أرنولد وراشفورد يحولان الملحمة الإسبانية إلى ديربي إنجليزي – الرياضة نت
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On YoutubeCheck Our Feed

أرنولد وراشفورد يحولان الملحمة الإسبانية إلى ديربي إنجليزي

في أمسية كلاسيكو غير اعتيادية، ستصطف الجماهير متلهفة لمشاهدة أمر لم يألفه تاريخ مواجهات ريال مدريد وبرشلونة طوال عقودها: مواجهة إنجليزية خالصة على الأطراف.

للمرة الأولى يقف مدافع إنجليزي في صف ريال مدريد مقابل مهاجم إنجليزي في صف برشلونة وجها لوجه. ترنت ألكسندر-أرنولد بقميص ريال الأبيض يحدق عبر المستطيل الأخضر نحو ماركوس راشفورد مرتديا ألوان برشلونة الزرقاء والحمراء، وذلك يوم الأحد المقبل، على ملعب سانتياجو برنابيو في كلاسيكو الدور الأول من الليجا.

إنه مشهد درامي يجمع بين نجمين أعادا إحياء منافسة معتادة لديهم، ولكن هذه المرة تحت سماء إسبانيا وفي أعظم مبارياتها. تبدو الأضواء أكثر سطوعا، والهتافات أكثر صخبا، فهناك شعور عام بأننا على أعتاب فصل تاريخي جديد في قصة الكلاسيكو المجيدة.

موهبة ليفربول

ترعرع ألكسندر-أرنولد في أكاديمية ليفربول كموهبة محلية واعدة، وسرعان ما أصبح أحد أفضل الأظهرة اليمنى هجوميًا في العالم.

يتميز أرنولد بقدرته الفذة على اللعب كصانع ألعاب من موقع الظهير؛ فهو قادر على تنفيذ أي تمريرة يراها كما وصف نفسه ذات مرة.

أرقامه مع ليفربول خير دليل: منذ ظهوره الأساسي في 2018، صنع 63 هدفا لزملائه في الدوري الإنجليزي الممتاز – ثالث أعلى رقم في المسابقة خلال تلك الفترة بعد محمد صلاح وكيفن دي بروين – وبلغ مجموع تمريراته الحاسمة 64، وهو أعلى رقم يسجله مدافع في تاريخ الدوري الإنجليزي.

هذه الإحصاءات المذهلة تؤكد قدرته الإبداعية الاستثنائية التي جعلت منه مهندس الانتصارات في آنفيلد خلال عصر ليفربول الذهبي الأخير.

تمريراته العرضية المتقنة وطولية المدى أصبحت ماركة مسجلة باسمه؛ لا أحد يجاريه في إيصال الكرات إلى منطقة الجزاء بهذا الكم والدقة.

إضافة إلى ذلك، تميّز أرنولد بتنفيذ الركلات الثابتة والركلات الركنية الخطيرة، ما جعله عنصرا أساسيا في خطط ليفربول الهجومية.

على الجانب الآخر، لا يمكن إغفال نقطة الضعف الأبرز لدى ألكسندر-أرنولد: واجبه الدفاعي. رؤيته وتمريراته الذهبية يقابلهما أحيانًا ثغرات في مواقعه الدفاعية، وتعرض للكثير من الانتقادات في إنجلترا بسبب ما يوصف بـ”هشاشته الدفاعية”، خصوصًا في المواجهات الفردية أمام الجناحين السريعين.

الأرقام تدعم هذا التقييم؛ فمنذ أول مباراة له في الدوري الإنجليزي تم مراوغته بنجاح 296 مرة، أي بفارق أكثر من 100 مراوغة عن أي لاعب آخر في نفس الفترة.

لكن مساهماته الهجومية، أغرت ريال مدريد بالتعاقد معه بحثا عن ظهير عصري يصنع الفارق في الأمام. بالفعل، لم يتردد النادي الملكي في ضمه.

فتى مانشستر الذهبي

أما ماركوس راشفورد، فهو ابن وفيّ لناديه الأم مانشستر يونايتد. فتى مانشستر الذي انطلق كالصاروخ في ظهوره الأول العام 2016، حين سجل ثنائية مذهلة في أول مباراة له وأتبعها بثنائية أخرى أمام آرسنال في غضون أيام.

يمتاز راشفورد بسرعته العالية وانطلاقاته في المساحات خلف الدفاع، إلى جانب قدرته على إنهاء الهجمات بلمسة قاتلة عند التركيز. شهد موسم 2022-2023 قمة عطائه بتسجيله 30 هدفًا في جميع المسابقات مع يونايتد، ما جعله أحد أبرز مهاجمي أوروبا في ذلك العام.

بيد أن مشوار راشفورد عرف تعرجات غير متوقعة. فقد عانى في الموسمين التاليين من تراجع في المستوى والثقة، ولم يسجل سوى 19 هدفا فقط خلال عامين، أربعة منها كانت خلال إعارة قصيرة لأستون فيلا.

تأثر تركيزه وربما حالته النفسية في ظل انتقادات الإعلام، حيث تحولت عناوين الأخبار من إنجازاته الخيرية إلى أحاديث عن حياته الاجتماعية الصاخبة، ووجد راشفورد نفسه فجأة لاعبا مهمشا في خطة المدرب الجديد في يونايتد، البرتغالي روبن أموريم.

وإدراكا منه لحاجته إلى تحدٍ جديد يعيد بريقه، رحّب راشفورد بعرض برشلونة الذي جاء كطوق نجاة ومساحة لإعادة اكتشاف الذات، حيث انتقل إلى النادي الكاتالوني على سبيل الإعارة مع خيار شراء غير إلزامي.

أسلوب لعب راشفورد يمكن وصفه بأنه مهاجم جناح يجمع بين السرعة والمهارة الفنية والقدرة على التسجيل، يتألق في المرتدات وفتح المساحات، ويجيد التسديد بكلتا القدمين. كما أنه قادر على اللعب على الجناحين أو كرأس حربة عند الحاجة، ما يمنحه مرونة تكتيكية لفريقه.

لكن نقطة الضعف الأبرز في مسيرته كانت تذبذب المستوى وضعف عنصر الثبات. فبعد انطلاقته النارية، عانى فترات فقد فيها الفعالية والثقة. مدربه الحالي في برشلونة هانز فليك ألمح إلى هذه المسألة حين أشاد بموهبته ووصف قدراته بأنها “لا تُصدّق” لكنه رهن تألقه بقدرته على استعادة انتظامه وثقته المفقودة.

تلك الثقة المفقودة هي ما يسعى راشفورد لإيجادها في إسبانيا؛ اللاعب الذي تألق في بداياته مع النادي والمنتخب يحتاج الآن لإثبات أن ما حدث كان كبوة عابرة، وأن لديه ما يكفي من العزيمة لإعادة اكتشاف هداف مخيف يهابُه المدافعون.

عراقة محلية بطابع عالمي

لطالما كان كلاسيكو إسبانيا ساحة لصراع تتجاوز نتائجه حدود الملعب إلى معترك التاريخ والهوية. هذا اللقاء الذي يجمع قطبي الكرة الإسبانية ريال مدريد وبرشلونة ظل لعقود عنوانًا للصراع الرياضي الأشهر في العالم، وارتبط دومًا بأسماء أسطورية طبعت تاريخ الناديين ومعظمها من الإسبان أو النجوم الذين تبنوا الثقافة الإسبانية الكروية.

الطابع الإسباني كان الغالب على ملامح الكلاسيكو فنيا وإعلاميا؛ فهو لقاء يعكس تنافس مدرستين كرويتين داخل إسبانيا – المدرسة الكتالونية التي تجسدت بفلسفة التيكي تاكا والاستحواذ مع نجوم مثل تشافي وإنييستا، والمدرسة المدريدية الملكية التي مزجت بين الفنيات العالية والواقعية الهجومية مع رموز مثل راؤول وسيرجيو راموس.

لكن المثير في كلاسيكو 2025 أننا أمام فصل قد يكسر هذه القاعدة المألوفة. وجود ثنائي إنجليزي بارز كأرنولد وراشفورد، يضاف إليهما النجم جود بيلينجهام في صفوف ريال مدريد، يضخ دماء جديدة وغير معهودة في عروق الكلاسيكو.

فعلى امتداد التاريخ، نادرا ما وُجد لاعبون إنجليز في صفوف أي من الفريقين في آنٍ واحد، ولم يحدث قط أن تواجه إنجليزيان مباشرة في الكلاسيكو الإسباني، وآخر مرة شهد فيها برشلونة لاعبا إنجليزيا بارزا تعود إلى قرابة 39 عاما حين لعب جاري لينيكر في أواخر الثمانينات، بينما مر على ريال مدريد عدد محدود من الإنجليز البارزين أبرزهم ديفيد بيكهام ومايكل أوين.

هذا التحول ألقى بظلاله على الإعلام البريطاني الذي بات يتابع تفاصيل الكلاسيكو بكثب غير معتاد. الصحف الإنجليزية الرئيسية أفردت مساحات واسعة للحديث عن هذا اللون الإنجليزي الجديد في الدوري الإسباني.

ولم يعد الأمر مقتصرا على اهتمام الصحف الإسبانية وحدها؛ فالصحافة الإنجليزية وجدت مادة دسمة في متابعة تطور راشفورد في برشلونة وتأقلم أرنولد مع ريال مدريد، بل ومقارنات مع فترات سابقة لنجوم بريطانيين في إسبانيا.

يُذكر أن الإنجليزي لوري كانينجهام عندما لعب لريال مدريد العام 1980، قدم أداء ساحرا في “كامب نو”، نال على إثره تصفيق جمهور برشلونة واقفا احترامًا لموهبته

نكهة جديدة

وجود أرنولد وراشفورد في الكلاسيكو يضفي لونا تكتيكيا وإعلاميا مختلفا. فإلى جانب جذب انتباه الإعلام الإنجليزي، أخذت جماهير إنجلترا تنخرط في نقاشات الكلاسيكو وكأنه امتداد لديربي إنجلترا بين ليفربول ومانشستر يونايتد.

وسائل التواصل الاجتماعي في بريطانيا ضجّت بالتعليقات فور تأكيد انتقالهما: هل سينتصر ترينت كما اعتاد مع ليفربول أم ينتقم راشفورد هذه المرة بقميص برشلونة؟

تساؤلات كهذه غزت تعليقات المشجعين. حتى أن بعض جماهير ليفربول أبدت مرارة لرؤية ابن النادي في قميص مدريد الملكي، وقد وصل الأمر إلى إطلاق صيحات الاستهجان ضده في آخر ظهور له بأنفيلد بعد إعلان رحيله.

وعندما سجل راشفورد مؤخرا ثنائية لبرشلونة أمام نيوكاسل في دوري الأبطال، عجّت منصات الإنترنت بتعليقات لمشجعي يونايتد يعبّرون عن الحسرة على فقدانه ويسألون كيف فرّط النادي به.

لكن مشاركة اللاعبين الإثنين في المباراة المقبلة غير مضمونة، خصوصا وان ألكسندر-أرنولد، يسابق الزمن للتعافي من إصابة، وفي كل الأحوال، فإن الجمهور الإنجليزي سيجد نفسه مشدودا ومنحاز ولو لمرة وحيدة، لمنافسات الليجا على حساب البريميرليج.

التصنيفات: الدوري الاسباني,عاجل