانت لحظة إنسانية مؤثرة كشفت حجم الصدمة التي يعيشها اللاعب.

التصنيفات: الدوري الانجليزي,عاجل