أثبت مدرب مانشستر سيتي بيب جوارديولا، أنه لا يزال يمتلك الكثير في جعبته لقيادة فريقه إلى الانتصارات، بعد الفوز الساحق الذي حققه على ضيفه ليفربول (3-0) مساء الأحد، ضمن الجولة الحادية عشرة من الدوري الإنجليزي الممتاز.
الانتصار الذي جاء بعد هيمنة شبه مطلقة، كان برهانا على أن مانشستر سيتي سيظهر خلال الموسم الحالي بشكل مغاير عما ظهر عليه في الموسم الماضي. وبعد أن قلص الفارق مع المتصدر آرسنال إلى 4 نقاط، نستطيع القول أن “السيتيزينز” سينافس بشراسة على لقب الدوري هذا الموسم.
جاءت هذه النهضة في أداء مانشستر سيتي، بعد بداية بطيئة بعض الشيء في أغسطس/آب، حيث أبدى جمهور الفريق تخوفهم من إمكانية تكرار نكسات الموسم الماضي، لكن جوارديولا حافظ على تماسك لاعبيه، وزاد من انسجام اللاعبين الجدد في الفريق، لتتحسن النتائج، مستفيدا من عدة عوامل نوجزها في سياق التقرير التالي:
الصفقة الأهم
بالنظر إلى الصفقات العديدة التي أجراها مانشستر سيتي على مدار الأشهر الـ12 الأخيرة، يمكن القول بأن حارس المرمى الإيطالي جانلويجي دوناروما يعتبر أهم إضافة إلى تشكيلة الفريق هذا الموسم.
صحيح أن دوناروما لا يحتل مراكز متقدمة على لوائح أكثر الحراس قياما بالتصديات أو أكثر الحراس حفاظا على نطافة شباكهم في المسابقة هذا الموسم، بيد أن ذلك يرجع جزئيا للمشاكل التي عانى منها الدفاع في بداية الموسم، خصوصا في ما يتعلق بالإصابات والغيابات.
حافظ دوناروما على نظافة شباكه في 4 مباريات هذا الموسم من أصل 8 مباريات شارك فيها، وقام بـ15 تصديًا ناجحًا، علما بأن شباكه تلقت 4 أهداف فقط.
لا يوجد مجال للشك في أن الحصول على خدمات دوناروما، كان بمثابة “ضربة معلم” لمانشستر سيتي، استثمارا للخلافات التي دبت بين الحارس الإيطالي وفريقه السابق باريس سان جيرمان ، يمتلك النجم الإيطالي خبرة على أعلى مستوى، بعدما قاد المنتخب الإيطالي للقب “يورو 2020″، وساهم في فوز “بي اس جي” بلقب دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي بعد أداء أسطوري.
والأهم من ذلك، أن وجود دوناروما يمنح زملاءه الثقة المطلوبة، بعد فترة قصيرة تولى فيها الحارس الجديد الآخر جيمس ترافورد مهمة حماية مرمى مانشستر سيتي، دون أن يقدم النتائج المطلوبة.
فودين.. عودة في الوقت المناسب
بينما استحوذ النرويجي إيرلينج هالاند على عناوين الصحف هذا الموسم بفضل إنجازاته التهديفية المذهلة، يبقى فيل فودين جزءا أساسيا من تلك “الموهبة الهجومية” في الخط الأمامي.
مع مانشستر سيتي، فقد خرج فودين من ظل كيفن دي بروين، الذي غادر النادي في الصيف بعد مسيرة أسطورية، فيما أتاحت الإصابات التي تعرض لها كل من عمر مرموش وريان شرقي في بداية الموسم الحالي، فرصة لفودين ليثبت أحقيته بالمركز الأساسي.
وبعد بداية متعثرة، خسر رجال جوارديولا مباراة واحدة فقط في آخر 14 مواجهة بجميع المسابقات، وشارك فودين في 12 منها، بعدما أبدى استعداده الدائم للعب – “وهي إشارة إلى أنه جاهز”، وفقًا لما قاله مدربه.
كان الموسم الماضي مؤلما بالنسبة إلى فودين الذي خسر مكانه الأساسي، متأثرا من عدة عوامل، بيد ان بدأ يستعيد مستواه الحقيقي خلال الموسم الحالي، حيث قدم أداء رائعا في الفوز على بوروسيا دورتموند الأسبوع الماضي ضمن منافسات دوري أبطال أوروبا.
هالاند.. الماكينة التهديفية
خلال المباراة أمام ليفربول، رفع هالاند رصيده إلى 14 هدفا في 11 مباراة بالدوري هذا الموسم، حيث سجل هدفا جميلا محا من خلاله حقيقة إهداره لركلة جزاء في وقت سابق من اللقاء.
المميز في هالاند هذا الموسم، هو قيامه بالعديد من الأدوار الدفاعية، وعودته إلى الوراء لمحاولة افتكاك الكرة، رغم أنه مهاجم صخم البنية يفضل بالأساس التمركز داخل منطقة الجزاء.
هالاند هو نجم المرحلة في مانشستر سيتي، وبات من المرشحين المبكرين للمنافسة على الجوائز الفردية في العام المقبل، خصوصا وأن في طريقه لقيادة منتخب بلاده لبلوغ نهائيات كأس العالم، للمرة الأولى منذ نسخة العام 1998 في فرنسا.
وإذا ما حافظ هالاند على مستواه، وبقي بعيدا عن الإصابات، فإن فرصة تحطيمة للأرقام القياسية على مستوى التهدبف هذا الموسم تبقى قوية، خصوصا إلى ظل معدله التهديفي فوق هدف واحد في المباراة الواحدة كما هو الحال الآن.
تعويض رودري
قد يعود نجم الوسط رودري في أي وقت الآن مع تعافيه من الإصابة الجديدة، بيد أن عودته إلى التشكيل الأساسي لن تكون بلا منافسة.
عانى مانشستر سيتي كثيرا من غياب رودري طوال الموسم الماضي، بسبب إصابته بقطع في الرباط الصليبي للركبة، ويبدو أن مانشستر سيتي حريص للغاية على الوضع البدني للاعب الإسباني الذي عاد هذا الموسم ليتعرض لإصابات أخرى.
في منتصف الماضي، تعاقد مانشستر سيتي مع لاعب الوسط الإسباني نيكو جونزاليس، من أجل تعويض الفراغ الناتج عن غياب رودري، خصوصا وأن لاعبين آخرين أمثال إلكاي جوندوجان وماتيو كوفاسيتش يتمتعان بنزعة أكبر للتقدم إلى الأمام، قد لا تناسب الدور المطلوب في هذا المركز الحساس.
احتاج جونزاليس لوقت كبير من أجل تثبيت قدميه مع مانشستر سيتي، قبل أن يكشف عن تأقلمه التام هذا الموسم، من خلال أداء ناضج، توجّه بهدف في شباك ليفربول مساء الأحد.
يقوم جونزاليس بدوره كلاعب ارتكاز على أكمل وجه، وبات من العناصر المفضلة بالنسبة إلى جوارديولا، ورغم أن استمراريته كلاعب أساسي قد لا تدوم مع عودة رودري، يعلم سيتي أن هذا المركز في وسط الملعب بيدو في أمان.
عوامل أخرى
هناك الكثير من العوامل الأخرى التي أدت إلى تحسن نتائج مانشستر سيتي هذا الموسم، أهمها نجاح التعاون الدفاعي المثمر بين روبن دياز وجوسكو جفارديول في عمق الخط الخلفي، بيد أن استثمار جوارديولا لقدرات لاعبيه المتنوعة، يعد درسا فنيا لبقية المنافسين.
ثبت جوارديولا لاعبه الشاب نيكو أورايلي كظهير أيسر، وحول لاعب الوسط البرتغالي ماثيوس نونيز إلى ظهير أيمن، فاستمتع اللاعبان ببداية موسم مبشرة، في وقت تم فيه استدعاء أورايلي إلى تشكيلة المنتخب الإنجليزي.
وتمكن المدرب الإسباني أخيرا، من استخراج الأفضل من الجناح جيريمي دوكو، الذي كان نجم سيتي في مباراة ليفربول، وتوصل لقناعة بأن مرواغات اللاعب البلجيكي في المساحات الضيقة، تمنح مانشستر بعدا هجوميا مختلفا.
كما بدأ بيرناردو سيلفا يفهم ما هو مطلوب منه كقائد للفريق، خصوصا بعد رحيل دي بروين، كما بدأ اللاعب الجديد ريان شرقي يثبت قيمته الفنية بعد فترة عانى خلالها من الإصابة.
ومع وجود كل هذه التحسينات، إلى جانب أوراق ترغب في إثبات قيمتها أيضا مثل تيجاني رايندرز وماتيو كوفاسيتش وسافينيو وريكو لويس وعمر مرموش وأوسكار بوب، فإن مدرب آرسنال ميكيل أرتيتا يدرك تماما أن مانشستر سيتي قادم لمحاولة انتزاع الصدارة منه، وهو ما بدا قبل شهر أمرا صعب التحقيق.



