رغم البيانات المقتضبة ومحاولات إغلاق الملف مبكرًا، يظل المشهد مفتوحًا على احتمالات عديدة فيما يتعلق بمقعد المدير الفني للمنتخب السعودي في بطولة كأس العالم 2026.
الفرنسي هيرفي رينارد، المدير الفني للمنتخب السعودي، يواجه خطر الرحيل عن منصبه بدون أدنى شك، خاصة بعد الخروج الصادم أمام الأردن، بهدف دون رد، في الدور نصف النهائي من بطولة كأس العرب 2025 بقطر.
وخرجت تقارير صحفية عدة لتؤكد احتمالية التخلص من المدرب الفرنسي، بعد انتقادات وهجوم مستمر سواء من الجماهير أو الإعلام، ولكن رينارد أعرب عن ثقته في إمكانياته، موضحًا أن النتائج السيئة والإقالة جزء من كرة القدم.
وبعد سلسلة من التقارير المتضاربة، قررت إدارة الإعلام والاتصال بالاتحاد السعودي لكرة القدم، حسم مستقبل المدير الفني الفرنسي، حيث نفت جميع الأنباء المتداولة حول رحيله، على أن يستمر على رأس الجهاز الفني للأخضر حتى نهائيات كأس العالم.
وعلى الرغم من ذلك، فتبقى جميع الاحتمالات واردة، في الوقت الذي ازداد فيه الحديث عن عدة مرشحين لقيادة “الأخضر”.
مرشحون بالجملة
شهدت الفترة الأخيرة، خروج العديد من الأنباء حول تولي مهمة المنتخب السعودي خلال الفترة المقبلة، يأتي على رأسها البرتغالي جورجي جيسوس، المدير الفني للنصر، والإيطالي سيموني إنزاجي، مدرب الهلال.
إضافة إلى اليوناني جورجوس دونيس، مدرب الخليج، بجانب البرتغالي جوزيه جوميز، المدير الفني للفتح، فضلاً عن الألماني ماتياس يايسله، مدرب أهلي جدة.
غير ذلك، فإن الجزائري نور الدين زكري الذي سبق وأن تولى تدريب عدة أندية، أكد أن الاتحاد السعودي لكرة القدم، يفكر في التعاقد معه خلال الفترة المقبلة.
نفي لا يعني الاستمرار
خروج إدارة الإعلام والاتصال بنفي أنباء التخلص من رينارد، لا يعني استمراره بنسبة كبيرة على رأس القيادة الفنية، فجميع الاحتمالات واردة، خاصة وأن “الأخضر” مقبل على مرحلة صعبة مليئة بالتحديات.
وبالعودة إلى الوراء، تكشف الذاكرة الكروية أن المنتخب السعودي ليس غريبًا على القرارات المفصلية المفاجئة، إذ سبق له أن خاض غمار كأس العالم بقيادة مدرب مختلف عن ذلك الذي حمله بطاقة العبور إلى المونديال.
وسبق وأن حدث ذلك في 4 مناسبات سابقة، حيث بدأ الأمر في 1994، حيث تمكن البرازيلي كاندينو من خوض التصفيات بأكملها، ولكن قبل المباراة الأخيرة تم الاستعانة بالمدرب الوطني محمد الخراشي.
الأثارة لم تتوقف عند هذا الحد، حيث تم التعاقد مع الهولندي ليو بينهاكر خلال التحضيرات للمونديال، قبل أن يقال بعد شهرين من تعيينه، ليتولى المهمة بعد ذلك الأرجنتيني خورخي سولاري الذي قاد المنتخب لإنجاز غير مسبوق لم يتكرر ببلوغ دور الـ16.
في تصفيات مونديال 1998، قاد البرتغالي فينجادا المنتخب السعودي قبل إقالته في الجزء الأخير من المرحلة الثانية، ليخلفه الألماني أوتو فيستر الذي أشرف على “الأخضر” في عدة بطولات، دون أن يقوده في كأس العالم، حيث تولى البرازيلي كارلوس ألبرتو بيريرا المهمة في النهائيات.
أما في تصفيات مونديال 2002، فبدأ المنتخب السعودي المشوار بقيادة الصربي سلوبودان سانتراش، قبل أن يتولى ناصر الجوهر المهمة فيما تبقى من التصفيات، لينجح في قيادة بلاده إلى كأس العالم ويستمر على رأس الجهاز الفني حتى نهاية دور المجموعات.
وفي تصفيات مونديال 2006، بدأ المنتخب السعودي المشوار بقيادة ناصر الجوهر، قبل أن يتولى الأرجنتيني كالديرون المهمة ويقود “الصقور” بنجاح، لكنه أُقيل عقب نتائج بطولة غرب آسيا في الدوحة، ليُسند المنصب لاحقًا إلى البرازيلي باكيتا الذي قاد المنتخب في مونديال ألمانيا.
وتكرر السيناريو مع الهولندي بيرت فان مارفيك، الذي قاد السعودية بنجاح إلى مونديال 2018 وأعاد المنتخب لواجهة كأس العالم بعد غياب طويل، لكنه لم يرافقه في روسيا، بعدما تمت إقالته والتعاقد مع الإسباني خوان أنطونيو بيتزي.
أكثر من مجرد صعود
في ظل طموحات تتجاوز مجرد الظهور المشرف أو حجز بطاقة العبور، يعيش الشارع الرياضي السعودي حالة ترقّب متصاعدة، بالتوازي مع قلق واضح داخل أروقة اتحاد كرة القدم، بحثًا عن هوية المدير الفني القادر على قيادة “الأخضر” في المرحلة المقبلة.
التحدي هذه المرة لا يقتصر على التأهل فحسب، بل يتمثل في الوصول إلى أبعد مدى ممكن في البطولة المونديالية، وكتابة فصل جديد يليق بحجم التطلعات والإمكانات المتاحة.
وسبق وأن أكد رينارد نفسه، أنه يسعى للوصول إلى نقطة بعيدة في المونديال، ولكن السقوط في كأس العرب، قد يتسبب في عدم استمراره والاستعانة ببديل آخر، من أجل تحقيق الطموحات الجماهيرية.
من الأنسب لقيادة المنتخب السعودي؟
يأتي جيسوس في مقدمة الأسماء المتداولة، لما يقدمه من كرة هجومية ممتعة وشخصية فنية قوية، إلا أن أسلوبه القائم على الاندفاع الكبير والمخاطرة الهجومية قد لا يخدم المنتخب في بطولة بحجم كأس العالم، حيث تتطلب المواجهات توازنًا أكبر وحسابات أدق أمام مدارس كروية متنوعة وقوية.
وتحدث جيسوس عن الأمر في وقتٍ سابق، قائلاً: “أنا ملتزم بمشروعي مع النصر ولا أفكر في أي شيء حول هذا الأمر، ولكن لا أعرف ما سيحدث مستقبلا”.
في المقابل، يبرز إنزاجي كخيار أكثر اتزانًا، بعدما نجح مع الهلال في خلق معادلة واضحة بين الصلابة الدفاعية والفعالية الهجومية، وهو ما يمنحه أفضلية نسبية، خاصة في البطولات القصيرة التي تعتمد على التفاصيل الصغيرة وإدارة المباريات بذكاء.
أما يايسله، فيبقى الاسم الأبعد في الوقت الحالي، رغم تطوره الملحوظ وقدرته على بناء فرق شابة ومنظمة، إلا أن حداثة تجربته نسبيًا على مستوى الاستحقاقات الكبرى قد تجعل حظوظه أقل، في حال قرر الاتحاد السعودي لكرة القدم إحداث تغيير على رأس الجهاز الفني للأخضر.
خيارات واردة
رغم تداول أسماء مثل جوميز أو دونيس، فإن تولي أحدهما قيادة المنتخب السعودي يبقى أمرًا صعبًا في الوقت الحالي، رغم الترشيحات المستمرة.
السبب يعود أساسًا إلى أن التجربة المونديالية تتطلب خبرة واسعة وإلمامًا بالتحديات الكبرى، وهو ما يجعل الاتحاد السعودي يميل غالبًا إلى الاستعانة باسم كبير أو مدرب سبق له قيادة منتخبات وطنية.
في هذا السياق، يبرز المغربي الحسين عموتة كأحد المرشحين القادرين على قيادة الأخضر، خاصة بعد أن رشحه صالح المطلق نجم الكرة السعودية سابقًا، لما يتمتع به من خبرة إدارية وفنية، وقدرة على التعامل مع ضغوط الاستحقاقات الدولية، وهو ما قد يجعل الاختيار في النهاية يميل نحو من يملك المزيج الأمثل بين الخبرة والقدرة على إدارة اللاعبين والمنافسات الكبرى.
وسبق وأن علق جوميز على الأمر، قائلاً: “كل الدعم للمدير الفني الحالي للمنتخب السعودي، ولكن شرف لي أن يرتبط اسمي بهذا المنصب الكبير”.
أما دونيس، فتحدث عن الأمر، قائلاً: “أشعر بفخر كبير بشأن ترشيحي لهذه المهمة، فالسعودية تمتلك لاعبين على أعلى مستوى”.
وتبقى جميع الخيارات مطروحة أمام الاتحاد السعودي خلال الفترة المقبلة سواء بتعيين مدير فني صاحب سيرة ذاتية كبرى أو تعيين الاستعانة بخيار آخر خارج الصندوق.



